المتخرجون الجدد: نبقى في لبنان أو نغادر
على رغم الأزمة الاقتصادية والحرب المستمرة في جنوب لبنان، يرغب بعض الطلاب المتخرجين حديثا في البقاء في بلدهم، رغم الصعوبات التي طبعت السنوات الخمس الماضية من الانهيار الاقتصادي إلى جائحة كورونا، مرورا بانفجار مرفأ بيروت والحرب الحالية في جنوب لبنان.
وككل سنة، يسافر آخرون إلى الخارج للالتحاق بجامعات فرنسا او بريطانيا او اميركا وغيرها واختبار الحياة الطالبية بعيدا من اهلهم وبلدهم.
«الأنباء» استطلعت آراء بعض الطلاب الذين قرروا البقاء في لبنان وآخرين ممن يحضرون أنفسهم للمغادرة.
في هذا الاطار، تقول ريمي كنج التي تخرجت قبل ثلاثة اسابيع في الليسيه الفرنسية الكبرى في بيروت انها اختارت دراسة إدارة الاعمال لأنه مجال واسع جدا، وكذلك اختارت ان تبقى في لبنان: «فكرة السفر كانت دائما موجودة خاصة في بلد مثل لبنان حيث لدينا أسباب يومية تدفعنا إلى البحث عن مستقبل أفضل في الخارج. ولكنني اخترت البقاء هنا على الأقل في السنتين الأوليين، لأبقى في بيئتي والى جانب عائلتي مما يسهل علي ان أضع كل جهدي في الدراسة، خصوصا انني أنوي المتابعة في الخارج سواء في الدراسات العليا او العمل، فلم لا استفيد وأرى ماذا تكسبني هذه التجربة الأولى في بلدي؟ أعتقد ان قرار البقاء او السفر يعود لكل طالب بحسب شخصيته وطموحاته وظروفه».
من رفاق ريمي في المدرسة شادي نور الدين، الذي اختار دراسة الهندسة في فرنسا، علما انه نجح في اختبار الدخول إلى كلية الهندسة في جامعة القديس يوسف بمار روكز. وسيقيم نور الدين مع شقيقه الأكبر هادي الذي أنهى دراسة الحقوق في باريس، في شقة اشتراها الوالد المحامي وائل. لا يخفي شادي رغبته البقاء في لبنان، «ولكنه اقتنع أكثر بعد زيارة إلى أخيه في باريس»، بحسب ما قال الوالد لـ«الأنباء» في حفل التخرج بالمدرسة. «سيخوض حياته الجامعية في الخارج، من دون ان يحسم قرار عودته للالتحاق بسوق العمل في بلده، وهذا متروك للظروف الاقتصادية والمعيشية، ذلك ان المهندسين الشبان يبحثون عن خبرة ومال يستهلون بهما مسيرتهم، وهذا متوافر خارج البلد».
اما طوني نون فقد أنهى الصفوف الثانوية هذه السنة بالحصول على شهادة البكالوريا اللبنانية وينوي خوض غمار مهنة التصميم الداخلي. وسيلتحق بالجامعة اللبنانية الأميركية في جبيل، حيث يدرس شقيقه الأكبر. سيستفيد الشاب، الذي يعمل والده في مجال المفروشات المنزلية، من حسومات ومنح تصل إلى نحو خمسين في المائة من القسط السنوي، بالإضافة إلى قرب الجامعة من مكان إقامته، «ما يجنبني المبيت في مساكن وغرف خاصة بالطلاب وتكبد مصاريف إضافية، إلى توفير نفقات النقل، في ضوء ارتفاع أسعار المحروقات. كما أنني لن أحتاج إلى سيارة خاصة بي، لسهولة تدبر أموري بين والدي وشقيقي، إلى إمكان استعانتي بسيارة متوافرة في البيت من دون ان تكون خاصة بي».
من العاصمة السعودية الرياض إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، تنتقل ماريتا قاسم خليل لمتابعة تحصيلها الجامعي في الكيمياء الحيوية، بعد إنهاء مرحلتها الثانوية بشهادة البكالوريا الفرنسية في مدرسة الليسيه الفرنسية بالرياض. الخشية من الوضع الأمني غير المستقر، جعلت والدي ماريتا يحفزانها على الدراسة في الخارج، بحسب الوالد المهندس الذي أمضى غالبية مسيرته المهنية في الخارج بين بلدان أوروبية وأفريقية ثم في لبنان وحاليا في الخليج.
وقد حجزت ماريتا لنفسها مقاعد في جامعات عدة في لبنان (منها اليسوعية والكسليك) وبلجيكا وفرنسا. وتأمل الفتاة، وهي الكبرى على شقيقين، العودة إلى الوطن «في مرحلة متقدمة من مسيرتي المهنية، بعد تكوين خبرة في الخارج، وتحصيل أموال تمكنني من البدء بمشروع خاص بي».
اما ساره شربل التي حجزت لها مقعدا في كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف فقد اقتنعت بالبقاء في لبنان للدراسة الجامعية «حيث الرفاهية التي يؤمنها لي والداي»، مؤجلة فكرة السفر إلى «سنوات التخصص والماستر».