هل ينجو لبنان من “كمين” نتنياهو
ترتفع وتيرة التهديدات الاسرائيلية بشن حرب شاملة على لبنان تزامنا مع تصاعد حدة العمليات العسكرية على طرفي الحدود جنوبا، بما ينذر بتدحرج كرة النار وخطر انفلاشها في اي لحظة، وقد باتت معظم قرى الشريط الحدودي مدمرة ومحاصرة بالقصف بشكل متواصل ودائم وسويت مبانيها بالارض مع تكثيف عمليات الاغتيال الميداني واستهداف المسيّرات الاسرائيلية الدراجات النارية التي تقل بمعظمها عناصر تابعة لحزب الله.
الحديث عن مفاجآت يخبئها طرفا النزاع وان كانت تعتبر من عدّة الحرب وتكتيكاتها العسكرية والنفسية، الا انها تحمل في طياتها أبعادا مختلفة اذ من الممكن بحسب مراقبين، ان تكون مفاجآت بنيامين نتنياهو تجاه جبهة الشمال غير عسكرية وترتبط بسير المفاوضات التي تديرها واشنطن ونجاح ادارة بايدن عبر موفده آموس هوكشتاين بتدبّر أمر التفاوض البري بين لبنان واسرائيل والتوصل الى تسوية تفضي الى حلول مع نهاية الصيف وقبل بدء موسم المدارس وضمان عودة المستوطنين الى منازلهم، الا ان هذا الاحتمال غير وارد تحقيقه، اذ يجب ان يكون مسبوقا بإعلان هدنة في غزة وهو شرط وضعه حزب الله في وجه هوكشتاين، ويجدد امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في جميع اطلالاته وخطاباته على ان المواجهة مع اسرائيل مستمرة بعنوان إسناد غزة ومشاغلة العدو دعماً لحماس والفصائل الفلسطينية المقاومة.
الوعود التي قطعها نتنياهو باستعادة أمن الشمال والمفاجآت ما بين شهر حزيران وايلول التي يهدد بها لبنان على الصعيد العسكري تصطدم في الواقع بعدة عقبات، اهمها المشكلات التي برزت حول امداد اسرائيل بالسلاح من قبل ادارة بايدن التي عمدت في بعض المراحل السابقة من الحرب الى تقنين بعض الانواع من الذخائر، وهو ما يشكل هاجسا امام فتح جبهة اكثر ضراوة بوجه حزب الله، مع حسابات تكاليفها وخسائرها خاصة وان المعركة مع الاخير يحتم عليها استعدادات جديدة لمواجهة منظومته الصاروخية المحدثة، اضافة الى ما تقدم لا يمكن اخفاء أزمة الاحباط المعنوي والنفسي والارهاق الذي تسلّل الى جنود وضباط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي على الجبهة الشمالية تحديدا.
الا ان ما تقدم لا يلغي احتمال تخطي العقبات امام اصرار نتنياهو و”جنونه” مقابل تراجع الادارة الاميركية في كل مرة وافساح المجال له بغية تحقيق اهدافه، فالمشكلات التقنية تُحل على الفور ويمكن تجاوزها، اذ لا يمكن للولايات المتحدة الاميركية ترك اسرائيل تواجه حربا منفردة بمواجهة حزب الله ومن خلفه ايران، ولعل المفاجأة الكبرى التي يتحدث عنها نتنياهو ستكون بافتعال حدث ميداني يفجر الوضع برمته ويجر بايدن الى القيام بالحرب بدلا منه في لحظة انتخابية رئاسية حرجة، وإلزامه بشنّ هجوم استراتيجي ضد حزب الله في لبنان بذرائع عدة منها ضرورة تطبيق القرار 1701.