بفضل أبحاث خاطئة.. فاز هذا الرجل بنوبل للطب
قبل عام من وفاته، أنشأ مخترع الديناميت ألفرد نوبل، حسب ما جاء بوصيته للعام 1895، ما عرف بجائزة نوبل. وحسب ما تحدث عنه مخترع الديناميت، تمنح هذه الجائزة سنويا للأشخاص الذين قدموا خدمات للبشرية بالعام الماضي بمجالات السلام والفيزياء والكيمياء والطب والأدب.
ومنذ بداية اعتمادها ومنحها بشكل رسمي عام 1901، أثارت جائزة نوبل العديد من التساؤلات. فعلى مدار سنوات، احتج كثيرون حول كيفية اختيار المرشحين للفوز بها ومنحها أحيانا لأشخاص لا يستحقونها. فأواخر ثلاثينيات القرن الماضي، تواجد أدولف هتلر ضمن قائمة المرشحين للفوز بنوبل للسلام.
أبحاث حول الجرذان البرية
إلى ذلك، مثّل الطبيب الدنماركي يوهانس فيبيغير (Johannes Fibiger) أبرز الشخصيات المثيرة للجدل فيما يتعلق بجائزة نوبل للطب أو علم وظائف الأحياء. فخلال العام 1926، حصل الأخير على هذه الجائزة بفضل أبحاث خاطئة أجراها على مرض السرطان. وبتلك الفترة، تفوق هذا الطبيب الدنماركي على عدد من الأطباء الآخرين الذين كانوا قد قدّموا أبحاثا جيدة بمجال الطب.
فأثناء فترة عمله بمخابر معهد العلوم التشريحية بجامعة كوبنهاغن، اكتشف يوهانس فيبيغير، المولود سنة 1867 والمتخرج من جامعة كوبنهاغن (University of Copenhagen)، نوعا جديدا وغير معروف من الديدان الخيطية الموجودة داخل أمعاء فصيل من الجرذان البرية. وعقب جملة من الأبحاث التي أجراها، ربط يوهانس فيبيغير بين هذه الديدان الخيطية وسرطان المعدة لدى الجرذان البرية. وبحلول العام 1913، تحدث هذا الطبيب الدنماركي عن نجاح تجاربه وتمكنه من تحفيز سرطان المعدة لدى عدد من الجرذان البرية السليمة بفضل هذه الديدان الخيطية.
أبحاث خاطئة وجائزة نوبل
عقب هذه التجارب، وصف ما توصل له يوهانس فيبيغير بأهم اكتشاف بمجال الطب التجريبي بتلك الفترة. وسنة 1926، تم ترشيح كل من الطبيب الدنماركي يوهانس فيبيغير ونظيره الياباني ياماجيوا كاتسوسابورو (Yamagiwa Katsusaburō)، الذي أجرى بدوره أبحاثا على مرض السرطان وتوصل لنتائج خاطئة، لنيل جائزة نوبل بمجال الطب أو علم وظائف الأحياء.
إلى ذلك، لم يحصل أي منهما على الجائزة لسنة 1926. وبالعام التالي، تمت مراجعة القرار ليحصل بذلك الطبيب الدنماركي يوهانس فيبيغير بمفرده على جائزة نوبل بمجال الطب أو علم وظائف الأحياء.
يوم 30 يناير/جانفي 1928، توفي يوهانس فيبيغير، عن عمر ناهز 60 سنة، عقب إصابته بسكتة قلبية تزامنا مع معاناته من سرطان القولون. وعقب وفاته، أعاد عدد من الباحثين فتح ملف تجاربه التي تبين أنها كانت خاطئة حيث لم يكن للديدان الخيطية التي عثر عليها فيبيغير أي دور في تحفيز سرطان المعدة. فضلا عن ذلك، أثبتت الاستنتاجات النهائية ظهور الأورام السرطانية بتجارب فيبيغير بسبب نقص فيتامين أ.
أثارت عملية منح يوهانس فيبيغير جائزة نوبل العديد من التساؤلات حول نظام حصول المترشحين عليها وإمكانية سحبها منهم حيث حصل الأخير على هذه الجائزة بفضل أبحاث خاطئة لم تقدم أي خدمة للبشرية. وفي الأثناء، وصف كثيرون الجائزة الممنوحة لفيبيغير بواحدة من أكبر الأخطاء التي ارتكبها معهد كارولنسكا (Karolinska) السويدي الذي أوكلت له سنويا مهمة منح جائزة نوبل بمجال الطب أو علم وظائف الأحياء.