خطة الحكومة تبشّر بـ”تفلّت الدولار
خطة الحكومة تبشّر بـ”تفلّت الدولار
شغلت الأوساط الاقتصادية والمالية بخطة الحكومة للنهوض الإقتصادي والمالي، كما إنشغلت شريحة كبيرة من اللبنانيين بالموضوع لا سيما أن هذه الخطة تطال أموالهم المحجووزة في المصارف حيث تطل الخطة وفق ما جرى تداوله على موضوع الودائع، فما هي مرتكزاتها وماذا تحمل من إيجابيات أو سلبيات للمواطن اللبناني عموماً والمودع خصوصاً، وهل بإمكانها إنتشال الوضع الاقتصادي من الهوة التي يتخبّط فيها؟
يرى الخبير الاقتصادي أنطوان فرح، في حديث الى “ليبانون ديبايت”، أن “الأمر الإيجابي في الخطة يتمثل بوجود جهد للقيام بخطة على إعتبار أنه وجود خطة حتى لو لم تكن مثالية أفضل بكثير من عدمها، لأن ذلك يتسبب بالإعدام وبالإنهيار الدائم، وهنا نكون دخلنا بالحلقة المفرغة وأصبحنا نشبه الدول التي لا زالت منذ عقود لن تتمكن من الخروج من أزماتها المالية والإقتصادية”.
ويُشير فرح أيضا إلى “الإيجابيات الحسية داخل الخطة”، معتبرًا أن “الخطة كانت واقعية أكثر من الخطط السابقة، حيث أنها إنطلقت من الأموال المتواجد قسم كبير منها من أجل تفسير كيف سيتم التوزيع، أي أنها إنطلقت من أموال متوفرة أو متوفر جزء كبير منها، ولم تتكلم عن أوهام أو حتى عن صندوق إسترداد ودائع على إعتبار أنه سيرد كامل الودائع”.
ومن ضمن الإيجابيات بالخطة أيضا، حسب فرح أنها “تعاملت مع الودائع بواقعية، فالودائع التي إعتبرتها غير مؤهلة أي الودائع التي التي بدلوها أصحابها بعد الإنهيار من الليرة إلى الدولار وفعلياً لم يكن متوفر الدولار سوف يتم التعامل معها بشكل إستثنائي أي أنه لن يكون دفع هذه الودائع كالودائع التي كانت بالدولار وبقيت بالدولار، وهذا أمر واضح ومفهوم وهو أنه في النتيجة إذا أردنا دفع كامل الودائع وبالدولار يصبح الذي يمكنها دفعه الخطة أقل بكثير من الوارد اليوم، وفي الوقت ذاته فهي لم تأكل حقوق الودائع غير المؤهلة ولم تتعامل معهم على أساس أنهم بقيوا بالليرة بل على أساس هم أيضًا تبدلو إلى الدولار لكن في ظل ظروف مختلفة عن السابق، وبالتالي قدمت لهم إستثناءات منها دفع 25% من هذه الودائع بالدولار و75% سيدفع، أو بالأحرى سيدفع نسبة بالدولار لهذه الودائع غير مؤهلة ونسبة أخرى بالليرة اللبنانية، فيما الودائع المؤهلة ستدفع بكاملها بالدولار”.
وأما الملاحظات أو السلبيات أو الامور التي يتوجب أن تتغير أو تتحسن لتصبح الخطة أفضل، فيستعرضها فرح على الشكل الآتي:
أولاً، يجب وجود مساهمة أكبر للدولة بموضوع الدفع على إعتبار أن الدولة هي المسؤول الأول أي هي من أنفق الأموال والفجوة المالية الموجودة الدولة هي من تسببت بها وبالتالي لا يمكن للدولة بهذه الخطة أن تجمع حوالي مليارين ونصف فقط وفي الوقت عينه تشير إلى أنها ستقترضهم من الإحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان أي من أموال المودعين المتواجدة في مصرف لبنان، وبالتالي هذه النقطة يجب تعديلها.
ثانياً، موضوع دفع جزء من الودائع بين 100 و500 ألف بالليرة اللبنانية لأن في الحقيقة المبالغ المرصودة من أجل تسديد هذه الودائع بالليرة كبيرة جداً أي 21 مليار دولار سيتم تحويلها إلى الليرة خلال 10 سنوات، ووفق إقتصادنا الحالي الذي يعتبر حجمه صغير فإن وضعنا لا يسمح بهذا الضخ الكبير من الليرات بالسوق، لأن ذلك يعني وجود تضخم كبير والليرة ستنهار بشكل سريع جدًا ودراماتيكي، والنقطة الغامضة هنا إشارتهم إلى أنهم سيدفعون بالليرة على أساس 89500 وغير وارد في حسابهم أنه إذا في العام الاول دفعوا على أساس 89500 بالليرة وفي العام الثاني من الممكن أن يكون الدولار إرتفع بسبب ضخ الليرات وفي العام الثالث سيرتفع أكثر وبالتالي نصل إلى العام العاشر ويستمر الدفع على 89500 وقد يكون الدولار وصل إلى فوق المليون، مما يعني أن أصحاب الودائع يستردون نسبة جدًا زهيدة من هذه الوديعة في حين إذا أرادوا دفع الليرات على سعر السوق أي من الممكن زيادتها كل عام كما هو سعر السوق في هذه الحالة التضخم سيصبح أكثر مما نتصور لأنه لم نعد بحاجة إلى 800 تريليون ليرة فقط بل نصبح بحاجة إلى مبلغ أكبر من أجل سداد العجز، وبالتالي هذا الأمر سيؤدي إلى إنهيار تام لسعر العملة الوطنية وسيرسلنا إلى المشهد الذي يساوي فيه الدولار الملايين، وبالتالي فإن موضوع العملة وضخها يجب ربطه بخطة إقتصادية وبالنمو الإقتصادي ويجب إعادة النظر بالحجم لأنه حجم 21 مليار كبير جدا ليدفع بالليرة بالنسبة لإقتصادنا.
وفي موضوع دفع الودائع بالليرة اللبنانية، يلفت إلى أن “هناك بندًا ينص على أن المودع هو من يقرر إذا كان سيوافق على قبضهم بالليرة ، والسؤال التالي هو إذا المودع رفض قبضهم بالليرة مما يعني أن الـ 21 مليار سندفعهم دولار فكيف سندفعهم وليس هناك من خطة، لذلك فإذا كان بالليرة فهذا يعني أن يجب طبع ليرة وأما بالدولار فيجب تأمين دولار”.
ويدعو فرح إلى “تقديم بمشروع لا يضمن أن يكون دفع الودائع بالتقسيط في بداية أول سنة أي الودائع المضمونة التي إعتبروها 100 ألف دولار للودائع المؤهلة و35 أو 36 ألف دولار للودائع غير مؤهلة من المفترض يدفع نصف هذا المبلغ “كاش” نقداً في أول عام ولا يقسط، وما تبقى يمكن تقسيطه وبهذه الطريقة نكون قد خففنا أكثر على المودعين وخففنا الخسائر قليلًا، وفي الوقت ذاته سرّعنا بعملية الإنفراج فطالما نحن نقوم بالدفع طالما السوق إلى حد ما منكمش وكأن هناك دفع ديون فكلما نسرع في إنجاز دفع الديون كلما أعطينا السوق إرتياحاً أو إشارة إرتياح مما ينعكس على الوضع الاقتصادي إيجابًا”.