اقتصاد

5 مصارف تتيح لمودعيها سحب مبالغ تفوق سقف تعاميم المركزي للسحوبات

بعد مرور خمس سنوات على الانهيار النقدي، وتشتت أسعار الصرف، وتخبطه بين السعر الحقيقي و”اللولار” و”صيرفة” والدولار الجمركي، ما معنى أن تطلب وزارة المال من مجلس الوزراء “تحديد سعر صرف الدولار الأميركي النقدي والمحلي (لولار) من أجل تسجيل القيود المحاسبية لحسابات الخزينة  اللبنانية بالدولار الأميركي”؟، وكذلك باعتماد سعر موحد “بالنسبة لإيرادات الدولة المقدرة من الضرائب والرسوم، المحددة بالدولار الأميركي لغاية إعداد مشروع موازنة 2025” العتيدة؟

التخبّط في الاحتساب ليس وليد اليوم، ومردّه إلى تخبط السلطة السياسية منذ بدء الأزمة وغرقها في ـنهج “مكانك راوح”، واعتمادها التسويف والتأجيل ثقافةً عامة للحكم هرباً من المسؤولية.
سنوات مرت والناس كما أهل المال والأعمال ينتظرون حلاً جذرياً لمعضلتين تسمّمان الحياة الاقتصادية والمالية وتعوقان إعادة إطلاق الاقتصاد واكتساب الثقة مجدداً بالسوق


التخبّط في الاحتساب ليس وليد اليوم، ومردّه إلى تخبط السلطة السياسية منذ بدء الأزمة وغرقها في ـنهج “مكانك راوح”، واعتمادها التسويف والتأجيل ثقافةً عامة للحكم هرباً من المسؤولية.
سنوات مرت والناس كما أهل المال والأعمال ينتظرون حلاً جذرياً لمعضلتين تسمّمان الحياة الاقتصادية والمالية وتعوقان إعادة إطلاق الاقتصاد واكتساب الثقة مجدداً بالسوق  اللبنانية.

الأولى هي مسألة تعدد سعر صرف الدولار الأميركي، ما يزيد من إرباكات وزارة المال في استيفاء الرسوم والضرائب، وتقدير العائدات المحتملة تحضيراً لموازنة 2025.
والمعضلة الثانية، هي في عدم التجرؤ على تعديل سعر صرف الدولار المصرفي (اللولار) ومساواته بسعر منصة مصرف  لبنان، أي 89500 ليرة، وإبقائه خلافاً للقانون والعدالة عند سعر 15 ألف ليرة، ما يتسبب بخسائر للمودعين يمكن تلافيها، باعتماد السعر الحقيقي مترافقاً مع ضوابط وسقف للسحوبات. فقرار موحد من السلطة السياسية، بالتوافق مع السلطات النقدية، وبمدة قصيرة جداً، يمكنه إجراء تغيير جدي على المشهد المالي والنقدي، وكذلك الاقتصادي في  لبنان، اللهم إن كانت نيّات أهل السلطة والسياسة تريد الولوج إلى الحلول الجدية، وإنقاذ ما بقي.

مبررات طلب وزارة المال، هي أن الليرة  اللبنانية شهدت خلال الأعوام 2020 لغاية 2023 انخفاضاً كبيراً في قيمتها مقابل الدولار الأميركي، توازياً مع تركز مفهوم الدولار النقدي والدولار المحلي (لولار) في السوق النقدية  اللبنانية، بما أدى الى إرباكات كبيرة في القيود المحاسبية لوزارة المال، إذ يجب تحديد سعر صرف الدولار الأميركي النقدي والمحلي (لولار) من أجل تسجيل هذه القيود لحسابات الخزينة اللبنانية بالدولار الأميركي، وتقييم الإيرادات وقيمة النفقات المنفذة، خصوصاً أنه خلال الأعوام 2021 و2022 و2023 اعتمد مصرف  لبنان منصّة صيرفة لتحويل العملات من الدولار الأميركي النقدي وإليه، بدءاً من 21/5/2021 عملاً بالتعميم رقم 157/2021.

