الودائع حبيسة إجراءات مؤجلة… وبوادر إيجابية تلوح من المصارف
الودائع حبيسة إجراءات مؤجلة… وبوادر إيجابية تلوح من المصارف
بدأت شركات كبرى بإعادة توطين رواتب موظفيها في المصارف كما بدأ الحديث عن احتمال عودة التسليفات من المصارف، فهل يؤشر ذلك إلى بدء تعاف للقطاع المصرفي وماذا يعني بالنسبة إلى الودائع؟
في هذا السياق, يُشدّد الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، على أنّه “من الضروري جداً أولا الفصل بين 3 قضايا، وهي موضوع عودة التسليف المصرفي، عودة بعض الشركات إلى طلب توطين رواتب موظفيها بالمصارف، ومصير الودائع”. موضحا في هذا الإطار أن “هذه القضايا الثلاث هي منفصلة عن بعضها إلى حد ما”.
وفي موضوع طلب الشركات توطين رواتب موظفيها بالمصارف، يرى فرح أنّ “هذا الأمر يدل على أن المجتمع الإقتصادي لا يمكنه السير من دون وجود قطاع مصرفي يقدم له الخدمات، على إعتبار أن القطاع المصرفي وفي إقتصاد العالم أمر ضروري وحيوي”.
وبالتالي، فإن ذلك يدل على أن “الحاجة للقطاع المصرفي وحتى قبل عودة الوضع إلى طبيعته وقبل أن يحصل مشروع لإعادة إنتظام العمل المصرفي تدفع الشركات لطلب توطين الرواتب من أجل تسهيل أمور موظفيهم وقبض رواتبهم، وينتقد تقصير الدولة في إصدار القوانين الضرورية للإنتظام المصرفي لا سيّما أنها ما زالت منذ ما يقارب الـ 5 سنوات وهي في موقع المتفرّج”.
وهنا يُذكر بأنه “يجب أنْ لا ننسى بأن مَن يستورد أو من يسافر ويضطر إلى إستعمال أموال معينة كذلك يلجأ إلى فتح حسابات فريش بالمصارف لأن ذلك ضروري من أجل ان يتمكن من الإستيراد وفتح إعتمادات أو لكي يتمكن من الصرف خارج لبنان، إذا هذا مؤشر آخر بأن عودة القطاع المصرفي هي ضرور لا بد منها”.
وأما فيما يتعلّق بالتسليف المصرفي، يوضح بأن “التسليف المصرفي منفصل عن موضوع توطين الرواتب، أي أن المصارف لم تبدأ بعد بالتسليف على عكس ما يقال بإستثناء وجود بعض الحالات والتي هي قليلة جدا وتعد على الأصابع، وهي تكون حالات إستثنائية وبشكل شخصي، فالمصرف لا يمكنه التسليف اليوم لأنه ليس هناك من قانون يحميه، فعلى سبيل المثال في حال سلف بالدولار قد يردون المبلغ بالليرة لأن القانون يسمح له بذلك، وبالتالي فإذا مجلس النواب لم يقدم على إقرار قانون يجمي التسليف ليتم تفعيله من جديد، ولم يحصل التسليف والذي من دونه لن يتواجد حركة إقتصادية طبيعية”.
أما فيما يخصّ مصير الودائع، يؤكد فرح أن “التسليف لا علاقة له بالودائع بمعنى أنه إذا عاد التسليف المصرفي قبل الإتفاق على كيفية إعادة الودائع فمعنى ذلك أن الودائع لن تعود، فهذا غير صحيح والعكس هو الصحيح، فإذا قمنا بأسرع وقت ممكن بإعادة القطاع المصرفي إلى العمل الطبيعي وإلى الإنتظام نكون حينها نساعد على إيجاد عامل يشير إلى أن الودائع مؤمنة أكثر”.
وأوضح أن “العمل على عودة المصارف يساهم في دعم الإقتصاد، ويساهم في تحسين الإيرادات والمداخيل والتي تعني تسهيل مهمة عودة الدولة إلى دفع ديونها أو جزء منها والتي ستذهب إلى مصرف لبنان والذي هو بدوره سيدفع التوظيفات والديون المستحقة للمصارف، مما يشكل أملا بعودة الودائع لأصحابها سواء كانت كاملة أو بنسب مئوية محددة”.
ويرى فرح أنه “من دون هذا العمل الطبيعي نكون حينها نجازف بعدم عودة الودائع نهائيا، ونجازف بذهاب الوضع نحو الأسوأ، لذا هناك حاجة ملحة إلى عودة الوضع الإقتصادي لحده الأدنى من العمل الطبيعي حتى نتأمل بإمكانية عودة الودائع، ودعم الإقتصاد ولو قليلا، الذي يعتبره البعض أنه أصبح بحال افض اليوم وهو ما لا يراه فرح ، فمؤسسات الدولة الأمنية لا زالت تنتظر التبرع من الدول الخارجية من أجل دفع 100 دولار للعناصر ،وبعض المؤسسات الرسمية تفتح أبوابها مرة في الأسبوع، فلا يمكننا أن ننظر على ان الوضع طبيعي والإقتصاد طبيعي في البلد”.