النواب الخارجون من “التيار”.. هل يعدّلون موازين القوى الرئاسية
النواب الخارجون من “التيار”.. هل يعدّلون موازين القوى الرئاسية
بمثابة كتلة نيابية كاملة متكاملة، أصبح النواب الخارجون من “التيار الوطني الحر” بعدما وصل عددهم إلى أربعة، إما بالفصل، كآلان عون والياس بو صعب، أو بالاستقالة، كسيمون أبي رميا وإبراهيم كنعان، ولو أنّ أيّ حديث جدّي عن “تموضعهم البرلماني” لم يبدأ بعد، سواء لجهة تأسيس كتلة برلمانية محصورة بهم، أو ربما الالتحاق بنواب مستقلّين أو ووسطيّين يتناغمون معهم، سواء في كتلة قائمة، أو جديدة.
لم ينل هذا الأمر حصّته من النقاش في الأوساط السياسية، وفي أوساط النواب أنفسهم، في الأيام القليلة الماضية، على وقع استمرار السجالات بينهم وبين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل والقياديّين المحسوبين عليه أو الدائرين في فلكه، علمًا أنّ المفارقة تمثّلت في القفز على الواقع الحاليّ، وبدء النقاش بالتحالفات المحتملة في الانتخابات النيابية المقبلة، على خلفية تسريبات صوتيّة للنائب آلان عون في هذا السياق.
لكن قبل الوصول إلى الانتخابات المقبلة، ثمّة من يسأل عن انعكاس التموضع النيابي الجديد لنواب “التيار” القدامى، والذي لا يزال غير واضح، وربما غير ناضج، على الاستحقاقات السياسية والانتخابية الآنية، ومن بينها الانتخابات الرئاسية المؤجّلة، فهل يستطيع هؤلاء تعديل موازين القوى الرئاسية، لصالح هذا الفريق أو ذاك، أو ربما الفريق الوسطيّ، وإلى أيّ حدّ يمكن القول إنّهم قادرون بالحدّ الأدنى على “إضعاف” موقف باسيل الرئاسي؟!
الثابت الوحيد
صحيح أنّ الصورة لا تزال غير واضحة بالمجمل بعد، على مستوى التموضع المحتمل لنواب “التيار” القدامى في المرحلة المقبلة، حتى لجهة إن كانوا عازمين على تشكيل كتلة رباعية قد تُعتبَر “تحدّيًا” لتكتل “لبنان القوي” ورئيسه الوزير السابق جبران باسيل، أو إن كانوا يفضّلون الحفاظ على نوع من “الاستقلالية”، بانتظار بلورة “مصير” خوضهم للانتخابات النيابية المقبلة والتحالفات التي يمكن أن يذهبوا إلى نسجها مع هذا الفريق أو ذاك.
لكنّ الصحيح أيضًا أنّه، في مقابل عدم الوضوح هذا، ثمّة ثابتة وحيدة من كلّ ما حصل على مستوى “التيار” في الآونة الأخيرة، وهي أنّ موقف “التيار” بات أضعف، سواء في مقاربة الاستحقاق الرئاسي أو غيره من الاستحقاقات، فهو خسر في النتيجة جزءًا كبيرًا من “ثقله النيابي”، حتى لو أصرّ على أنّه لم يتأثّر “شعبيًا” بهذا الأمر، فنظرية “الأقوى مسيحيًا” ما عادت تصلح أقلّه على مستوى مجلس النواب، بعيدًا عن الاستهلاك الإعلامي.
وإذا كان “التيار الوطني الحر” حاول على المستوى الرسمي أن “يلمّح” لهذا الأمر، في ردّه على النائب سيمون أبي رميا مثلاً، حين “اعتذر من التياريين” الذين أعطوه أصواتهم “على أساس تمثيل التيار في الندوة البرلمانية، طيلة فترة نيابته”، فإنّ مثل هذه المقاربة تعكس وفق العارفين، إدراك باسيل والمحسوبين عليه أنّ هناك “مشكلة حقيقية” على مستوى التمثيل النيابي، ما عاد بالإمكان تجاوزها بالشعارات والعناوين الرنانة والفضفاضة.
خيارات مفتوحة
بعيدًا عن هذه الثابتة لناحية إضعاف موقف “التيار” في الاستحقاق الرئاسي وغيره، قد لا تكون الإجابة على السؤال عن تأثير النواب الخارجين من “التيار” على موازين القوى محسومة، إذ إنّ الخيارات أمام هؤلاء النواب تبقى متعدّدة، والسيناريوهات مفتوحة، ولو أنّ الانطباع السائد أنّ هؤلاء سيحاولون في الفترة المقبلة أن يأخذوا بالاعتبار تحالفاتهم الانتخابية لتحديد خياراتهم، وقد يلتزمون “وسطية معيّنة” على طريق “حسم” التحالفات الانتخابية.
في هذا السياق، ثمّة من يعتقد أنّ نواب “التيار” القدامى قد يعمدون لوضع يدهم بيد عدد من النواب المستقلّين والوسطيّين، بما قد يسمح بتعزيز الخيار “الوسطي” في الاستحقاق الرئاسي، بعيدًا عن الاتجاه الذي يريده باسيل، وأيضًا بعيدًا عن المرشحين الحاليين، الوزير السابق جهاد أزعور الذي لا يؤيّدونه أساسًا، وكان ترشيحه من أسباب “انفجار” الخلاف مع قيادة “التيار”، وكذلك رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
لكن في المقابل، ثمّة من لا يستبعد أن يذهب هؤلاء إلى الانضمام للمعسكر الداعم لفرنجية، بما يعطيهم أوراقًا لدى “حزب الله”، يمكن أن يستخدموها ويوظّفوها متى حان موعد الانتخابات النيابية، علمًا أنّ بعض هؤلاء النواب لا يمانع في تأييد هذا الخيار، كالنائب الياس بو صعب الذي سبق أن أعلن أنّه لن يتردّد في منح صوته لرئيس تيار “المردة” إن احتاجه للفوز، وسائر النواب الذين يُعتقد أنّهم بين فرنجية وأزعور، يفضّلون الأول.
قد تكون مفارقة لافتة أن يكون الحديث بالتحالفات الانتخابية المحتملة لنواب “التيار” القدامى قد بدأت من الآن، ولعلّ ما يلفت أكثر أن يكون “التيار” والمتمرّدون عليه يتنافسان على نسج التحالفات نفسها بصورة أو بأخرى. لكنّ ما قد يكون أهمّ في الوقت الحاضر الآن، هو استكشاف “تموضع” هؤلاء النواب في البرلمان الحاليّ، والذي يبدو أنّه سيبقى مفتوحًا حتى إثبات العكس، مع ثابتة واحدة هي أنّهم سيقفون “ضد جبران”!