إليكم أهمية المحورين فيلادلفيا ونيتساريم
إليكم أهمية المحورين فيلادلفيا ونيتساريم
يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على عدم الانسحاب “تحت أي ظرف من محوري فيلادلفيا ونيتساريم”، فما أهمية هذين المحورين؟ وما تأثير هذا الموقف الإسرائيلي على مفاوضات وقف إطلاق النار؟
يقع محور فيلادلفيا، الذي يسمى أيضا “محور صلاح الدين”، على امتداد الحدود بين غزة ومصر، وهو ضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية السلام “كامب ديفيد”، بين مصر وإسرائيل، الموقعة عام 1978، ويبلغ طوله 14 كلم.
وتسمح هذه الاتفاقية لإسرائيل ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات التي يمكن نشرها على ذلك المحور، وذلك بهدف القيام بدوريات، لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الإجرامية الأخرى.
وكانت القوات الإسرائيلية تسيطر على المنطقة “د” التي تتضمن محور فيلادلفيا حتى انسحابها منها وتسليمها للسلطة الفلسطينية عام 2005، ولترتيب تواجد مصري لقوات حرس الحدود، تم توقيع اتفاقية جديدة باسم “اتفاقية فيلادلفيا”.
ووقعت إسرائيل مع مصر على اتفاقية فيلادلفيا باعتبارها تابعة لاتفاقية كامب ديفيد، التي حددت مسافة 14 كلم كشريط عازل على طول الحدود بين مصر وغزة.
وجاءت الاتفاقية بعدما أقر الكنيسيت الإسرائيلي، عام 2004، قرارا بسحب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، دخل حيز التنفيذ في آب عام 2005.
ويمتد ممر نتساريم، الذي يبلغ طوله نحو 6 كيلومترات، من الحدود الإسرائيلية إلى ساحل البحر المتوسط، جنوب مدينة غزة، مما يفصل مدينة غزة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوب القطاع.
وسمي المحور على اسم مستوطنة، كانت قائمة قبل 2005 في مكانه، وفي آب 2005، أجلى الجيش سكان نتساريم في إطار خطة فك الارتباط عن غزة.
وتعتبر قضية انسحاب القوات الإسرائيلية من المحورين من بين نقاط الخلاف في المفاوضات الحالية بين إسرائيل وحماس. وتصر حماس على انسحاب إسرائيل من المحورين، وجعلت ذلك مطلبا أساسيا في المفاوضات.
لكن مع استمرار المحادثات على مدى الشهور الماضي، كثفت القوات الإسرائيلية تواجدها في نتساريم.
وتُظهِر صور للأقمار الصناعية، فحصتها صحيفة واشنطن بوست، في أيار الماضي، أن إسرائيل أنشأت 3 قواعد في المحور منذ اذار الماضي.
وقال نتنياهو إن إسرائيل بحاجة إلى “آلية” في نتساريم لمنع المسلحين من العودة إلى الشمال، الذي أصبح معزولا إلى حد كبير منذ تشرين الاول.
وفي كانون الأول المأضي، أكد نتنياهو أنه يتعين على بلاده أن تسيطر بشكل كامل على محور فيلادلفيا لضمان “نزع السلاح” في المنطقة، واعتبر السيطرة على منطقة الحدود المصرية ضرورية لمنع حماس من تجديد ترسانتها من خلال أنفاق التهريب.
ويوضح رافائيل كوهين، الخبير الأمني الأميركي في مؤسسة “راند” الأميركية، لموقع الحرة، أن الإسرائيليين ينظرون إلى السيطرة على الممرين باعتبارهما مفتاحا لمنع حماس من إعادة بناء قدراتها.
ولطالما اعتقد الإسرائيليون، يقول كوهين، أن حماس تحصل على معظم أسلحتها من التهريب عبر الحدود بين مصر وغزة، وقد رصد الجيش الإسرائيلي أنفاقا عدة تحت ممر فيلادلفيا.
وإذا انسحب الجيش الإسرائيلي، فإن الحكومة تعتقد أن حماس ستعيد بناء هذه الأنفاق، وفق كوهين.
أما السيطرة على ممر نتساريم، يقول المحلل الأميركي، فتعتبرها إسرائيل ضرورية لمنع حماس من نقل المسلحين (وربما الرهائن) من الشمال إلى الجنوب والعكس، لذا فإن الإسرائيليين ينظرون إلى هذا المحور أيضا باعتباره نقطة محورية.
وتقول إسرائيل إن حماس استخدمت شبكة واسعة من الأنفاق لتهريب الأسلحة، مما سمح لها ببناء الآلة العسكرية التي استخدمتها في هجوم السابع من تشرين الاول الذي أشعل فتيل الحرب.
ويقول الجيش إنه عثر على عشرات الأنفاق ودمرها منذ الاستيلاء على ممر فيلادلفيا في أيار.
