التحوّلات الإسرائيلية: غزو بري جنوباً وانفجار إقليمي
تزداد الهواجس من أن تتحوّل الحرب الإسرائيلية على كل من غزة وحزب الله إقليمية مع تهديد تل أبيب باستهداف منشآت إيرانية نووية ونفطية ردا على الهجوم بالصواريخ الباليستية. ولا ريب أن نقل تل أبيب حربها صوب طهران يفسّر حكما استهدافها العنيف لحزب الله واغتيال قياداته العليا والوسطى بغية إضعافه والحدّ من قدرته على مساندة إيران في أي حرب لاحقة معها.
ولفت في هذا السياق تخوّف دول خليجية من أن يؤدي استهداف الجيش الإسرائيلي مصالح نفطية إيرانية إلى رد فعل من طهران أو أذرعها يطال منشآت نفطية في عدد من دول الخليج.
ولا شك أن هذا النوع من التحولات، في حال حصل، من شأنه من جهة أن يفجّر المنطقة، ومن جهة أخرى أن يحدث هزة اقتصادية عالمية نتيحة الارتفاع الأكيد في أسعار النفط، وهو سيُترجم تلقائيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية حيث يتأثر الناخبون حكما في أي ارتفاع نفطي، فيميل المترددون منهم إلى المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، عقابا للمرشحة الديموقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، في هذا الإطار، أن الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو معارضته استهداف منشآت نووية ونفطية إيرانية، لافتة إلى أن بايدن أدرك أن إسرائيل مهتمة بردّ على إيران أكبر مما يتوقعه.
يعني ذلك أن نتنياهو خرج بشكل كبير عن أي تنسيق مع إدارة بايدن، وأنه سيوظف الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية للعبث الأقصى بالمشهد الإقليمي، مع إدراكه الكلي أن سلوكه هذا سيصب حكما في مصلحة الحملة الرئاسية لترامب.
كما يعني ذلك أن التصعيد الإسرائيلي في لبنان قد يصبح بلا أي ضوابط. ومن غير المستبعد أن تتخذ تل أبيب القرار الصعب بالغزو البري لتحقيق الحزام الأمني الذي يراه نتنياهو لزاما لكي يتحقق له إبعاد حزب الله من جنوب الليطاني مدخلا لإعادة المستوطنين إلى منازلهم في الشمال.
على هذا الوقع، تسارعت المشاورات قبيل اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، وذلك في مسعى لبناني – دولي لتطويق هذا المسار التصعيدي. وكشف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن اتصالات تجري بين الولايات المتحدة وفرنسا “بهدف إحياء إعلان وقف إطلاق النار لفترة محددة من أجل استئناف البحث عن حلول سياسية”. لكن تبقى هذه النافذة ضيّقة إذا ما قيست بالسلوك الذي بات عليه نتنياهو، متفلّتا من أي رادع او وازع.