فرنجية لـ باسيل: جدّي “أقوى” من عمّك
“ليبانون ديبايت” – محمد المدني
هي المرة الأولى التي يظهر بها رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بهيئة المرشّح غير المبالي بمصيره الرئاسي. فعلى عكس ما توقّعه البعض، خرج فرنجية أول من أمس بتصريحات هي الأكثر حدّة تجاه خصومه، وتحديداً “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” بشخص رئيسهما سمير جعجع وجبران باسيل.
إستغرب البعض أن يقوم مرشح لرئاسة الجمهورية بالتصعيد ضد خصومه السياسيين فيما هو بحاجة لهم، إذ أنه حتى لو اعتبر فرنجية أن لديه الميثاقية الدستورية، إلاّ أنه يبقى نظرياً بحاجة لدعم فريق مسيحي للعبور نحو القصر، وهذا ما بات من المستحيل حصوله.
خصّص فرنجية مقابلته الإعلامية لأمرين رئيسيين، الأول هو الدفاع عن نفسه، والثاني هو الدفاع عن “المقاومة”. دون أن ينسى تأكيده عدم نيّته الإنسحاب من السباق، حتى لو طلب منه فريقه ذلك.
لكن ماذا يعني تصعيد فرنجية في هذا الوقت تحديداً، وهل هو فعلاً غير مبالٍ لمصير ترشيحه؟
يعتبر مراقبون، إنه بالعكس فإن أداء فرنجية في مقابلته الأخيرة يدخل في صلب دفع معركته إلى الأمام. فلا بدّ أولاً من الإعتراف لسليمان فرنجية بصراحته وعدم اعتماده أسلوب اللعب على المواقف لاسترضاء الجميع، فيسمع كل طرف ما يعجبه كما يفعل العديد من المرشحين. وهذه الشفافية والجرأة في المواقف تخدم ترشيح فرنجية، خلافاً لرأي من يعتبرونها مضرّة مع الأطراف التي يجب استرضاءها. فيوم الحساب، وفيما لو أتت التسوية النهائية لصالحه، فإن هذه الصدقية عند فرنجية تطمئن أي فريق ممكن أن يعيد النظر في موقفه ويودّ الإنضمام إليها.
ولهذا السبب، لم يحد سليمان فرنجية عن جرأته المعهودة والتي يعترف له بها خصومه قبل حلفائه، وهو يعلم أن وصوله إلى الرئاسة بعد سنة ونصف على الفراغ لن يكون ممكناً من دون تسوية كبرى سيفيدها أكثر قوة وثقة الجميع بالتزام فرنجية بتفاهماتها، بدلاً من استرضاء الأطراف وعقد تفاهمات ظرفية معها ومن ثم الإنقلاب عليها كما حصل في عهد الرئيس ميشال عون قبله.
النقطة الثانية الأبرز في حوار المرشح فرنجية، هي في دفاعه عن نفسه في موضوع هويته المسيحية إنتماءً وتجذّراً وإيماناً ومشروعيةً، في ردّ مباشر على رئيس “التيار الوطني الحر” الذي يغمز دائماً من باب عدم كونه مرشحاً ذات شرعية مسيحية. وقد أصاب فرنجية باسيل إصابات مباشرة حين استذكر تجربة جدّه الرئيس سليمان فرنجية الوطنية وتجارب الرئيس عون السابقة عندما كان رئيساً للحكومة الإنتقالية، ومن ثم عندما كان رئيساً للجمهورية، وقارن بين من حافظ على المسيحيين وحماهم في أصعب الظروف، ومن تسبّب بنتائج كارثية على الوجود المسيحي ودوره وفعاليته.
وما قصده سليمان فرنجية بهذه المقاربة، هو ضرب نظرية “الرئيس القوي” التي لطالما روّج لها “التيار الوطني الحر”، فيما كانت نتائجها وخيمة على المسيحيين، بينما ما هو مطلوب هو قوة الرئيس في الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى التفاهمات والثقة والتوافق، وهي عناصر نجاح أي عهد رئاسي، وهي تحديداً ما فشل بها الثنائي عون – باسيل في إدارتهم للعهد الرئاسي السابق.
خرج فرنجية من مقابلته مرتاحاً لما حقّقه، فهدفه كان إقفال كل الثغرات التي حاول خصومه فتحها في مواجهته، ورغم طمأنته لهم بأنه سيكون رئيساً للجميع ولن يتصرّف بخلفية إنتقامية تجاههم، بل بالعكس سيتمتّعون بكامل حقوقهم انطلاقاً من أحجامهم في عهده، إلا أنه لم يبدِ أي إشارة ضعف قد يفسّر أنها لاستجداء تأييدهم، إذ أن تركيزه وعيونه بقيت فعلياً على التسوية الخارجية الكبرى التي وحدها يمكنها أن تأتي به رئيساً، أو تقفل أبواب بعبدا نهائياً في وجهه.