رسالة بسرعة البرق إلى وزير الداخلية القاضي بسّام مولوي
يكفي لأي مواطنٍ أن ينقر عبر هاتفه على غوغل:
“وزير الداخلية الحالي في لبنان“.
سرعان ما يجد وبسرعة البرق بسّام مولوي القاضي ورئيس محكمة جنايات الشمال سابقاً وأرقام هواتف الوزارة المتعددة. هو الإسم المعروف والمحبّب والمقبول من الجميع، بصرف النظر عن التشققات الرائجة الوعرة في المساحات السياسية والإدارية في لبنان. يشغل الرجل منصب وزير الداخلية في حكومة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الثالثة منذ أيلول 2021. إلتقيته شخصيّاً لدى قسم اليمين أمام رئيس الجمهورية ثم عضواً في عداد الرئيس والزملاء المحترمين في “هيئة الإشراف على الإنتخابات البرلمانية”… وقدّمت له كتاباً لي بعنوان: القيادة المستحيلة في الشرق الأوسط.
خطوبة ريم سامي الثانية: ما الذي نعرفه عن علاقاتها
HERBEAUTY
ما سأفصّله يخرج نهائيّاً عن قيادتك لوزارة الأمن في لبنان التي تحاول جاهداً تطويع استجالاتها قطعاً.
لماذا هذا المقال بسرعة البرق؟ وسأنشره في 24 صحيفة وموقع في لبنان بالطبع عبر “ليبانون فايلز” وبعدها في نيويورك وواشنطن ولندن وتونس والقاهرة وبعض العواصم العربية والمواقع اللبنانية.
لأنّك القائد الأعلى الذي يتطلّع إليك الناس اليوم وأغلب الظن أنّك لن تنام قبل الضبط النهائي لمقابر السير فوق الطرقات مهما كانت ظروف وطننا البائس.
أتصوّر بأن المقال انتهى؟
لا… كلنا يعاني من الحفر والحوادث المريعة عبر طرقات لبنان المسكونة ليل نهاراً بالسائقات أوّلاً والسائقين ثانياً الذين يجوبون كما البرق بسرعات رانجاتهم وبما يتجاوز سرعات الصواريخ في الجنوب وغزّة التي غزت الإنتباهات والعيون كي لا نبالغ. معظمهم يقودون باليمنى والهواتف الخلوية باليسرى فيقفزون ولا يقودون سوى نحو المستشفيات أو القبور. بات الأهالي لا يعرفون النوم لا في الليل ولا في النهار وكأنهم يسكنون وطن القلق والخوف لأجيالٍ فالتة من أي حساب أو قانون أو ضبط سير أو حتى شرف الرحمة حيال أعداد القتلى والجرحى التي تتقاطر إليها نشرات الأخبار في الإذاعات والشاشات ووسائل التواصل وكأننا في عصفورية مجانين لا مثيل لها في الكرة.
يمكن للمشاة أو عابري الجادات أن يستلّوا معي أصواتهم وحبرهم يشهرونه بالطبع في وجه هذه الدولة لا الوزارة الأمنية، إذ ليس حوادث السير في لبنان قضاء وقدراً بل إهمالاً وتخلّفا وتخليّاً وحفراً وعدم انتظام يسمح لأيّ منا أن يشهر دعاوى دولية ضدّها مع أنها تبدو في المجالات كلها مجهولة الإقامة. تظهر الدولة عامة تفتك بأبنائها بإهمالها المتمادي على مختلف المستويات.
وإذا كانت السرعة الجنونية مخالفة للسير وجرماً مشهوداً، فإنّ إهمال لبنان لمواطنيه حيثما نظرت ورأيت أيضاً هي جرائم مشهودة. فمن هو الذي سمح ويسمح، وبموجب أي قانون أن تغطّي اليافطات الإعلانية الأوتوسترادات والطرقات وأسطح المباني لتضج باعلانات باتت تُضاء بالطاقة لأبناء المسؤولين والتجار والمقاولين بكافة الألوان والأشكال وتحجب الرؤية في الشوارع الغارقة في العتمة والحفر والإهمال؟
ما هو المسوّغ للسماح برفع كلّ تلك اليافطات على الطرقات ولمن، ولِمَ هذه الورش المفتوحة أبداً عبرطرقات لبنان من دون أي تنظيم أو تنسيق أو مراقبة أو اشارات تحذيرية للمارين، وكأننا نقود في بقعةٍ يا ما أحيلى جهنم، أو كأننا في دولة وظيفة أسيادها قتل مواطنيها ودفعهم نحو دوائر الخطر المنظم 24/24 والأمر لا يرتبط هنا بالوزير مولوي بل بكلّ من يمسك قلماً رسميّاً يوقّع فيه على ورقة رسمية من دولة رئيس الوزراء إلى الوزراء وقوات حفظ الأمن والسير في هذا البلد الغريب العجيب.