وبما أنه يقتضي اعتماد سعر للدولار الأميركي بالنسبة لإيرادات الدولة المقدرة من الضرائب والرسوم المحددة بالدولار الأميركي لغاية إعداد مشروع قانون موازنة عام 2025، واستناداً إلى التعاميم الصادرة عن مصرف  لبنان بشأن الإجراءات الاستثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات بالعملات الأجنبية، اقترحت وزارة المال على مجلس الوزراء، لغايات تسجيل القيود المحاسبية لعمليات النفقات والإيرادات الحاصلة بالدولار الاميركي، اعتماد سعر صرف بالنسبة لعامي 2020 و2021 على سعر صرف 1507.50 ليرات. أما بالنسبة لعام 2022 وما بعد فطلبت وزارة المال تحديد الدولار النقدي والمحلي من 1/1/2022 لغاية 31/7/2022 على سعر صرف 1507.50 ليرات، ومن تاريخ 1/8/2022 لغاية 31/12/2022 ومن 1/1/2023 لغاية 31/1/2023 سعر الدولار النقدي على سعر منصة صيرفة والدولار المحلي على 1507.50 ليرات. أما من تاريخ 1/2/2023 لغاية 31/12/2023، ومن 1/1/2024 لغاية 13/2/2024، فطلبت تحديد سعر الدولار النقدي على سعر صيرفة. أما الدولار المحلي فعلى سعر 15 ألف ليرة. ومن 14/2/2024 إلى حين صدور قرار جديد سعر الدولار النقدي على سعر صرف 89 ألفاً و500 ليرة والدولار المحلي على سعر 15 ألف ليرة.

وفي قراءة لخبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد محمد فحيلي عن خلفيات قرار وزارة المال، أكد أن “سعر صرف الدولار شرع بالممارسة في وزارة المال، لكن الحديث الآن هو حول تشريعه رسمياً”، مذكراً بأنه “خلال مناقشة قانون الموازنة حصل نقاش حول ما إن كان يجب ذكر سعر صرف في الموازنة، واعتبر حينها رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان عدم جواز ذكر سعر الصرف في الموازنة”.

وإذ لفت الى أن “توجّه وزارة المال اليوم هو تشريع سعر صرف الدولار بقانون وفقاً لمنصّة صيرفة أو وفقاً للسعر الذي يعتمده المصرف المركزي في الواردات والنفقات التي وردت في موازنة الـ2024، إذ إن هذا الرقم قابل للتغيّر”، أشار الى أنه حتى في التعميم رقم 167 الصادر عن المركزي لم يُحدَّد سعر صرف الدولار المصرفي، على أن يكون وفق السعر المعتمد من منصة صيرفة، بما يشير الى أن الحاكم بالإنابة وسيم منصوري يريد بذلك أن يكون للسلطة السياسية دور في تحديد سعر صرف دولار السحوبات من الحسابات المعنونة بالدولار المحلي، وفي تحديد سقف السحوبات، فيما مصرف  لبنان ينفذ هذه القرارات”.

ويلفت فحيلي الى أن سعر الصرف الرسمي حدّده الحاكم السابق رياض سلامة في أول عام 2023 وهو 15 ألف ليرة للدولار الواحد، ويومها قبلت السلطات السياسية باعتماده. أما سعر صرف الدولار المصرفي الذي يحدّد سعر صرف الدولار بالتعامل بين القطاع المصرفي والمالي ومصرف  لبنان فهو محدد بكل وضوح في التعميم الأساسي رقم 167 (سعر منصة صيرفة).

وإذ يشير الى أن “من المبررات لطلب وزارة المال، أنها بدأت تقتطع الضريبة على الدخل بالدولار للموظفين الذين يتقاضون بالفريش، كما أن غالبية مرافق الدولة من مؤسسة كهرباء لبنان و”أوجيرو” ومؤسسات مياه لبنان أصبحت تحدد إيراداتها على سعر 89500″، يلفت الى أن “قوننة هذا الأمر فرضت نفسها حين بدأت الوزارات والمرافق العامة تنفق بالدولار، فإذا أرادت وزارة الطاقة شراء فيول مثلاً، فهي ستحتاج للدفع بالدولار وعلى سعر السوق، أي على 89500”.

ويؤكد فحيلي أن “من الظلم سحب المودعين لأموالهم من المصارف على سعر 15000 ودفع الضرائب والرسوم على 89500″، لافتاً الى أن بعض المصارف تتيح لمودعيها سحب مبالغ تفوق سقف تعاميم المركزي للسحوبات ويقدَّر عددها بـ5 مصارف، ويفضّل هؤلاء إعطاء المصارف المبالغ بالدولار نظراً للنقص في السيولة بالليرة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com