بلوغ حرارة البحر الأبيض المتوسط 30 درجة “خلل” قد يكون خطراً
يشهد البحر الأبيض المتوسط في المرحلة الراهنة “خللا” في درجات الحرارة يشكل مؤشرا إلى التغير المناخي وما قد ينجم عنه من عواقب خطرة، على ما يؤكد الخبير في الأرصاد الجوية لدى هيئة ميتيو فرانس للأرصاد الجوية روماريك سينوتي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس.
سؤال: رُصدت في بداية الأسبوع درجة حرارة تتخطى 30 درجة مئوية على سطح الماء في البحر الأبيض المتوسط. هل ذلك يشكل رقما قياسيا في هذا الوقت من العام؟
سجّلنا درجة حرارة بين الأحد والاثنين تجاوزت 30 درجة على عوامة قبالة سواحل موناكو، ودرجة حرارة تصل إلى نحو 30 درجة مئوية (29,7 درجة)، على عوامة في الريفييرا التي تقع على مسافة مماثلة من القارة وكورسيكا.
ومن الصعب التحدث عن رقم قياسي، لأنّ العوامة التي سجلّت 30 درجة مئوية موضوعة في المياه منذ العام 2014، ولا تحتوي تالياً على بيانات كثيرة ومتعمقة. لكنّ 30 درجة مئوية رقم ملحوظ، لأنّه أكثر من المعدل الاعتيادي بأربع درجات. إذ من المفترض أن تكون درجة الحرارة الاعتيادية للبحر الليغوري، وهو قسم من البحر الأبيض المتوسط، نحو 26 درجة مئوية في هذا الوقت من السنة. وتثير درجة الحرارة الجديدة الدهشة وينبغي التوقف عندها أكثر من الجانب القياسي.
سؤال: إلى ماذا يمكن أن نرجع هذه الظاهرة؟
عندما نكون أمام هذه الكتلة الهوائية الحارقة التي تستمر لأيام عدة، لا بدّ أن يكون لدينا تبادلات بين المحيط أو البحر والهواء، وسترتفع تالياً درجة حرارة الماء. لكنّ ذلك يحدث بشكل أبطأ، بسبب امتصاص المحيط أو البحر للحرارة الإضافية.
يوصَف البحر الأبيض المتوسط بـ”النقطة الساخنة” للتغير المناخي. فهو مساحة جغرافية تُرصد فيها آثار التغير المناخي التي تنعكس أيضاً في درجة حرارة البحر. في الوقت الحالي، يُعدّ الخلل في درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط إيجابي، أي أن الحرارة مرتفعة جداً مقارنة بالمعتاد.
وقد سُجّل هذا الارتفاع في درجة الحرارة والمرتبط بموجة حرّ حدثت في صيف 2022، حين رُصدت 30,8 درجة مئوية (درجة حرارة السطح) في البحر الأبيض المتوسط بتاريخ الرابع من آب (أغسطس) 2022.
سؤال: ماذا يمكن أن تكون العواقب؟
عندما ترتفع درجة حرارة الماء، تحصل ظواهر فيزيائية كثيرة.
كلما زادت سخونة السائل يتمدد أكثر، وسيكون ارتفاع درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط إذاً مرتبطاً بزيادة مستوى المياه، وهو ما سنلاحظه على الساحل.
لكن من جهة ثانية، البحر الأكثر سخونة يعني عمليات تبخّر أكثر، ومن المحتمل تاليا أن نشهد مزيدا من المياه في الغلاف الجوي واحتمال هطول الأمطار سيكون أكبر لأنّ الغلاف الجوي سيكون محمّلا بمزيد من الرطوبة.
كذلك، تمتص البحار والمحيطات حالياً 90% من الحرارة الزائدة في الغلاف الجوي، وعندما نقول إنّ متوسط درجة حرارة الأرض يزداد مع التغير المناخي، يكون جزء كبير من هذه الزيادة ممتصا من المحيطات التي تشهد احترارا. ومراقبة درجة حرارة المحيطات ستكون مهمة جدا لرصد التغير المناخي ومراقبة حالة الطقس، فالبحر الدافئ هو عامل مفاقم للوضع، تحديدا بالنسبة إلى موجات الأمطار الغزيرة التي نشهدها في جنوب فرنسا.