وترفض مصر هذه التصريحات، قائلة إنها دمرت مئات الأنفاق على جانبها من الحدود، قبل سنوات، وأقامت منطقة عازلة عسكرية خاصة بها تمنع التهريب.
وتهدد مطالبة إسرائيل بالسيطرة الدائمة على الممرين الاستراتيجيين بانهيار محادثات وقف إطلاق النار، وفق جوست هيلترمان، خبير الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية الذي تحدث لموقع الحرة.
واعتبرت حماس أن “المقترح الجديد لوقف إطلاق يستجيب لشروط نتنياهو، خاصة في ما يتعلق برفضه لوقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الشامل من قطاع غزة، وإصراره على مواصلة احتلال مفترق نتساريم ومعبر رفح وممر فيلادلفيا”.
وتعارض حماس ومصر وجود قوات إسرائيلية في ممر فيلادلفيا، لكن نتنياهو يقول إن هناك “حاجة” لهذه القوات على الحدود.
وتقول حماس إن أي وجود إسرائيلي دائم في غزة يرقى إلى احتلال عسكري، بينما تعارض القاهرة بشدة وجود إسرائيلي على الجانب الآخر من حدودها مع غزة.
ويقول هيلترمان إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أنها قادرة على التعامل مع الموقف إذا تخلت إسرائيل عن السيطرة على هذين الممرين، أو على الأقل تعتقد أن الأمر يستحق العناء إذا كان يعني التخلي عنهما استعادة الرهائن.
ويرى أن إضافة هذين الشرطين (السيطرة على الممرين) إلى الصفقة المقترحة يعني أن نتنياهو لا يريد التوصل إلى صفقة.
ويقول هيلترمان إن “نتنياهو يعلم أن الإصرار على عدم الانسحاب لن يؤدي إلى التوصل إلى صفقة. إنه يريد صفقة بشروط إسرائيل، وليس تسوية”.
وتشير شبكة “إيه بي سي” الأميركية إلى أن السيطرة الإسرائيلية على أي من الممرين يتطلب إغلاق طرق وإقامة أبراج حراسة ونقاط تفتيش وغيرها من المنشآت العسكرية.
وتعتبر نقاط التفتيش من بين أكثر مظاهر الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، وفي غزة قبل انسحابها في عام 2005.
وتقول إسرائيل إن نقاط التفتيش ضرورية للأمن، لكن الفلسطينيين ينظرون إليها باعتبارها انتهاكا لحياتهم اليومية، ومقدمة للاحتلال العسكري الدائم وعودة المستوطنات، وهو ما دعا إليه شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني علنا.
وطالبت حماس بانسحاب إسرائيلي كامل، واتهمت نتنياهو بوضع شروط جديدة من أجل إفساد المحادثات.
وتقول مصر إن العمليات الإسرائيلية على طول الحدود تهدد معاهدة السلام بين البلدين. ورفضت فتح معبر رفح حتى تعيد إسرائيل الجانب الفلسطيني من المعبر في قطاع غزة إلى السيطرة الفلسطينية.
وتصر إسرائيل على أن السيطرة على الممرين أضيفت لاقتراح سابق أقره الرئيس، جو بايدن، في خطاب ألقاه في الحادي والثلاثين من أيار، ثم أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قرار لوقف إطلاق النار.
ولكن لم يشر الخطاب ولا قرار مجلس الأمن إلى مطالب إسرائيل فيما يتصل بالممرات، وفق “إيه بي سي”، وكلاهما أشار إلى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية.
وقالت الولايات المتحدة إنها تعارض أي إعادة احتلال لغزة، أو تقليص أراضيها.
وتنص المسودات المكتوبة السابقة لمقترح وقف إطلاق النار على انسحاب إسرائيلي أولي من المناطق المأهولة بالسكان خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، مع إطلاق سراح رهائن والسماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى الشمال.
وخلال المرحلة الثانية، التي سيتم التفاوض على تفاصيلها خلال المرحلة الأولى، ستنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل وتطلق حماس سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، بما في ذلك الجنود الذكور.
وتنص أحدث مسودات الاقتراح، بما في ذلك المسودات التي وافقت عليها حماس من حيث المبدأ في الثاني من يوليو، على أن السكان النازحين العائدين في المرحلة الأولى لا ينبغي لهم أن يحملوا أسلحة، لكنها لا تحدد آلية لتفتيشهم.
وتقول “إيه بي سي” إن الفشل في التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يطيل أمد الحرب.
وتتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بتعطيل التوصل لاتفاق، مع استمرار العمليات العسكرية التي خلفت أكثر من 40 ألف قتيل في قطاع غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفق سلطات القطاع الصحية.
واندلعت شرارة الحرب إثر الهجوم الذي نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الاول الماضي على إسرائيل، وأسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص، أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الرسمية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف على قطاع غزة أتبعت بعمليات برية منذ 27 تشرين الاول، أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.