أتذكّر عندما سقطت عربة رئيس الندوة اللبنانية الصديق ميشال أسمر رحمه الله ( 1914- 1984) في حفرة قُتل فيها اهتزّ لبنان السياسي والثقافي وقامت قيامة كبار مثقفي العرب وفرنسا ومفكريهم على هذا الحدث. للرجل في عنقي دين إذ كان من الذين شجّعوني للسفر نحو باريس وإتمام دراستي العليا هناك. كانت مغامرة هائلة لي في السبعينيات وكنت مواظباً على أنشطة “الندوة اللبنانية” على السوديكو التي أسّسها عام 1946 بصفتها قاعة محاضرات بسيطة بين ما سمي بالبيروتين في ما بعد لطالما حاضر فيها لفيف من النخب اللبنانية والعربية والعالمية في كلّ اسبوع من طراز تقي الدين الصلح وكمال جنبلاط وشارل مالك وأدونيس وناظم حكمت ورينيه حبشي وغيرهم كثر بما جعلها “دولة المفكرين والمثقفين” حتى الـ 1975 تاريخ نشوب الحروب الأهلية في لبنان.
في باريس، يحييك البوليس لدى أدنى مخالفة ليطبق القانون ويسحب أوراقك ولو كنت حفيد الرئيس أو إبن الوزير أو أي مواطن.
يا لهول هذه الدولة الغريبة العجيبة يتشابك مسؤولوها بنقارات السياسة وقشورها؟ لقد باتت السياسة عيباً وهي في آخر هموم الناس أيها الوزير المولوي وقد ولاّك الله واصطفاك في هذا الموقع الأول والضروي بالنسبة لمعظم الناس .
ما أكتبه اليوم وأنشره في “ليبانون فايلز” دعوة شرف ملحة وطنية وإيمانية ودينية وسياسية تجمع اللبنانيين جميعاً على اختلافاتهم وتفرقهم المصطنع، وكأنّه لم يبق في لبنان اليوم ما يذكّر بميشال أسمر إلاّ تلك الحفر الفكرية والسياسية والطائفية وعبر طرقات لبنان المفلوحة وكأنها مطبات الموت تُعلن موت الدولة وغياب سلامة السير على طرقات لبنان.
ألا يسمع اللبنانيون عبر أولادهم عن أنظمة القيادة الهائلة في دول الخليج وبلاد العالم؟
ليس الوزير مولوي بعيداً قط بلياقته عمّا يبلعه الناس مع أحزانهم ودموعهم وفقرهم إذ ينصتون لأنهم مغلوبون ومقهورون وداهمتهم أصناف الفاقة والعوز والخوف والموت اليومي بسبب الإهمال وتوقهم لبذلة الدركي واسأل إلى جانبك في مجلس الوزراء الوزير الزميل الدكتور جورج كلاّس الذي لطالما رفع صور والده الدركي رمزاً للمهابة والدولة التي ينتظرها الناس.
يتأهّب اللبنانيون سيّدي، ويمكثون وسيمكثون لياليهم فوق الشرفات في العتمة الكهربائية بانتظار أبنائهم وبناتهم هذا الصيف وكلّ صيف وموسم ترقّباً لعودتهم سالمين الى اسرّتهم خوفاً من جنون مجرمي قيادة الرانجات وما أكثرها والسيارات والفانات والشاحنات أو ربّما رعباً من الخطف والتشبيح والتشليح والإعتداءات الجنسية!
انها لبقعة عربية باتت مجنونة فالتة كليّاّ ونرفع معاً في وجهها محضر حبر نوقّعه حيال تلك العبثية الرهيبة واضعين كلّ ما نملك لتجليس الوضع.
وأخيراً، يتذكّر الناس في أحاديثهم وزيراً ألزم الناس بوضع المطافيء في صناديق عرباتهم. صدئت المطافيء ولم تُستعمل. ويتذكرون الوزير الثاني الذي أجبر اللبنانيين على ربط الأحزمة ومنع سير الدراجات النارية التي كان لا يمكن تصور أعدادها ثمّ فتح مراكز للمعاينات الإلزامية الميكانيكية التي يسألون عن مستقبلها، ثم جاء وزير ثالث يخفي لوحات ضبط السرعة في “الداون تاون” فقط من دون أن تعمل حيث لا كهرباء، ثم وزير رابع غيّر نمر سيارات اللبنانيين كلها تغييراً جذرياً تحقيقاً لما يسأل عنه وبتداوله الناس.
أُحلّفك باسم اللبنانيين جميعاً بدون أي ادّعاءٍ أو ضياع عن معرفة حدّي ومع احترامي الكبير لك أرجوك ألاّ تبتسم أو تنزعج إذ تقرأ هذا النص باعتبار أن طاقاتك الإيجابية تسبقك، إذ ما الحائل من ضرب يدك على طاولة مجلس الوزراء لهذا الأمر بالذات لرصد العدد الكافي والوفير من قوى الأمن الداخلي ولو لصيفٍ تحت مسمّى: صيف بلا قتلى في الطرقات تأمر حازماً بضبط السير مهما كان الثمن وبحجز رخص السوق والسيارات المجنونة المسرعة وليُساق المخالفون الذين يزرعون الموت جيئة وذهاباً الى التوقيف حتى ولو كانوا من أبناء الزعماء أو سائقيهم أو مرافقيهم عبر عرباتهم السوداء ويطيرون فوق الحفرة التي صار للأسف إسمها لبنان؟
واقبل احترامي والمحبة.
الدكتور نسيم الخوري