اخبار محلية

لماذا تراجعت احتمالات الحرب الشاملة في لبنان

لم يكن لعودة المفاوضات الجدية بين حركة حماس من جهة واسرائيل من جهة اخرى بهدف وقف اطلاق النار المؤقت في غزة، الدور الاوحد في تراجع احتمالات الحرب الشاملة على الجبهة اللبنانية، اذ ان عوامل اخرى لعبت دورا كبيرا في جعل هذه الحرب غير واردة الا بقرار مجنون وغير عقلاني من رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو دون غيره من القادة الاسرائيليين الذين يرفضون بغالبيتهم اي تصعيد فعلي على الجبهة الشمالية (جنوب لبنان).


من غير الممكن قراءة المشهد الاسرائيلي من دون معرفة الدور الكبير الذي تلعبه الولايات المتحدة الاميركية في هذه الحرب وحرصها على عدم قيام تل ابيب بأي خطوات غير محسوبة، اذ يقال ان وصول حاملات الطائرات والسفن الحربية الاميركية الى البحر المتوسط في بداية “طوفان الاقصى” لم يكن لردع اعداء اسرائيل فقط بل كان يهدف الى افهام تل ابيب بأنه ليس ضروريا القيام بعملية استباقية خوفا من خطوة عسكرية من “حزب الله” ، فالقوات الاميركية لن تسمح بذلك.

يتعامل الاميركيون مع الجبهة اللبنانية بأنها جبهة تخصهم اكثر مما تخص اسرائيل واذا كان الهامش الاسرائيلي داخل فلسطين كبيرا جدا حتى في قضايا الحرب الشاملة والواسعة، فإن قرار الحرب الاسرائيلية على لبنان هو قرار اميركي بالدرجة الاولى واسرائيلي بالدرجة الثانية، لذلك فالرفض الاميركي للحرب له دور في عدم حصولها، خصوصا انه ترافق مع خطوات عملية من مثل عدم ارسال بعض انواع الاسلحة الى اسرائيل وغيرها من الأمور.

كما ان الخلاف الجدي بين المستوى السياسي في اسرائيل والمستوى العسكري والامني يلعب دورا في عدم خوض تجربة الحرب خصوصا وان الجيش الاسرائيلي لا يريد اي حرب شاملة مع الحزب بعد كل الاستنزاف الذي تعرض له في الاشهر الماضية، لا بل ان قيادات الجيش الاسرائيلي تدعم الاميركيين في فكرة وقف الحرب في غزة، فكيف يمكن لمن يريد وقف المعركة في القطاع ان يفتح حربا مع لبنان، وعليه يصعب على الحكومة الاسرائيلية اتخاذ قرار الحرب في ظل تردد المؤسسة العسكرية.

كذلك يلعب التلويح بالحرب الاقليمية دورا كبيرا في كبح الاسرائيليين الذين ليسوا في وارد فتح جبهات اضافية ستكون قادرة على إلحاق اضرار فعلية بإسرائيل وتدمير بنيتها التحتية وتكون بعيدة كل البعد عن اليد الاسرائيلية مثل اليمن والعراق وربما ايران، اذ ان كل هذه الدول اعطت مؤشرات فعلية على ان التصعيد سيكون حتميا في حال بدأت الحرب الشاملة على لبنان، خصوصا ان “حزب الله” لم يعط اي ضمانة بأن يكون رده على اي تصعيد محدوداً.

اضافة الى كل ذلك، بدأت الاصوات داخل اسرائيل تتحدث عن انه في الوقت الذي تغرق فيه اسرائيل في حربها على غزة وعلى لبنان وفي ظل انشغالها الكامل فيها، فإن ايران تطور قدراتها العسكرية وقدرتها النووية وتقترب من مجال اللاعودة نوويا، اي انه لن يكون بمقدور تل ابيب بعد ذلك الحد من تطورها ومن وصولها الى عتبة الحافة النووية، وعليه يجب عدم الذهاب بعيدا بالحرب خصوصا انها لن تؤدي الى انهاء اي من اعداء اسرائيل وترك ايران حرة من دون ضغوط او رقابة استخبارية. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com