مؤشرات التصعيد واضحة.. “الفرصة الأخيرة” رفع عتب
لم تكن عودة “العمليات الإستشهادية” في داخل اسرائيل، والتي بالرغم من فشل احداها خارجة عن مسار التصعيد الذي بدأ في المنطقة قبل اسابيع، اي منذ اغتيال تل ابيب للقائد العسكري في “حزب الله” فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت ورئيس المكتب السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية في طهران، اذ ان تعيين يحيى السنوار رئيس جديداً للحركة بدأ يظهر نتائجه، والتي ستكون عودة العمليات الانتحارية احداها، وعليه فإن التصعيد المقبل سيكون على كافة المستويات وضمن مختلف الساحات والجبهات المفتوحة من الضفة الى لبنان فاليمن وايران، وهذا بحد ذاته يعطي ايحاء حقيقيا حول شكل التطورات في الايام المقبلة.
بحسب مصادر مطلعة فإن فرصة المفاوضات الحالية بين حماس وإسرائيل هي الفرصة الاخيرة، وان واشنطن تأخذ تهديدات المحور على محمل الجدّ وتعرف ان فشل المفاوضات سيعني بدء الردود على اسرائيل، وعليه فإن الضغوط ستصل خلال الساعات المقبلة الى أقصاها على تل ابيب تحديداً في ظل اعطاء حركة “حماس” مؤشرات أكثر من واضحة بأنها لا تريد تقديم المزيد من التنازلات وهذا مرتبط ايضاً بالسنوار واستراتيجياته التفاوضية، حتى ان اصدار بيانات النعي للتفاوض يؤكد أن حماس تريد ايصال رسائل للمحور بأنها غير راضية وغير مقتنعة بكل التفاوض الحاصل وعليه، يجب على الدول والتنظيمات الحليفة ان تتحرر من فكرة اعطاء الفرصة للحل وعدم تضييع الفرصة على الفلسطينيين.
بالتوازي بدأت تزداد الاعلانات عن توقف شركات الطيران عن تسيير رحلاتها الى تل ابيب واخرها الطيران الاماراتي والطيران الاميركي ما يعقد المشهد ويعطي ايحاء واضحا عن المستقبل القريب. خلال الاسابيع الماضية استفاد الجميع من تأخير الردّ، فإسرائيل والولايات المتحدة الاميركية أعدا العدة للردّ الايراني ووضعا امامهما كل الاحتمالات وجهزا الوسائل القتالية اللازمة لتخفيف الضرر عن اسرائيل ومنع وصول الصواريخ والمسيرات بما في ذلك استخدام اراضي دول اخرى من قبرص وصولاً الى الاردن، وهذا الامر ينطبق على ايران و”حزب الله” اللذين اعدا نفسيهما لحرب مفتوحة بالرغم من ان احتمالات حصولها لا تزال منخفضة نسبياً، مع ترجيح حصول ضربات متفرقة ومستمرة.
من الصعب على المراقبين تخيّل فكرة تراجع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو عن شروطه السياسي التي تظهره كمنتصر، خصوصاً أن خسارة المعركة لا يعني فقط خسارة اسرائيل استراتيجياً بل سيخسر هو على المستوى الشخصي وسيدفع حياته السياسية ثمناً لذلك، من هنا يصبح الضغط الاميركي على الرجل من دون جدوى ما لم ينتقل الى مستوى جديد وحاسم، لان قدرة تل ابيب على المناورة لا تزال كبيرة ولا يمكن ضبطها في ظل شعورها بأن واشنطن والدول الغربية كافة تقف الى جانبها، ما يعني أن استغلال اللحظة سيكون امراً مغرياً وضرب ايران ضربة قاسمة بات مرجحاً…
ترى مصادر مطلعة أن الترجيحات الديبلوماسية تشير الى أن الايام المقبلة ستكون حاسمة، فإما يقتنع نتنياهو بضرورة تقديم تنازلات حقيقية تعيد الاتفاق الى ما كان عليه في اقتراح الرئيس الاميركي جو بايدن، وإما الذهاب الى التصعيد الكبير في المنطقة، خصوصاً أن نتنياهو يريد الحصول في المفاوضات على مكتسبات ميدانية لم يستطع الحصول عليها من خلال المعركة، فسيطرة الجيش الاسرائيلي على بعض محاور القتال في غزة غير ممكن في ظل استمرار العمليات التي تؤدي الى اصابات وقتلى من الجنود، وعليه كيف يمكن لحماس ان تتنازل تحت تهديد الحرب الشاملة، عن امور لم تستطع اسرائيل انتزاعها بالمجازر والمعارك العسكرية؟