“حرب” الوزير والقائد تتمدّد إلى السراي
تتّكئ الحكومة على مناشدات بكركي وقيادة الجيش وبعض الأصوات النيابية لتضع يدها على ملفّ نتائج الكليّة الحربية. عمليّاً، تطوّران سبقا جلسة يوم غد الثلاثاء حيث يفترض أن “ينوب” مجلس الوزراء عن وزير الدفاع في إعلان أسماء الناجحين في “الحربيّة”. في المقابل يؤكّد رئيس لجنة الدفاع النيابية جهاد الصمد لـ “أساس”: “إذا قامت الحكومة فعلاً بهذا الإجراء يعني ذلك أنّها تنسف جوهر اتفاق الطائف الذي نعلن جميعنا حرصنا عليه”.
استبق وزير الدفاع موريس سليم جلسة الحكومة بتوجيه كتاب إلى مجلس الوزراء نَسَف من خلاله قرار “مجلس شورى الدولة” الذي اعتبر أنّ الوزير مُلزَم بإعلان نتائج امتحانات الكليّة الحربية، كما قوطَبَ رئيس لجنة الدفاع النيابية النائب جهاد الصمد على أيّ محاولة لتجاوز توقيع الوزير من خلال إصدار بيانٍ السبت تلا اجتماع اللجنة حول “أزمة نتائج الحربية” بحضور قائد الجيش يوم الخميس الماضي.
في البيان أشار الصمد إلى “تأكيد غالبية أعضاء اللجنة ضرورة استكمال عدد التلامذة المرشّحين لدخول المدرسة الحربية وفق الأصول القانونية وبناءً على قرار مجلس الوزراء في آب الماضي بتطويع 173 ضابطاً، حيث إنّ المباراة التي أُجريت والتي تأهّل فيها 118 مرشّحاً اعتراها بعض الخلل الإجرائي الذي يحول دون إعلان النتائج”.
لجنة الدّفاع تتبنّى مقاربة الوزير سليم
بيان النائب الصمد شكّل تبنّياً واضحاً لمقاربة الوزير موريس سليم الذي رفض التوقيع على نتائج الحربية اعتراضاً، كما يقول، على تجاوز قرار وزير الدفاع في شأن إعلان لائحة المرشّحين المقبولين للاشتراك في مباراة دخول الكلّية الحربية، بحيث أجرت قيادة الجيش الامتحانات من دون صدور هذا القرار. كما اعترض وزير الدفاع بعد تسلّمه نتائج الامتحانات في شباط الماضي على عدم توافر المواصفات والمعايير العسكرية المطلوبة لدى بعض المرشّحين.
يؤكّد الصمد أن “لا أحد يستطيع أن يتخطّى توقيع وزير. فبعد الطائف تكرّس واقع أنّ الوزير سيّد وزارته. وكلّنا نذكر تمسّك الطائفة الشيعية بوزارة المال والتوقيع الرابع، وترقيات الضبّاط التي بقيت عالقة أربع سنوات لأنّ وزير المال لم يوقّعها”.
يضيف الصمد: “نحن بالشقّ الرقابي عملنا شغلنا وحاولنا التوفيق بين الطرفين. هذا ما قدرنا على فعله، أمّا لجهة مجلس الوزراء فإذا استخدم صلاحية تعود لوزير الدفاع فهو ينسف جوهر الطائف”.
قائد الجيش في المجلس
كما استمعت لجنة الدفاع إلى مقاربة الوزير سليم في الجلسة التي عقدت في 5 حزيران في مجلس النواب استمعت يوم الخميس الماضي إلى قائد الجيش الذي تمسّك بقناعته بضرورة توقيع وزير الدفاع على النتائج استناداً إلى توافر معايير الكفاءة لدى الـ 118 مرشّحاً على أن يصدر مجلس الوزراء قراراً لاحقاً بالحاجة إلى دورة تطويع إضافية، مؤكّداً أنّ “مصلحة المؤسّسة العسكرية تقتضي التحاق الناجحين فوراً بالكليّة الحربية لأنّ الجيش يحتاج إلى دفعة جديدة من الضبّاط، فيما هناك طفرة في عدد العمداء”، ومشيراً إلى أنّ “هذا التأخير أضرّ بالمؤسّسة العسكرية ومعنويات تلامذة الحربية الذين وضعت عراقيل غير مبرّرة أمامهم”.
