خطر يلوح في الأفق… اللائحة الرمادية تهزّ الليرة اللبنانية
خطر يلوح في الأفق… اللائحة الرمادية تهزّ الليرة اللبنانية
في ظل انشغال اللبنانيين بالعدوان على أرضهم، يطل خطر جديد برأسه مع احتمال وضع لبنان على اللائحة الرمادية، كما بشرت به بلومبرغ مؤخرًا. فما هي التأثيرات اليوم مع التداعيات الكارثية للحرب وإعادة الإعمار في وقت لاحق، وكيف سيتأثر سعر الصرف نتيجة هذا التصنيف؟
يلفت الباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي إلى أن “الموضوع كان شبه متوقعٍ، وأما إذا أصبح الأمر محسوماً، يجب وضع الأسباب الحقيقية لوضع لبنان على اللائحة الرمادية، لأنه ومن خلال الأسباب يمكننا فهم كيفية حصول المعالجة”.
ويُوضح جباعي أن “مجموعة العمل المالي (فاتف) FATF أثنت على عمل مصرف لبنان والمصارف التي امتثلت لكافة القرارات المالية الدولية فيما يخص تجنيب لبنان وضعه على اللائحة الرمادية. فهناك 34 شرطًا من أصل 40 تم تنفيذها من قبل مصرف لبنان والمصارف، وهي مرتبطة بمعايير الشفافية المالية والنقدية والتدقيق بالحسابات، والتي تم تقديمها بكل واقعية”.
ويذكر أن مصرف لبنان بالتحديد قد صحح ميزانياته بطريقة هامة بما يتناسب مع الأصول المالية الدولية، كما أنه أرسى قواعد شفافية في التعاطي معهم سواء بتقديم كافة المستندات اللازمة فيما يخص تعاطيه النقدي بالبلد ومع المصارف، وكيفية تعاطيه مع وزارة المالية فيما يخص سعر الصرف أو فيما يخص حصوله على الدولار وبيعه لليرة.
ويُوضح أنه “في كل هذه الأمور كان مصرف لبنان ممتثلًا لها بكل شفافية وواقعية، حتى المصارف اللبنانية أيضًا كانت ممتثلة بتسجيل كل الحسابات الجديدة بشكل واقعي ودقيق. وحتى ما يتعلق بالاستيراد من الخارج قد تم الانتباه إليه، كما أنه هناك اتفاقًا واضحًا اليوم بين مصرف لبنان والمصارف على محاولة تجنيب لبنان اللائحة الرمادية، والحاكم بالإنابة حاول لأكثر من مرة خلال زيارته تأجيل هذا الموضوع لأكثر من مرة إلى أن وصلنا اليوم إلى ما يُحكى حول وضع لبنان على اللائحة الرمادية”.
ويؤكد جباعي أن “المشكلة الأساسية تتمثل بالشروط الستة المرتبطة بالدولة اللبنانية: التهرب الجمركي، التهرب الضريبي، التهريب على الحدود، موضوع القضاء والفساد وتبييض الأموال، وعدم هيكلة القطاع المصرفي، إضافة إلى عدم وضع خطة لرد الودائع. فكل هذه العوامل، برأيه، أثرت بمكان ما على احتمال وضع لبنان على اللائحة الرمادية”.
ويرجح أنه إذا لم “يوضع لبنان على اللائحة الرمادية، سيتم توجيه إنذار للدولة اللبنانية من أجل محاولة تعديل هذه الأمور لإقامة لبنان فيما بعد خارج اللائحة الرمادية، وهذا من الناحية التقنية”.
وفي حال وُضع لبنان على اللائحة الرمادية، ورغم ما سيترتب على ذلك من نتائج سلبية، إلا أنه يُلفت أن الأهم هو أن مصارف المراسلة وعددها 6 ستستمر بالتعاون مع لبنان بالتحويلات من الخارج أو بطلبات الاستيراد، مما يُجنب لبنان الكثير من الكوارث بهذا الأمر ويخفف من تداعيات وضع لبنان على اللائحة الرمادية.
ويشدد جباعي على ما يتوجب القيام به من الدولة اللبنانية لجهة التعاون مع مصرف لبنان والمصارف وكافة الجهات المتعاونة من أجل حل كافة الثغرات في فترة زمنية محددة، من أجل تقديم طلب من جديد للمجموعة المالية الدولية لإعادة النظر بوضع لبنان. فلن يكون نهاية المطاف وضعنا على اللائحة الرمادية، لكن من الضروري التنبه لهذا الموضوع.
وعلى مصرف لبنان والمصارف السير بالإجراءات نفسها وتعزيز الثقة بالتعاطي مع المجتمع المالي الدولي، كما يتوجب على الدولة اللبنانية والقوى السياسية اللجوء إلى حل هذه المعضلة. لأنه في حال توقف إطلاق النار وانتُخب رئيس للجمهورية وتم تشكيل حكومة جديدة، يجب محاكاة المجتمع المالي الدولي عندها بأن لبنان ممتثل لقرارات المالية الدولية، مما يُساهم في تسهيل إخراج لبنان من اللائحة الرمادية ومساعدته من المجتمع المالي الدولي من أجل النهوض الاقتصادي.
وفي الختام، يطمئن جباعي الشعب اللبناني بأنه “حتى لو وُضع لبنان على اللائحة الرمادية، لن يتأثر سعر الصرف. فمن الواضح أن مصرف لبنان لديه سيطرة كاملة على وضع الكتلة النقدية، وليس هناك من أي خوف، ولا حتى على التحويلات حيث ستبقى مستمرة لفترة معينة، ولا خوف أيضًا على الاستيراد حيث سيبقى مؤمنًا لفترة معينة. وأكرر دعوة الدولة وأصحاب الشأن لمحاولة معالجة الست ثغرات من أجل إزالة لبنان من على اللائحة الرمادية”.