دوى وحيدة واحدة يُستحسَن “استيرادها” الى لبنان… سريعاً
أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم
تسبّبت مشاهد تُظهر استجمام الرئيس الأميركي جو بايدن على شاطئ ديلاوير قبل أيام بموجة معيّنة من الانتقادات، استناداً لجلوسه مُستمتعاً بأشعة الشمس، فيما العالم يسير من اضطراب الى آخر، على مختلف المستويات.
مخاطر عالمية
فإيران والفصائل المسلّحة المدعومة منها في الشرق الأوسط تهدّد بضرب إسرائيل، بشكل يُنذر باندلاع حرب إقليمية شاملة في منطقة تنتشر فيها قواعد أميركية. كما أعلنت روسيا حال الطوارئ في مناطق مُتاخِمَة لأوكرانيا، بعدما شنّ الجيش الأوكراني واحداً من أكبر هجماته على روسيا، وبشكل يفوق كل التوقّعات والانتظارات من أي هجوم أوكراني مُضاد يمكن تنفيذه ضد القوات الروسية المنتشرة على الأراضي الأوكرانية.
وما سبق ذكره كان أكثر ما دفع بعض المعارضين الى انتقاد استجمام الرئيس الأميركي على الشاطىء، نظراً لما للتهديدات المُشار إليها سابقاً من دور في رفع مستويات المخاطر العالمية.
حاكم وحيد؟
ولكن إذا أخذنا المسألة من زاوية أبْعَد من انتخابات رئاسية أميركية، ومن أطراف محليّة هناك تستغلّ غرابة بايدن لتُضعِف حظوظ نائبته المرشّحة كامالا هاريس في الوصول الى “البيت الأبيض” ربما، وأبْعَد من أصوات تكره أميركا أو تحبّها، سنجد أن انتقاد الرئيس الأميركي الباحث عن استراحة هو ظلم كبير في مكان ما، وإلقاء مسؤوليات وأعباء على أكتافه لا يُفتَرَض تحميلها لأي إنسان بحدّ ذاته، ولا لأي دولة بحدّ ذاتها، لا سيّما أن الحروب والاضطرابات والمشاكل في العالم ومحاولات الحدّ منها، هي قضايا عالمية ومسؤوليات مشتركة.
ولكن يبدو أن البعض يتعامل مع الولايات المتحدة الأميركية كـ “حاكم وحيد” لدول العالم، ومع رئيسها كما لو كان “أمبراطور المعمورة” الخارج من كتب تاريخ العصور الغابرة، فيما الواقع يجب أن يكون مختلفاً تماماً.
إنسان في النهاية
فأميركا ليست حاكمة العالم، ولا يجب أن تكون كذلك أصلاً. ويُفتَرَض برئيسها أن يحكم ويدبّر بلده أولاً، وذلك بمعزل عن قوة التأثير والنفوذ الذي تتمتّع به الولايات المتحدة على مستوى عالمي، وفي مختلف أنواع المجالات.
فرئيس أي بلد هو إنسان في النهاية، أي انه يتعب ويحقّ له بأن يرتاح. ولا قوة مُطلَقَة لأي بلد حول العالم مهما بلغت مقدرته، بدليل أن الولايات المتحدة الأميركية نفسها معرّضة دائماً لثغرات وخروق أمنية، داخلية وخارجية. وبهذا المقياس، يُصبح انتقاد بايدن ظلماً.
ولكن قد يتحول هذا الانتقاد نفسه الى مسألة مفهومة وضرورية ربما، نظراً لما للولايات المتحدة الأميركية من أدوار في إشعال فتيل اضطرابات وأزمات عالمية، وذلك على غرار غيرها من الدول الكبرى (مثل روسيا، الصين…) أو البلدان ذات التأثير الإقليمي (مثل إسرائيل، إيران، تركيا…).
فكل الدول لا تقصّر على مستوى التسبّب بأزمات ومشاكل بحثاً عن مصالحها، وذلك على الصُّعُد الأمنية والعسكرية والاقتصادية…، وبشكل يتسبّب بأذى كبير لدول وشعوب أخرى. وهذا ما قد يجعل منظر رئيس هذه الدولة أو تلك مُستمتعاً على شواطىء كذا وكذا، أو في رحلة كذا وكذا، مستفزّاً لعدد لا بأس به من الناس.
في لبنان…
أمر آخر تلاحظه بعض شعوب العالم دون سواها، وهي أن الرئيس في أي بلد هو رأس البلد في المدّة التي يحكم فيها. والرأس يكون مُتعَباً في العادة من شدّة التفكير، والتخطيط، والتدبير، والتمحيص… وهو ما يجعل منظره مستمتعاً على الشاطىء أو في أي مكان، في أوان الأزمات والمخاطر، مستفزّاً. وهذه مسألة لا بدّ من تفهّمها أيضاً.
يبقى القول إن بايدن تعرّض لحملة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي اتهمته بقضاء وقت كبير من فترته الرئاسية في الإجازات، وهذا دليل على حيوية الشعب الأميركي الذي يراقب، والذي يُحسن استثمار ما يراقبه بحسب الظروف.
فحبّذا لو يُصاب شعبنا اللبناني بعدوى المراقبة على الأقلّ، فيُلاحظ أن من ينتخبهم، وأولئك الذين يقبعون في المقرات والقصور بالانتخاب أو التعيين على حدّ سواء، هم في حالة استجمام وراحة دائمة، لا سيّما عندما يتشاغلون بأمور رسمية كثيرة، في مختلف أنواع الأوقات والظروف.