هل ستتغير السحوبات المصرفية
“الودائع”… الملف الذي يشغل اللبنانيين منذ العام 2019، ما زال عالقا، الكثير من الحلول والخطط طرحت، ولكن بقيت حبرا على ورق، والسبب الاساسي عدم الاتفاق على توزيع المسؤوليات بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف… في حين بقي المودع الحلقة الاضعف في البحث عن الفجوة المالية التي تُقدّر بما لا يقل عن 70 مليار دولار.
وقد وضعت راهنا فكرتان للبحث على طاولة مصرف لبنان: الاولى تقضي بخفض سقف السحوبات الشهرية الى 1000 دولار على ان يكون سعر صرف الدولار المصرفي 25 الف ليرة، اما الثانية فتعطي الحق للمودع بالحصول على 250 دولار على سعر صرف 89500 ل.ل.
ويشرح مصدر مالي، عبر وكالة “أخبار اليوم” ان الامر سيّان حسابيا، لكن عند التطبيق فان التأثير على كميات الدولار الموجودة في السوق سيكون مختلفا.
ويوضح: ليس هناك “هيركات” بل اعتماد الفكرة الثانية سيؤدي الى مزاحمة بين اصحاب الحسابات وبين الدولة على جمع الدولارات من السوق، علما ان مصرف لبنان يجمع ما يوازي 200 مليون دولار شهريا من السوق لصالح الدولة من اجل تسيير امورها ودفع الرواتب، لكن عند هذا الخيار سيعطي جزءا كبيرا من المبلغ الذي سيجمعه للمودعين من دون ان يؤدي الامر الى اي تغيير في سعر الصرف، علما ان المبلغ المشار اليه يصرف على الرواتب الى جانب تسديد جزء من فواتير الكهرباء والصحة والادوية، وبالتالي لا يكفي لتمويل كافة مصاريف الدولة
وهنا، يذكر المصدر ان مصرف لبنان لن يعطي الدولة من خارج ميزانيتها العامة، ويبدو ان الحاكم بالانابة وسيم منصوري قد نال الغطاء السياسي.
وردا على سؤال، يلفت المصدر المالي الى ان اي قرار من قبل المركزي لاعطاء المودعين مبالغ شهرية بالدولار، سيؤدي تلقائيا الى انخفاض المبلغ الشهري الذي تحصل عليه الدولة، لذا لا بد من انتظار القرار الذي سيصدر عن مصرف لبنان بالنسبة الى الفكرتين المطروحتين للبحث، ام انه سيبقي الوضع على ما عليه.
ويشير المصدر في هذا السياق الى ان لا مصلحة لمصرف لبنان في خفض سعر صرف الدولار الامر الذي سيحمّله المزيد من الالتزامات، خصوصا انه راهنا ليس لديه القدرة على التدخل في السوق من اجل الحفاظ على سعر صرف مخفض لذا على المدى المنظور السعر سيبقى 89500 ل.ل.
وماذا عن القطاع المصرفي، فيؤكد المصدر ان لا مفر من قطاع قوي قادر على المشاركة في تحريك الدورة الاقتصادية، علما انه لا يمكن الاستثمار في هذا المجال ما لم يحدد مصير الودائع وكيفية التعامل معها، وآليات تسديدها.
لذا، يرى المصدر انه لا بدّ من تحديد المسؤوليات بين الدولة والمصارف والبنك المركزي، وهذا الامر لن يأتي من قبل صندوق النقد الدولي ولا من قبل اي جهة خارجية، بل يجب ان تعالج المسألة في الداخل من خلال ايجاد الاسس لاقفال هذه الفجوة والنسبة التي يجب ان تتحملها كل جهة.
ولكن المصدر عينه يعتبر ان أوان الحلول الاقتصادية لم يحن بعد، معتبرا ان كافة الحلول وضعت على الطاولة واصبحت معروفة لناحية السلبيات والايجابيات، لكن لا بد من يأتي الحل السياسي اولا، فراهنا شغور رئاسي، الحكومة تصرّف الاعمال بالحد الادنى، ومجلس النواب لا يجتمع الا للضرورة، قائلا: الاطراف التي ستكوّن السلطة انطلاقا من الحل السياسي هي التي ستقر الحلول او الخطط الاقتصادية، في حين ان اي طرح خارجي يكون مساندا.
عمر الراسي – “أخبار اليوم”