قلق في لبنان: ماذا لو كُشفت بصمات إسرائيلية في حادثة مق تل الرئيس الإيراني
بداية، نسارع إلى القول إن مقتل الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي لن ينعكس سلباً او إيجاباً على الساحة اللبنانية، إلا اذا كُشفت من خلال التحقيقات التي تجريها السلطات الإيرانية بصمات إسرائيل في حادثة سقوط المروحية الرئاسية وهي عائدة من الحدود الأذربيجانية.
في هذه الحالة سيكون من الصعب جدا إخفاء الامر في الداخل الإيراني مهما حاولت ذلك أجهزة النظام. فالقضية في هذه الحالة ستكون كبيرة جداً، الى حد انه يستحيل التملص من الموضوع كما لو كان القتلى هم أشخاص من مرتبة متدنية او متوسطة.
طبعاً نحن لا نتحدث عن الاحتمال الآخر المطروح، ونعني به أن تكون هناك بصمات إيرانية من داخل النظام. وأن يكون الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان لقيا حتفهما في اطار تصفيات الصراع على خلافة المرشد علي خامنئي.
ماذا لو وجدت بصمات الموساد؟ ماذا عن لبنان؟ هل يمكن ان تبقى الساحة اللبنانية بمنأى عن مضاعفات مقتل الرئيس الإيراني؟ طبعاً لا. الفارق كبير بين أن تكون مروحية الرئيس الإيراني تحطمت نتيجة عطل تقني أو سوء أحوال جوية، وبين أن تكون جهة خارجية لا سيما إسرائيل المحكومة من تيارات متطرفة مغامرة دبرت اغتياله مع صحبه. في هذه الحالة لا شك في أن العواقب ستكون وخيمة، وتنذر بنشوب مواجهة كبيرة على مستوى الإقليم باسره.
و لبنان سيكون في قلب المواجهة. فالساحة اللبنانية محكومة بشكل تام من قبل “حزب الله” الذي حلّ في مكان ما محل الحكومة، وعطّل مجلس النواب، وفرض فراغاً على مستوى رئاسة الجمهورية. ويستغل الحزب المذكور حرب غزة من أجل قضم ما تبقى من هوامش الدولة اللبنانية في الجنوب وفي كل مكان.
والواقع ان القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية باتت تمارس دور الرديف الأمني المحلي تاركة بقرار سياسي لبناني الساحة السيادية لـ”حزب الله” الذي قبض بفعل استسلام المستوى السياسي والقيادي في البلاد على معادلة الحكم بالسياسة والامن.
إذا تبيّن أن لإسرائيل اصبعاً في مقتل رئيسي سيكون لبنان كبقية الساحات الإقليمية التي امسكت بها ايران منصة شديدة الحساسية والخطورة. فهو اقرب الساحات الى اسرائيل، وربما اكثرها ايلاماً متى صدر القرار بالمواجهة الواسعة. و”حزب الله” فصيل لا يتجزأ من تركيبة “فيلق القدس”، وامرته النهائية في اللحظات المفصلية تنبع من طهران أولاً وأخيرا.
ولدينا خير مثال على ما نقول في حرب “المشاغلة” الدائرة منذ حوالى 225 يوماً، حيث لم يلتفت الحزب المذكور الى مناشدات اللبنانيين، والمجتمع الدولي، بتجنيب لبنان شرب كأس حرب مُرّة جديدة. لا بل رفض علناً المبادرات الدولية وآخرها الفرنسية التي قُدمت له عبر الحكومة اللبنانية، معتبراً أن لا بحث ولا كلام قبل انتهاء حرب غزة.
إن القلق اللبناني من تداعيات حدث يحصل في الخارج مرده إلى انهيار منطق الدولة، وهيمنة منطق الميليشيا على بلد متنوع بتركيبته، ومهيأ لانفجار نزاعات داخلية خطيرة للغاية إذا ما حدث اهتزاز خطير على صعيد المنطقة.
وفي حالة الصراع الإيراني- الإسرائيلي سيكون لبنان حتماً ساحة نزال متقدمة بين الطرفين. وهنا نقول، لا خلاص لما تبقى من لبنان واحد سوى بإعلان حياد لبنان. المصدر: النهار