جنبلاط حيث لا يجرؤ الآخرون
حرب غزة أفرزت تحولات كثيرة ودفعت قوى سياسية الى اجراء مراجعات شاملة وعميقة وتبديل موقفها مراعاة للتبدل في المعطيات الأحداث وهذا المعطى أكثر ما ينطبق على الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي كان على رأس قائمة “المتحولين” بعد ٧ تشرين الأول بإعلان التضامن مع القضية الفلسطينية ودعم حزب الله، فجنبلاط ذهب بعيدا جدا في تمايزه عن كل السياسيين مغلبا المصلحة الوطنية وخياراته العربية.
اجتماع زعيمي الطائفة الدرزية وليد جنبلاط وطلال ارسلان في مصالحة بيصور أكبر دليل على التموضعات السياسية الجديدة وان كان تموضع ارسلان مختلفا بحيثياته عن جنبلاط فالأول محسوب على فريق الممانعة فيما جنبلاط من الفريق الوسطي والأقرب في المرحلة الماضية الى المعارضة خصوصا في الملف الرئاسي.
المواقف الدرزية المؤيدة لفلسطين والتضامن مع غزة ودعم المقاومة التي أطلقت في بيصور كان لها وقعها وتردداتها داخليا اذ تؤكد الإجماع الدرزي على رفض التقسيم والانعزال أولا إضافة الى كونها رسالة معبرة للمسيحيين المتقاتلين في جبهات متناحرة وخلافات رئاسية .
ليس تفصيلا عابرا ان يعلن جنبلاط اصطفافه الى جانب حزب الله في الحرب الدائرة على جبهة الجنوب وان كان حذر أكثر من مرة من التدخل والتورط في الحرب، وليس عاديا ايضا ان يسير عكس الخيارات الأخرى الداعية في الداخل لوقف جبهة لبنان مع الانقسام السياسي الحاد بتأييد حرب الاشغال والمساندة، وتتوقف مصادر سياسية عند التحول كبير لدى جنبلاط الذي بدأ يعيد تموضعه تمهيدا لانتقال سياسي مفاجىء توقعه كثيرون بعد انتهاء حرب غزة.
ليس تفصيلا عابرا ان يلتقي زعيما الطائفة الدرزية في خطاب سياسي موحد بخلاف القوى المسيحية المتناحرة فالواضح ان لقاء ببصور حمل رسائل مختلفة ، أولها الرغبة الدرزية بتثبيت موقف معين من الأحداث وتوحيد الخطاب في لحظة مفصلية، والأهم ان جنبلاط ثبت انتقاله والطائفة معه الى جانب المقاومة وفي ذلك تأكيد على رفض سياسة عزل حزب الله معلنا ان المواجهة مع الحزب مرفوضة تحت أي عنوان وان أبواب الجبل لن تغلق في وجه النازحين او أي احد من اللبنانيين.
يستشعر جنبلاط خطورة المرحلة ويفترض وفق انتيناته تحصين الداخل والاستعداد للأسوأ ان حصل ووقعت الحرب .
بالطبع فان جنبلاط هذه المرة قرأ التحولات المقبلة وما فعله من السابع من تشرين الأول يحتاج الى جرأة كبيرة بقيادة جمهور وحزب الى موقع مختلف عن المرحلة السابقة لمواكبة التحولات، وإذا كان جنبلاط “سلف” الثنائي الشيعي موقفا كبيرا في مرحلة حساسة وساخنة فان مصادر الثنائي تلقفت بارتياح كبير مضامين رسائل مصالحة بيصور.
ابتسام شديد- الديار