ما الذي ينتظر “بتكوين” في النصف الثاني من 2024
شهدت عملة البتكوين (أكبر عملة مشفرة) رحلة مليئة بالتقلبات في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 2024، بعد أن شهدت أحداثاً بارزة؛ في مقدمتها حدث “التنصيف”، علاوة على إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs) وبما دفع قيمة العملة إلى مستويات جديدة.
بعد أن كانت ذا قيمة متدنية، شهدت عملة البتكوين ارتفاعاً هائلاً خلال العقد ونصف العقد الماضيين، ولم يكن هذا العام استثناءً، إذ وصلت العملة المشفرة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 73700 دولار في منتصف مارس.
- في بداية العام، بلغ سعر البتكوين 42280 دولاراً في فترة استعادة الزخم، بينما وصل في تعاملات الاثنين (أول أيام تعاملات النصف الثاني من العام) عند مستويات حول 62 ألف دولار أميركي.
- بعد الوصول إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 73,794 دولاراً أميركياً في 14 مارس الماضي، تم تداول عملة البتكوين في نطاق يتراوح بين 60,400 دولار أميركي و71,700 دولار أميركي وسط تقلبات هائلة مقارنة بالسنوات الماضية.
- وبحسب تقرير منصة coinmarketcap، يقع الدعم الرئيسي الحالي لسعر البتكوين عند 60400 دولار أميركي والمقاومة عند 71700 دولار أميركي والتي حاول اختراقها في أربع محاولات منذ أبريل.
صناديق الاستثمار
كان معظم تحركات أسعار البتكوين هذا العام مدفوعة بعدة عوامل اقتصادية؛ بما في ذلك الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة في البتكوين وتداولها، والتنصيف الرابع للعملة. مهدت كل الأخبار حول هذه الاتجاهات الطريق لسعر البتكوين للنمو بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وفند تقرير المنصة تلك العوامل، ففيما يخص “صناديق الاستثمار المتداولة”، اعتبر أنه سيظل اعتماد صناديق الاستثمار المتداولة الفورية لعملة البتكوين في الولايات المتحدة في العام 2024 حدثاً بارزاً في تاريخ العملة المشفرة الأكبر.
منذ اعتمادها في 10 يناير من هذا العام، كانت صناديق الاستثمار المتداولة تؤثر على سعر عملة البتكوين بشكل ملحوظ، حيث يتنافس حجم تداولها بشكل وثيق مع إجمالي تداول عملة البتكوين على بورصات العملات المشفرة.
وفقًا لبيانات من Sosovalue ، جمعت صناديق الاستثمار المتداولة في البتكوين تدفقات إجمالية بلغت 56.41 مليار دولار حتى الآن. كما خضع هذا التدفق، من التمويل التقليدي إلى البتكوين، لاتجاهات السوق التي شهدت زيادات وانخفاضات هائلة بمرور الوقت.
التنصيف
يعتبر التنصيف محفزاً تقليدياً لصعود عملة البتكوين، وقد ثبت ذلك في المرات السابقة، إذ يقفز سعر البتكوين إلى الاتجاه الصعودي في الأشهر التالية للتنصيف.
على مدار أحداث التقسيم الثلاثة الماضية (قبل الحدث الأخير)، سجل سعر البتكوين ارتفاعات بلغت 30000 بالمئة و786 بالمئة و720 بالمئة على التوالي في أعوام 2012 و2016 و2020.
كان من المتوقع بشدة أن يؤدي الاتجاه الصعودي الجديد الذي أعقبه التخفيض الأخير في العام 2024 إلى دفع عملة البتكوين إلى مستويات قياسية. وتوقع عديد من المحللين أن تصل عملة البتكوين إلى أكثر من 100 ألف دولار في عامي 2024 و2025.
ومع ذلك، تسببت ديناميكيات السوق العكسية في فشل الارتفاع المستدام في سعر البتكوين. وكانت هذه هي المرة الأولى أيضاً التي يصل فيها سعر البتكوين إلى أعلى مستوى له على الإطلاق قبل التخفيض في العام 2024.
وبينما لم يمر سوى ثلاثة أشهر منذ التنصيف، وعادة ما يميل سعر العملة إلى الارتفاع بعد ثمانية أو تسعة أشهر من الحدث، لذلك سيكون من السابق لأوانه القول إن بتكوين قد وصلت إلى إمكاناتها الكاملة بعد.
وبشكل عام، وبالنسبة لارتفاع الأسعار في العام 2024، توقع المضاربون في السوق تدفقات “غير مسبوقة” من المستثمرين الأفراد واللاعبين الماليين التقليديين بسبب مشاركة صناديق الاستثمار المتداولة للعملات المشفرة.
ومن المتوقع أن تجتذب صناديق الاستثمار المتداولة الحالية لعملة البتكوين وصناديق الاستثمار المتداولة للإيثريوم التي تم الإعلان عنها أخيراً مليارات الدولارات من المستثمرين. وسواء كان الأمر كذلك أم لا، فمن المتوقع أن يجذب هذا الارتفاع ملايين المستخدمين إلى العملات المشفرة وربما يبلغ ذروته في نهاية عام 2024 أو بداية عام 2025، وفق تقرير المنصة.
تراجع شهية المخاطرة
رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن أداء العملات المشفرة وبالأخص البتكوين خلال النصف الأول شهد تسجيل مستويات قياسية -رغم التقلبات- مع موافقة هيئة الأوراق المالية بالولايات المتحدة على إنشاء صناديق للاستثمار بالبتكوين.
