البحث عن الخطوة الأولى: انتخاب رئيس أم وقف إطلاق النّار
يقول مرجع سياسي مطّلع على الساحة اللبنانية إنّ “القوى السياسية كافّة، كما كانت في اتّفاق الدوحة، عينها على الهاتف لتسمع التعليمات، ويدها على حقيبتها لتعرف ما هو الثمن. فلكلّ شيء ثمنه، أكان بحقائب المال أو بحقائب السلطة وموازينها.
تبدو خارطة الحلّ واضحة، وسبق أن سلكت طريقها بانتظار نضوجها لدى كلّ الأطراف المحلية والإقليمية. خارجياً، وضعت واشنطن سلّم الحلّ بدءاً من انتخاب رئيس. ولكن داخلياً يبدو أنّ المزاج تغيّر بعد اللقاء الثلاثي في عين التينة، إذ وضعت بيروت سلّم الحلّ نفسه، لكن بدءاً من وقف إطلاق النار. فما الذي تغيّر؟ وكيف تسير مفاوضات الحلّ؟
بلينكن وبرّي: ما هي الخطوة الأولى؟
في اللقاء الثلاثي الشهير في عين التينة، تبنّى الرئيس بري خارطة الطريق الدولية، التي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، يليه وقف إطلاق نار ومفاوضات على تطبيق الـ1701 وترك الـ1559 جانباً، تماماً كما ترك في عام 2006.
في لحظة البيان الثلاثي، وبحسب معلومات “أساس”، كان التواصل بين عين التينة وحارة حريك مقطوعاً بفعل صعوبة الاتصالات وعدم قدرة المسؤولين بالحزب على استخدامها.
بعدئذٍ، كما تتحدّث معلومات “أساس”، عاد التواصل بين برّي والحزب ونتج عنه تفاهم جديد. “الذهاب إلى وقف إطلاق النار تحت ستار هدنة الـ21 يوماً التي جاءت في الورقة الأميركية الفرنسية، ومن بعدها الرئاسة والتفاوض على تطبيق الـ 1701″.
مصادر مقرّبة من عين التينة قالت لـ”أساس” إنّ الحزب ضمنياً اتّخذ قراره بفصل جبهة الجنوب عن غزة، لكنّ “لكلّ شيء ثمنه”. أمّا عن موقف الحزب برفض انتخاب رئيس قبل وقف إطلاق النار، فهو يعود إلى الضمانات التي يطلبها الحزب في المرحلة المقبلة. ففي حساباته أسئلة كثيرة في حال الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية: ما الضمانة بأن يعطى الحزب ضماناته لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى الشقّ المعنوي؟ إنّ الأولوية بالنسبة للحزب هي الميدان. ففي الساعات الأخيرة وجّه مقاتلو الحزب ضربة موجعة إلى إسرائيل. وبالتالي لا يزال رهان الحزب على أن يصدر قرار وقف إطلاق النار من الأميركي وفق شروط سياسية وأمنيّة يتّفق عليها، ثمّ ينتخب على أساسها رئيس للجمهورية وليس العكس.
في معلومات “أساس” أنّ الرئيس برّي الذي أوكلت إليه مهمّة كبيرة جداً، أصبح يميل إلى خيار الحزب بوقف إطلاق النار قبل انتخاب الرئيس. ففي اتّصال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن معه، ركّز بلينكن على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية قبل أيّ شيء آخر، فكان جواب الرئيس بري أنّه يحتاج إلى وقف إطلاق النار وضماناته، مؤكّداً ضرورة انتخاب رئيس بـ86 صوتاً ليكون رئيساً يحظى بإجماع وميثاقية مطلوبة في المرحلة المقبلة.
عودة المملكة من مطار بيروت
يتزامن مع هذا المسعى الأميركي الفرنسي العربي، حراك وإشارات لا بدّ من التوقّف عندها. بعد هبوط عدد من طائرات المساعدات في بيروت، حطّت أمس الأول (الأحد) أوّل طائرة سعودية من ضمن الجسر الجوّي وفيها مساعدات للنازحين اللبنانيين، وتأكيد سعودي على الوقوف إلى جانب لبنان.
في قراءة هذا المشهد، يقول مصدر مطّلع على الحركة السياسية المرافقة للحرب اللبنانية، إنّ الطائرة السعودية جاءت مباشرة بعد لقاء وزير الخارجية الإيراني بوليّ العهد السعودي ووزير خارجيته. وبالتالي يفترض ربط المشهدين معاً في سياق سياسي سيظهر في الأيام المقبلة حتماً، ولا سيما في السياسة المحلّية اللبنانية، وتحديداً في موقف القوات اللبنانية.
جوجلة رئاسيّة
بعدما أصبح وقف إطلاق النار أولوية بالنسبة إلى لبنان، لا تزال جوجلة الأسماء الرئاسية حاضرة على الرغم من تقدّم شروط قائد الجيش جوزف عون كما قال النائب أحمد الخير. إلا أنّ ذلك ليس كافياً للقول إنّ ذلك أصبح محسوماً.
في معلومات “أساس” أنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل زار قطر في اليومين الماضيين، ورفض طلب الدوحة دعم قائد الجيش.
أمّا الحزب فلا يزال على رفضه له بانتظار استكمال عناصر التسوية ووقف إطلاق النار للبناء على الشي مقتضاه، أي أنه لم يقفل الباب أمام عون ولم يفتحه بعد أيضاً بانتظار تفاصيل الضمانات المقابلة.
رئاسة جوزف عون، بانتظار تحرّك السوق الرئاسية ومكتسباتها في التوازنات.
بدأت توضع مواعيد لإنضاج الحلول الأمنيّة والسياسية. بين تشرين الأوّل وتشرين الثاني سيولد الحلّ، تقول مصادر مقرّبة من عين التينة، إلا إذا كانت الإرادة الدولية إحراق لبنان كما أحرقت غزة، وهو معطى ليس وارداً بعد.
جوزفين ديب – اساس ميديا