اقتصاد

صندوق تعويضات المعلمين أمام كارثة كبرى

“النهار”- ابراهيم حيدر

يعاني صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة من أزمات تهدد وجوده واستمراريته كصمام أمان للأساتذة الذين يحالون إلى التقاعد. الأمر لا يقتصر على مشكلة تأمين رواتب المعلمين المتقاعدين أو التعويضات التي لا تتخطى الـ150 مليون ليرة بعد خدمة 30 سنة بل في التدخل السياسي الذي يطبق على هذه المؤسسة ويحجز مشاريع تطويرها أو أقله تمكنها من ممارسة مهماتها بلا وصاية.

قبل نحو ثلاثة أشهر رعت وزارة التربية اتفاقاً بين اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ونقابة المعلمين وصندوق التعويضات يشكل مخرجاً موقتاً للخلاف الذي نشأ بعد رد رئيس الحكومة قانون التعويضات إلى مجلس النواب، ويقضي بتأمين مبلغ 60 مليار ليرة شهرياً لتغطية دفع المعاشات التقاعدية مضاعفة 6 مرات لمن يتقاضاها من صندوق التقاعد. وعلى الرغم من تخلف عدد من المدارس عن تنفيذ الاتفاق، عادت غالبيتها والتزمت بصيغته التي وافق عليها مجلس الوزراء.

لكن هذا الاتفاق ليس بديلاً للقانون المعلق، وسيؤدّي إن لم يقر مجلس النواب قانوناً جديداً معدلاً إلى معركة وجود بين المدارس والمعلمين، لأن أكثر من 5 آلاف معلم متقاعد وصلوا إلى حافة الجوع. ونقطة الخلاف الرئيسية هي أن مدارس كبرى مدعومة من مرجعياتها السياسية والطائفية تعترض على اقتطاع نسبة 8 في المئة بالدولار الأميركي من مساعدات المدارس الخاصة للمعلمين، و8 في المئة بالليرة اللبنانية من الرواتب. وبما أن القانون لا يزال معلقاً في مجلس النواب، فإن عدم الالتزام بالاتفاق الموقت وتمديده يشكل طعنة للمعلمين وللوزارة وأيضاً لاتحاد الخاص الذي شارك في صياغته وتعهد تطبيقه منعاً للتصعيد والإضرابات في المدارس.

إعادة الأمور إلى نصابها تستدعي أيضاً إعادة تنظيم أوضاع الصندوق، فالانهيار المالي بعد عام 2019 عصف به وبكل ما يملكه من رصيد، إذ إن الألف مليار ليرة التي كانت تشكل صمام أمان للمعلمين المتقاعدين لم تعد لها قيمة، ولا تزال إدارات المدارس تدفع 6 في المئة وفق القانون السابق وعلى سعر 1500 ليرة، الأمر الذي يعني أن ما يدخل إلى الصندوق عبارة عن مبالغ زهيدة لا تغطي الحاجات.

ولترتيب أوضاع المؤسسة بالتوازي مع العمل لإعادة إقرار قانون التعويضات الذي يغذيها، تشكّل مجلس إدارة جديد للصندوق قبل أربعة أشهر لكن إقراره أيضاً لا يزال معلقاً في مجلس الوزراء بسبب فيتو سياسي على تركيبته، علماً بأن اختيار الأسماء تم وفقاً للقوانين المرعيّة الإجراء، بعدما طلب وزير التربية عباس الحلبي تشكيله. ولذا سمّت نقابة المعلمين وفق القانون أربعة ممثلين، وانتخبت المدارس العشر الأكثر دفعاً للصندوق أربعة أسماء، وقاضٍ سمّاه وزير العدل، فيما يترأس المجلس المدير العام للتربية. لكن إقرار مشروع تشكيل مجلس إدارة الصندوق توقف في مجلس الوزراء بسبب فيتو سياسي وضعه وزراء حول التمثيل، علماً بأن الأسماء المنتخبة فيها ممثلون محسوبون على مختلف القوى السياسية.

لا شك في أن إبقاء ملفات صندوق التعويضات معلقة سيؤدي إلى اضطرابات في المدارس، وبين المعلمين، المتقاعدين منهم أو الذين سيحالون إلى التقاعد، فتشكيل مجلس إدارة الصندوق خطوة ضرورية لتنظيم أوضاعه، وأيضاً الحسم بقانون التعويضات الذي ردّه ميقاتي ودفع نقابة المعلمين إلى تقديم دعوى إلى مجلس شورى الدولة، فضلاً عن تعديل القانون 515 في فقرته الثانية التي تسمح للمدرسة بإدراج كامل راتب الأستاذ ضمن الموازنة مكسراً بالعملة اللبنانية.

مصير صندوق التعويضات أمام أخطار كبرى ومعه يتهدد مستقبل عشرات الآلاف من المعلمين، وحلّ مشكلته مسؤولية يتحملها مجلس الوزراء قبل أن تذهب الأمور إلى كارثة للتعليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com