ويضيف: هذا العامل كان له تأثير قوي على أداء العملات المشفرة، لا سيما خلال الربع الأول من العام 2024، والذي شهد ارتفاع العملة المشفرة ارتفع خلالها البتكوين بنسبة 67,57 بالمئة تقريباً (بعد أن وصلت لأعلى مستوياتها في مارس الماضي)، فيما سجلت خلال الفصل الثاني من العام الجاري تراجع بنسبة 10 بالمئة.
ويرجع أبرز الأسباب وراء تقلبات البتكوين خلال الربع الثاني من العام، إلى تراجع حجم السيولة التي تم ضخها من قبل المستثمرين في صناديق البتكوين (..) وذلك في ضوء عدم خفض معدلات الفائدة في الولايات المتحدة بعد، وبالتالي تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين بالإضافة إلى عمليات جني الأرباح.
تفاؤل
ووفق تقرير coinmarketcap، فإن النصف الأول من العام 2024 جلب أخباراً جيدة لمستثمري البتكوين، الذي يطلق عليه في أوساط الكريبتو “الذهب الرقمي”، فقد كان هناك تفاؤل في جميع أنحاء آفاق سوق البتكوين مع زيادة التبني العام.
كما شهدت العملة المشفرة تغييرات كبيرة في ديناميكيات السوق حيث أصبحت أكثر تقلباً في الأشهر الأخيرة وكسرت الاتجاهات المحتملة بينما أصبحت غير قابلة للتنبؤ. ولن يكون من المستبعد أن نقول إن النصف التالي من عام 2024 سيكون أكثر اضطرابًا بالنسبة للبتكوين.
ومن العوامل التي تنتظرها العملة المشفرة، ما يتعلق بنتائج الانتخابات الأميركية، فقد توقع بنك ستاندرد تشارترد وصول سعر البتكوين إلى 100 ألف دولار مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، ثم الارتفاع إلى 150 ألف دولار بنهاية 2024 في حال فوز دونالد ترامب الذي أظهر دعماً للعملة المشفرة أخيراً.
ويقول يرق: ترامب منذ أكثر من شهر وافقت حملته الانتخابية على قبول تبرعات من خلال العملات المشفرة، وهو ما يمثل دافعاً أساسياً للأداء المتوقع لتلك العملات في حال عودته للبيت الأبيض، لا سيما في ضوء سياسته التي تعتمد على دعم أميركا من أجل أن تكون أساساً ومركزاً لجميع المعاملات في العالم، لذلك سيكون له تأثير كبير في وضع السياسات وسن التشريعات الداعمة لتلك العملات؟
ويوضح أن قبول أميركا بها وسن تشريعات لقبول العملات المشفرة مستقبلاً سيكون ذا أثر قوي على عديد من الدول الأخرى، مما سيمثل دفعة قوية لمستقبل العملات المشفرة خلال المدى القصير.
موقف ترامب
وفي هذا السياق، يقول المدير التنفيذي في شركة VI Markets، أحمد معطي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن التوجهات الأخيرة للرئيس الأميركي السابق والمرشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات نوفمبر المقبل، دونالد ترامب، وحملته الرئاسية “تعكس بشكل كبير دعم العملات المشفرة”، وهو ما يخالف توجهاته ومعارضته القوية لها خلال فترة ولايته السابقة، خاصة وأن رؤيته تجاه استهداف بعض الدول التعامل بها سابقاً بأنها تتعارض مع السياسات المالية العالمية وضد الدولار الأميركي.
ويضيف: التحول الكبير في موقف ترامب ودعمه لتلك العملات يأتي في ضوء تعامل واهتمام ما يقرب من 50 مليون مواطن أميركي بالعملات المشفرة، لذلك رأى أن دعم ذلك الملف يسهم بقوة في كسب ولائهم وأصواتهم.
ويشير معطي في الوقت نفسه إلى أن الدعم الحالي وسياسة ترامب الحالية تجاه ذلك الملف، يدعم وينعكس بصورة إيجابية على سوق الكريبتو مستقبلاً في حالة عودته، لما سيؤدي إلى تقديم تسهيلات لملف العملات المشفرة.
وكان ترامب قد قال في تجمع انتخابي قبل أسابيع: “سأضمن أن مستقبل العملات المشفرة والبتكوين سيتم صنعه في الولايات المتحدة الأميركية.. وسأدعم حق 50 مليون من حاملي العملات مشفرة في البلاد”. كما تعهد كذلك بإبقاء إليزابيث وارن (التي تقود تحالفاً في الكونغرس، ضد العملات المشفرة) وأتباعها بعيداً”. علاوة على تعهده بعدم السماح أبداً بإنشاء عملة رقمية للبنك المركزي.
توقعات إيجابية
خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، تتوقع تسجيل العملات المشفرة والبتكوين بشكل خاص، مسار صاعد، وتحقيق مستويات قياسية جديدة خلال النصف الثاني من العام الجاري، خاصة في ضوء اهتمام المتداولين بتلك العملات لقدرتها على تحقيق أرباح قوية في فترة وجيزة.
وتشدد في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن العملات المشفرة سجلت أداءً صاعداً كاتجاه عام (رغم التقلبات)، خاصة بتكوين خلال النصف الأول، بدعم من رؤية المستثمرين لتلك العملات التي لا تخضع للسياسات النقدية من جانب البنوك المركزية.
ويعزز التوقعات المرتبطة بمواصلة الزخم في سوق الكريبتو حالة عدم اليقين الاقتصادي المُهيمنة على الأسواق، ومع تصاعد الاضطرابات والتوترات الجيوسياسية، كذلك اتجاه البنوك المركزية إلى خفض الفائدة، وبما قد يحفز المخاطرة بحثاً عن عوائد أعلى.
سكاي نيوز