لبنان على اللائحة الرمادية: مرحلة خطيرة تنتظرنا
على وقع الجبهات العسكرية الملتهبة وفي عز البحث عن منافذ دبلوماسية تجنب لبنان خطر الحرب الكارثية، أطل حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري ليعلن الخبر المشؤوم اقتصاديا وماليا وهو خطر وضع لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، وما يعني ذلك من تداعيات كبيرة ابرزها التعقيدات المرتبطة بالتعاملات مع المصارف المراسلة ورفع كلفتها وبالتالي تدقيقاً أكبر من قبلها.
وبحسب المعلومات، فإن الحاكم منصوري أبلغ المسؤولين قبل أشهر بقرار ادراج لبنان على اللائحة الرمادية على خلفية التقرير الذي أعدته مجموعة العمل المالي FATF وعددت فيه الاسباب او النشاطات التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار، مشيرة الى أن زيارة الحاكم الى واشنطن تأتي في اطار الحد من التداعيات الكبيرة لهذا القرار على الاقتصاد اللبناني خصوصا في الشق المتعلق بعمليات الاستيراد والتصدير والتي تخضع ايضا لتدقيق المصارف في الخارج.
عمليا يفند القانون 44/2015 النشاطات التي تحصل من خلالها عمليات تمويل الارهاب وتبييض الاموال وادخالها بالنظام المصرفي ومن بينها تجارة السلاح، المخدرات، التهرب الضريبي، الفساد في القطاع العام، تجارة الاعضاء البشرية وغيرها.. واللافت في لبنان بحسب FATF، أن هناك نشاطين بارزين أكثر من غيرهم وهما تجارة الذهب والفساد في القطاع العام على مستوى رفيع. ويؤكد الخبراء ان اللجوء الى الذهب في الازمات منطقي ولكن حجم العمليات التجارية في هذا القطاع وفي زمن الـ “كاش” ظهر بشكل كبير، ما طرح علامات استفهام حول امكانية وجود نشاط غير قانوني في هذا القطاع. أما الفساد في القطاع العام على مستوى رفيع فهو موجود وبقوة بحسب تقرير المجموعة وهذا يعكس تقاعسا حكوميا ورقابيا من أجل تطبيق الاصلاحات.
عملياً يتأثر لبنان بعد وضعه على اللائحة الرمادية بنقطتين اساسيتين وهما:
-عمليات الاستيراد، حيث سيواجه التاجر صعوبة كبيرة في تحويل أمواله الى المصارف في الخارج وستخضع الى مزيد من التدقيق من قبل الجهات الرقابية ما يعني تأخيرا في عمليات الاستيراد.
-والنقطة الثانية وترتبط بالتحويلات من الخارج الى الداخل اذ يصبح هناك تدقيق يشمل الجهة التي ستتلقى الاموال والجهة المرسلة.
يتمدد خطر اللائحة الرمادية على العمليات التجارية من استيراد وتصدير وعلى الاستثمارات في البلاد اضافة الى الاموال التي تأتي من الخارج أو تلك التي تخرج من لبنان.
وفي حين يؤكد الخبراء أن الحاكم منصوري اتخذ سلسلة اجراءات طالت القطاع المالي في البلاد، اشار هؤلاء في الوقت نفسه، الى ان المشكلة الاساسية تكمن بغياب سلطة الرجل على القطاع غير المالي وهو مصدر تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
في هذا الشق يشير الخبراء الى ان مجموعة العمل المالي ذكرت في تقريرها اسماء الاجهزة الامنية المعنية بتنفيذ القانون والمتقاعسة في اداء المهمة الموكلة اليها معطوفة على تقصير قضائي كبير من قبل السلطة القضائية الخاضعة الى القرار السياسي الداخلي.
كل ذلك يؤدي بحسب المقربين من حاكمية مصرف لبنان الى رفع احتمالات وضع لبنان على اللائحة الرمادية الى نحو ثمانين في المئة، سيما وأن اقتصاد الكاش في لبنان يشكل حوالى الخمسين في المئة من الناتج المحلي الذي يبلغ حوالى الـ 17 مليار ونصف.
ويحذر هؤلاء من انتقالنا في المرحلة المقبلة الى اللائحة السوداء وهي كارثية كونها تعزل لبنان تجاريا وماليا عن العالم ويحتاج عندها الى دولة ثالثة راعية كحالة العراق في تسعينات القرن الماضي، يومها كانت دولة الامارات راعية له عندما وضع على اللائحة السوداء.