الترانسفير الشيعي الكبير.. هكذا يُحبط
تدخل المنطقة اليوم السنة الثانية من حرب قلبت التوازنات، وأتاحت لإسرائيل تحقيق ما كانت تخطّط له منذ نحو عقدين لجهة تصفية حركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان. وبات واضحا أن المجهود الحربي الإسرائيلي انتقل تماما إلى الجبهة الشمالية بعد تدمير غزة والقطاع، فيما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يراوغ من أجل تأمين استمرارية حربه، حتى لو اضطرّ لخداع كل من واشنطن وباريس ومعهما مجموعة الدول التي وقّعت اتفاق وقف إطلاق النار، وإهانة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمجرّد أنه ألحّ عليه بضرورة وقف الحرب على لبنان، وحضّ على وقف تسليح إسرائيل كنتيجة لما ترتكبه.
وسط هول ما يحصل، برز موقف للنائب عن حزب الله حسين الحاج حسن حمل دعوة صريحة لفصل لبنان عن غزة، وهو موقف مستجد للحزب ويمكن التأسيس عليه من أجل الدفع في اتجاه وضع ترتيبات للجنوب تنهي الحرب وتعيد إحياء القرار ١٧٠١، وتتيح للبنان التقاط أنفاسه. لكن ثمة من يخشى من أن يكون تطوّر موقف الحزب تحت ضغط الحرب وما وقع عليه من ضرر كبير، قد جاء متأخّرا بالنظر إلى أن نتنياهو أضحى كليا في مكان آخر، بعدما بات قاب قوسين من تحقيق المنطقة العازلة جنوبا تحت ضغط النار، بحيث تصبح الأرض المحروقة بعمق قد يصل إلى ٢٠ كيلومترا هي الحزام الأمني التي تعتبره أبيب ضرورة أمنية لها، ومن شأنها أن تبعد عنها تكرار ٧ تشرين ٢٠٢٣ في الجنوب.
ويعتقد مصدر سياسي أن مساعي المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين القاضية بخلق مساحة خالية من السلاح كان من شأنها أن توفّر على لبنان وعلى الحزب كل الدمار الذي وقع. ويلفت إلى أن الهدف الاسرائيلي تطوّر، فلم يعد يقتصر على تأمين السلامة للجليل، بل تحوّل إلى أولوية تفتيت حزب الله والقضاء عليه، وبما ان البيئة الشيعية هي البيئة الحاضنة للحزب، فلا مشكلة لدى تل أبيب في تهجير الشيعة نهائيا من الجنوب ومنعهم من العودة تحت أي ظرف كان، وربما حتى تهجيرهم من لبنان. وهو المخطط الذي أحبطه الثنائي مباشرة بعد انتهاء حرب ٢٠٠٦، عبر جعل عودة أهل الجنوب إليه أولوية مطلقة تسبق أي أولوية أخرى بما فيها إعادة الإعمار.
ويحضّ المصدر القيادات الشيعية على الموقف الذكي والجريء الذي يحمي وجودهم ويحبط المخطط الإسرائيلي بتهجيرهم تمهيدا لتوطينهم في العراق أو في أي مكان آخر لا يشكّل خطرا على إسرائيل، وهذا الموقف يفترض بهم السير بخيار فصل لبنان عن غزة كمرحلة أولى وتطبيق القرار ١٧٠١ وصولا في مرحلة غير بعيدة إلى وضع السلاح في كنف الدولة.