يوضح الصمد: “كنت على تواصل مستمرّ مع قائد الجيش وانتظرنا عودته من الولايات المتحدة الأميركية واتّفقنا على موعد، وليس صحيحاً أنّه لم يردّ على اتّصالاتي. وخلال الاجتماع تبيّن أنّ قائد الجيش مصرّ على موقفه بتوقيع الوزير على النتائج”.
سابقة 1972
يضيف: “أنا لست بموقع الحَكَم ولا أنحاز لطرف. لكن من خلال المداولات وجدنا الصيغة المناسبة بعدما أبلَغَنا الوزير سليم بحصول سابقة عام 1972 تمّ فيها أخذ دفعة ثانية من طلّاب الحربية بعدما لم يتأهّل العدد المطلوب وكان وزير الدفاع من ضمن هذه الدفعة. لقد رأت الأغلبية في لجنة الدفاع أنّه من خلال هذا الإجراء تُحفَظ حقوق الناجحين في الدفعة الأولى ويصار إلى استقبال طلبات الدفعة الثانية، على أن يوقّع وزير الدفاع لاحقاً قرار إعلان أسماء جميع الناجحين، وهو ما يصحّح الخلل الإجرائي الذي حصل، وعندها يمكن إكمال عدد الـ 173 ضابطاً الذي أجازه مجلس الوزراء”، مؤكّداً أنّ “وزير الدفاع يرفض التوقيع من دون إقرار الدفعة الثانية التي لا تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء”.
يحذّر الصمد من أنّه “يمكن أن يَنقص عدد الناجحين الحاليين وعددهم 118 لأيّ سبب كان، وعندها عدد المنسحبين من طائفة معيّنة سيفرض سحب طلبات ناجحين من طائفة أخرى مراعاة للتوازن الطائفي، وهذا أمر حسّاس جداً، فيما يمكن تدارك ذلك بفتح دورة جديدة”.
في هذا السياق، علِمَ “أساس” أنّه خلال الجلسة لم يُسأل قائد الجيش عن رأيه في احتمال إصدار الحكومة غداً النتائج، إذ لم يكن أحد من النواب يعلم بتوجّه الحكومة إلى وضع يدها على الملف واحتمال إصدار النتائج نيابة عن وزير الدفاع.
كتاب وزير الدّفاع
بَرَزَ التطوّر الثاني من خلال كتاب وزير الدفاع إلى مجلس الوزراء الذي اعتبر فيه أنّ “مجلس شورى الدولة تجاوز عَيباً جوهرياً مُهمّاً يتمثّل بعدم صدور قرار عن وزير الدفاع بلائحة المرشّحين المقبولين للاشتراك في مباراة دخول الكليّة الحربية كما يفرض نظام دخولها”.
كما شدّد سليم على “وجوب بطلان كلّ الإجراءات التي تجاوزت هذا العيب الجوهري المُهمّ، لا سيّما إعلان تلك اللائحة من قيادة الجيش وكلّ ما تلاها من الاختبارات”، معتبراً أنّ “تجاوز هذا العيب يعطي سنداً قانونياً جدّياً لمراجعات قضائية لدى مجلس شورى الدولة ممّن تقدّم للاشتراك بمباراة دخول الكليّة الحربية ولم يرد اسمه في عداد المقبولين، خصوصاً ضمن الناجحين، ومن شأنها أن تفضي إلى الإبطال بعد وقف التنفيذ”.
سليم يَنسِف نتائج الحربيّة
يُذكر أنّ مجلس الشورى في قراره الثاني حول امتحانات الحربية رأى أنّ “سلطة وزير الدفاع بإعلان النتائج هي سلطة مُقيّدة، وقراره يقتصر على إعلان النتيجة التي وافق عليها المجلس العسكري، وهي ليست مصادقة على النتائج إنّما نشر لها”، كما أكّد “الشورى” أنّ “ما عبّر عنه وزير الدفاع من أسباب لرفضه إعلان النتائج لا يعفيه من الموجب المُلقى على عاتقه بإعلان النتائج”.
لكن بعد عدّة مراسلات بين وزير الدفاع والحكومة أطاح سليم في كتابه الموجّه إلى السراي بقرار الشورى الذي تتّكئ عليه قيادة الجيش والحكومة، معتبراً أنّ العيب المشار إليه يطيح بنتائج الامتحانات برمّتها من خلال مراجعات قضائية محتملة أمام “الشورى”، وهذا يعني برأي سليم أنّ الحكومة ليست لها صلاحية الحلول مكان الوزير وليست لها أيضاً صلاحية المصادقة على نتائج عرضة للإبطال.
ملاك عقيل – اساس ميديا