آخر صيحات القضاء… إخلاء سبيل ضابطين متورّطين في تهريب سجين “دسم”
آخر صيحات القضاء… إخلاء سبيل ضابطين متورّطين في تهريب سجين “دسم”
أخلى القضاء العسكري قبل حوالي 20 يوماً سبيل آمر سجن “ساعة العبد” التابع للمديرية العامة للأمن العام العقيد أ.الأسعد الموقوف لدى القضاء على خلفية تقديمه تسهيلات أدّت إلى فرار موقوف سوري “درجة أولى” يدعى فايز العبد من السجن المذكور. وبعد نحو 10 أيام، أخلى القضاء العسكري أيضاً سبيل الموقوف الثاني في القضية نفسها، الملازم الأول س.روفل المتهم بمعاونة الموقوف الأول والإشتراك معه في تهريب السجين، بينما أبقى على عسكري ثالث مشارك في القضية ويدعى ح.الأسعد قيد التوقيف.
إخلاء السبيل جاء بقرار صادر عن محكمة التمييز في المحكمة العسكرية برئاسة القاضي جان مارك عويس، والتي لجأ إليها وكلاء الموقوف أ.الأسعد، بعد أن رفض قاضي التحقيق العسكري فادي صوان توقيع طلب إخلاء السبيل. وبعدها بأيام، “ميّز” وكلاء الموقوف س.روفل قراراً كان أصدره صوان أيضاً برفض إخلاء السبيل. أما في مسألة الموقوف ح.الأسعد، فهو الآخر رفض القاضي صوان إخلاء سبيله، والملفت أن محكمة التمييز رفضت بدورها الطلب المقدّم إليها بإخلاء السبيل على غرار زملائه، وسط شكوك بدأت تحوم جدياً حول احتمال أن “يُلبّس” الموقوف الثالث وزر هذه القضية.
وفي هذا المجال، علم “ليبانون ديبايت” من مصادر قضائية، أن سبب رفض “تمييز” قرار عدم إخلاء السبيل، يعود إلى فتح تحقيق آخر بالتوازي مع التحقيقات في قضية فرار العبد، في مسائل تتصل بتقاضي رشى وصرف نفوذ يبدو أن ح.الأسعد متورّط فيها، مما ضمن إبقاءه موقوفاً.
غير أن المثير في الأمر، وجود اعترافات لدى القضاء حول تقاضي الموقوفين الثلاثة أموالاً لتسهيل عملية فرار الموقوف العبد من سجنه، إلى جانب امتلاك القضاء أيضاً الرواية الكاملة لقصة هروب السجين التي تظهر كيفية توزيع الأدوار بينهم والخطة التي اعتمدت لتهريبه.
وكان الموقوف العبد قد أوقف في مطار بيروت الدولي خلال شهر تموز من العام 2023 قادماً من تركيا، على خلفية ورود إسمه في ملف مفتوح منذ عام 2017 حول تحقيقات في شأن قضية تهريب مواد مخدّرة إلى تركيا، وقد أودعَ سجن “ساعة العبد” الذي يتّسم بضمه نزلاء محظيين.
وهذه ليست الحادثة الأولى التي يقدم فيها القضاء على إخلاء سبيل عسكريين متورطين في قضايا لها علاقة بتهريب موقوفين أو سجناء أو خلافه بعد مرور فترة قصيرة على توقيفهم. في المقابل، ترزح ملفات الموقوفين المدنيين في الجوارير من دون البتّ بها، على الأقل بنفس السرعة.
العبد في لبنان؟
مع شيوع خبر تهريب الموقوف العبد من سجنه، تردّد أنه تمكن في الفرار إلى تركيا، من دون معرفة الوجهة التي سلكها، هل تهريباً عبر الأراضي السورية أو من خلال مطار بيروت الدولي، ما كان للقضاء أن تشعّب في تحقيقاته لمعرفة القطبة المخفية، بالتوازي مع إبقاء الإشارة مفتوحة للأجهزة الأمنية لتتبع الرجل.
وبعد التواصل مع الأجهزة الأمنية في تركيا، تبيّن أن الموقوف الفار لم يدخل الأراضي التركية، كما أنه يعد مطلوباً داخل سوريا، ما وفّر شكوكاً باحتمال أن يكون متخفياً داخل الأراضي اللبنانية.
حادثة الفرار
بالعودة إلى الحادثة الأساسية، فقد تمكن العبد من الفرار من سجنه يوم الجمعة في 10 أيار 2024 بعد وضعه “مادة منومة” في مشروب كان يحتسيه الملازم أول س.روفل أثناء سهره مع الموقوف في مكتبه! وقد أظهرت التحقيقات أن الموقوف حظي بمعاملة خاصة لقاء أموال كان يسددها بشكل شهري لآمر السجن وبعض الضباط ومنهم روفل، ما كان يمكّنه من الخروج من زنزانته متى أراد والتمتع بأفضل الخدمات الممكنة داخل السجن، بما في ذلك “طلب الديليفيري” والتجوّل في الخارج! وتردّد أن العبد دفع لقاء “تهريبه” مبلغاً قارب ال250 ألف دولاراً أميركياً، إلاّ أن مصادر قضائية أكدت لـ”ليبانون ديبايت” أن المبلغ “مضخّم بعض الشيء”.
ومع اكتشاف حالة الفرار، حاول الضباط المسؤولون في السجن تغطية الحادثة عبر إخفاء معالمها ومحاولة التواصل مع السجين الفار لإقناعه بالعودة من دون جدوى. ومع اكتشاف الحادثة، تدخل المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري وأعطى توجيهاته بتوقيف كل من الملازم أول س.روفل، وآمر السجن العقيد أ.الأسعد والمفتش ح.الأسعد، وإحالتهم إلى “المجلس التأديبي” مع رفع اقتراح بطردهم من السلك. في ما بعد تمت إحالتهم إلى القضاء سنداً لنتائج تحقيقات الأمن العام. الآن وبعد حالة إخلاء السبيل، تم وضع الضباط المفرج عنهم “في التصرف”، وذلك بحسب معلومات خاصة بـ”ليبانون ديبايت”.
عبدالله قمح / ليبانون ديبايت