لبنان يتصدر قائمة المدخنين العرب
على عكس الدخان الأبيض الذي لم يتصاعد بعد على صعيد حلّ الأزمات، فدخان أبيض من نوع آخر يتصاعد من كل زاوية ومنزل ومقهى وطريق.. إنّه دخان السجائر والنراجيل وما لفّ لفيفها من أدوات إلكترونية وغيرها من وسائط الدخان.
هذا هو الواقع في بيروت، فالمقاهي التي لا تزال تمتنع عن توفير النرجيلة على قائمة طعامها هي قليلة جدًا، وذلك نسبةً إلى الطلب المرتفع عليها، إذ بات هذا الخيار أساسيا قبل الذهاب إلى أي مطعم أو مقهى في لبنان.
وفي قلب منطقة الشرق الأوسط، يواجه لبنان هذا التحدي الصحي والإجتماعي الذي يعصف بأبنائه وشبابه، حيث ارتقت بيروت إلى الصدارة بين العواصم العربية في نسبة التدخين. ووفقا لآخر الدراسات والتقارير التي اطّلع عليها “لبنان24″، فإن لبنان يعتبر من بين الدول الأعلى في نسبة التدخين، ليس على صعيد المنطقة العربية فقط، إنما على صعيد الدول العالمية. وحسب الارقام، فإن حوالي 42% من البالغين في لبنان يدخنون مقارنة بـ24% في الاردن و 21% في مصر، كما ويتفوق لبنان أصلاً على المعدل العالمي للتدخين والذي يبلغ 20%.
من هنا، وفي ظل انخفاض نسبة المدخنين عالميا حيث أصبح 1 من كل 5 بالغين في العالم يدخنون بعدما كان 1 من 3، يشهد لبنان ارتفاعا متواصلاً بأعداد المدخنين، وهذا ما وضعه في المرتبة السادسة عالميًا، وما ساهم بذلك لحاق موضة الدخان الجديدة التي تصدّرها الشركات الاجنبية مثل نكهات النراجيل الجديدة والغريبة، بالاضافة إلى السجائر الإلكترونية وغيرها من وسائط التدخين التي تجذب الشباب، وهذا ما يطرح سؤالا مهما يتلخص بتطبيق قانون التدخين في لبنان، والذي بات بمثابة دعابة يضحك عليها اللبنانيون في حال طُرح هذا الموضوع أمام المدخن.
ومن أصل مليار ومئتي مليون مدخن في العالم، يتركز عدد المدخنين بشكل أساسي في جنوب شرق آسيا، حيث تبلغ النسبة 26,5% من مجموع المدخنين. ويتبع هذه المنطقة الإقليم الاوروبي الذي سجّل 25,3%. وفعليا لم تتغير الارقام كثيرا منذ عام 2010 في بعض البلدان إلا قليلا، إذ تشهد العواصم العربية والعالمية نفس نسبة المدخنين إنما بتغييرات طفيفة لا تُذكر. وحسب الارقام، تحتل دولة ناورو المرتبة الأولى (52,1%) نسبة إلى عدد سكانها القليل، ومن ثم كيريباتي (52%)، وتوفالو(48,7%)، مينامار (45,5%)، تشيلي (44,7%)، لبنان (42,6%)، صربيا (40,6%)، بنغلادش (39,1%)، اليونان (39,1%)، وصولا إلى بلغاريا (38,9%). وللمفارقة فإن الدولة العربية الثانية التي تأتي بعد لبنان هي تونس بنسبة مدخنين وصلت إلى 26% محتلة المركز 49 حسب الدراسات.
وفي الجهة المقابلة، تذيلت نيجيريا وإثيوبيا وغانا القائمة باعتبار أن هذه البلدان تشهد أدنى معدلات على صعيد التدخين، إذ لا تتعدى النسبة فيها 4,8%.
كما تضم القائمة أيضًا ساو تومي وبرينسيبي حيث يمارس 5.4% من السكان التدخين. وفي بنما، يرتفع معدل التدخين قليلًا إلى 6.9%. وتتقاسم إريتريا وبنين نفس المعدل وهو 7.2%، تليها توغو حيث يمارس 7.6% من سكانها التدخين.
لماذا يدخن الشخص؟
هذا السؤال حملناه إلى أحد اختصاصي علم النفس الذي قال لـ”لبنان24″ بأن المشهد العالمي للتدخين يتسم بالتنوع وذلك حسب المنطقة والثقافة ونوع المجتمع.
فعلى سبيل المثال ترتفع معدلات التدخين بشكل كبير بين الرجال داخل المجتمعات الذكورية كإندونيسيا مثلا إذ بيلغ معدل التدخين بين الذكور 70,5% في حين لا يتجاوز معدل التدخين بين الإناث 5,3%، مما يشير إلى تفاوت كبير. وفي الوقت نفسه في الدول الغربية مثل المملكة المتحدة، لا تتسع الهوة بين المدخنين الذكور والإناث، ففي حين يبلغ عدد المدخنين الذكور 21,1%، وصل عدد المدخنين الإناث إلى 17,3%.
ويشير المختص النفسي إلى أن الجنس والثقافة يؤثران على المدخنين في مختلف البلدان، ففي المجتمعات المحافظة والتقليدية يشكل الرجال غالبية المدخنين، وتتردد النساء عموما في تبني عادة التدخين، وذلك على عكس المجتمعات التي تأخذ قضايا النساء على عاتقها، فمثلا في لبنان يبلغ عدد المدخنين الذكور 49,40% بينما يبلغ عدد الاناث 35,90%.
وبالاضافة إلى الثقافة يرى المختص النفسي أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية تؤثر بشكل مباشر على صعيد اتخاذ القرار بالتدخين، فلبنان مؤخرا شهد أزمات متلاحقة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وهذا الامر من شأنه بطبيعة الحال أن يؤثر بشكل مباشر على أعداد المدخنين.
ويرى المختص أن الموضوع اللافت يتلخص بأنّه وعلى الرغم من رفع الدولة لأسعار الدخان والتبغ إلا أن نسبة المدخنين لم تتأثر بالموضوع وذلك على عكس دول أوروبية وأفريقية طبّقت هذه السياسية حيث أثرت بشكل إيجابي على أعداد المدخنين.