اقتصاد

300 مليون دولار أموال “المهندسين” في المصارف… هل ضاعت

“النهار”- سلوى بعلبكي
يوم حط الانهيار الاقتصادي والنقدي رحاله في لبنان، لم يميز بين لبناني وآخر، وبات الجميع في سلة واحدة من الحاجة والعوز، والمساعدة لتجاوز المرحلة بأقل الخسائر الممكنة.

كما المحامون، والأطبّاء، كذلك المهندسون، وقعت نقابتهم، أسوة بغالبية اللبنانية، أسيرة فقدان “جنى عمر” المهندسين، وتعويضاتهم ورواتبهم التقاعدية، بعدما احتُجزت اموال النقابة ما بين المصارف من جهة، وانهيار القيمة الشرائية للراتب التقاعدي من جهة أخرى.

وفيما لا حلول في الأفق المنظور لمعضلة الودائع، وعدم وضوح ما يمكن أن تقدّمه الدولة ومصرف لبنان لنقابة المهندسين من حلّ، لثلاثمئة مليون دولار هي مجموع احتياطات النقابة وودائعها في المصارف، تعاني النقابة من ضمور في مداخيلها، في وقت تحتاج فيه إلى الكثير لتأمين الرواتب للمهندسين المتقاعدين وعائلاتهم… فهل من خريطة طريق تعمل عليها النقابة لاسترجاع أموالها؟

عندما فاز بمركز النقيب خاطب فادي حنا المهندسين من “العقل والقلب” بالقول “سنعيد الأمان والانتماء للنقابة معاً، وسنعمل على وصل الجسر الذي انقطع بين الجيل المؤسس الذي بنى النقابة والجيل الجديد، سنجلس مع النقباء السابقين والجميع لنفيد من خبراتهم”.

5 أشهر تقريباً على تسلمه النقابة كانت كفيلة بطبع البصمات الأولى للعمل بعد مرحلة استكشاف ودراسة وتخطيط. فانطلقت مرحلة التنفيذ العملية في ورشة كبرى يريد النقيب الشاب منها ربط الجسور التي وعد بربطها بين الجيلين. وها هو يعمل على إشراك كل مهندس لديه فكرة أو رؤية أو مبادرة من خلال لجان فنية متخصصة وبحضور أعضاء سابقين وحاليين وسابقين ومهندسين متخصصين، ينكبّون على إعادة تعديل قوانين مهنة الهندسة الموضوعة منذ عام 1997 وتحديثها لمواكبة التطورات العالمية، ليبقى لبنان في الريادة الهندسية سعياً نحو الإبداع المحلي والخارجي. كيف لا والكل يعلم أن المهندسين اللبنانيين هم في طليعة المهندسين الرواد في كل دول العالم وتحديداً في الخليج العربي وأفريقيا والأميركيتين وأستراليا.

حقوق المتقاعدين؟
تسلم حنا مهامه في وقت كان زملاؤه من المهندسين المتقاعدين يصعدون ويقفلون باب النقابة احتجاجاً على تآكل راتبهم التقاعدي الذي لم يعد يكفي لأدنى مقوّمات العيش، فكيف تعاطى مع الملفّ، وما الحلول للمعالجة؟ يلفت حنا إلى أنه فور تسلمه مهامه عمل على إيلاء مطالبهم الاهتمام اللازم، “توازياً ندرس بتأنٍّ ودراية خطة لاستثمار موجودات النقابة في بيروت والمناطق، بما يمكن أن يحسن الواقع المالي وينعكس إيجاباً على المهندسين عموماً بمن فيهم الزملاء المتقاعدون”.

صحيح أن أموال النقابة التي تناهز 300 مليون دولار محتجزة في المصارف بما يحد من “تطور تنفيذ الأفكار”، بيد أن حنا يدرك أنه “لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي، فنحن نعمل ليل نهار لضمان استمرارية النقابة على أسس متطورة. لدينا الخطط ولدينا الأفكار وبدأنا بتطبيقها لتبقى النقابة في الريادة”. أما بالنسبة للأموال المحتجزة في المصارف، فتسعى النقابة مع المراجع المعنية وتحديداً مع حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الذي عقدت معه أكثر من اجتماع للتوصل الى آلية تحفظ لنا الاستمرارية على أسس سليمة، فثمة متقاعدون قدموا للمهنة ودفعوا متوجباتهم كاملة، وتالياً لا يجوز أن يبقى وضعهم على ما هو عليه خصوصاً أن من بينهم مصابين بأمراض مستعصية وخطيرة. لذا يجب على المراجع المعنية في مصرف لبنان والدولة عموماً أن تأخذ الموضوع على محمل الجد، لأن المسألة خرجت من الإطار المالي نحو النواحي الإنسانية والأخلاقية”.

والمعلوم أن النقيب حنا قام بزيارات وأعضاء مجلس النقابة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء الداخلية والبلديات والمال والأشغال العامة والزراعة وحاكم مصرف لبنان بحثوا فيها كيفية التعاون والعمل على تحصيل حقوق المهندسين، وملف أموال النقابة المحتجزة لدى المصارف، وطرح آليات عدة للاستحصال عليها.
توازياً، ونتيجة الاتصالات واللقاءات التي أجروها مع المعنيين في الدوائر المختصة والوزارات المعنية من مديرية التنظيم المدني ومديرية الشؤون العقارية ووزارتي المالية والأشغال العامة لتسهيل الاستحصال على الإفادات العقارية بسبب التوقف القسري، والحصول على رخص البناء بموجب عقود بيع ووكالات غير قابلة للعزل تسهيلاً للمهندسين وتسييراً لأعمالهم. وتم التوافق على تطبيق الاقتراح الذي يتضمّن السماح بتسجيل رخص البناء بموجب عقد بيع ممسوح مسجّل لدى كاتب بالعدل.

ويتعهد حنا بإبقاء الشهادة الهندسية اللبنانية في المقدمة. لذا يتابع موضوع خرّيجي كليات الهندسة في لبنان وشروط انتسابهم الى النقابة في ضوء العدد الكبير من الخريجين. وتبعاً لذلك تم تشكيل اللجان الفنية الهندسية المختصة لدرس وتنظيم واقع خريجي اختصاصات الهندسة في لبنان من منطلق تطبيق قانون الأحكام العامة للتعليم العالي وتنظيم التعليم الخاص.

‎ختاماً، خصّ حنا “النهار” بإلاعلان عن إطلاق “يوم المهندس” في الجمعة الأولى من تشرين الأول من كل سنة، احتفاءً بالمهندس وتقديماته وتضحياته وتفانيه في العمل لمصلحة الانسان والمجتمع. وسيكون هذا اليوم يوماً مميزاً ببرنامجه وبنشاطاته الثقافية والأكاديمية والغنائية والترفيهية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com