أميركا تسخّر التصعيد الإسرائيلي لتغيير التوازنات بلبنان وايران وسوريا
أكد المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين ما كانت قد نشرته “المدن” قبل أيام، حول الأفكار والمقترحات الدولية لا سيما الأميركية بما فيها تعديل القرار 1701 وإعادة انتاج السلطة السياسية. يتضح من كلام هوكشتاين أن الضغط الأميركي سيستمر، استغلالاً للضغط العسكري الإسرائيلي المتواصل لفرض وقائع عسكرية وسياسية جديدة. وهذا الأسلوب لا يقتصر على لبنان بل تعتمده واشنطن مع إيران وسوريا والعراق أيضاً. ما أصبح أكيداً أن هناك مسارين متوازيين لا يلتقيان، وهما المسار الديبلوماسي، والمسار العسكري المتصاعد الذي يصرّ عليه نتنياهو، خصوصاً في موقفه المعلن بعد إطلاق طائرة مسيّرة باتجاه منزله بأنه لا شيء سيردعه، ما يعني أن الرجل يتوعّد بالمزيد. حزب الله في المقابل، ومن خلفه إيران، على قناعة تامة بأن مسار المفاوضات غير جدّي، ولا سبيل لوقف النار إلا بإلحاق خسائر كبيرة بالإسرائيليين، أما كل المسار التفاوضي القائم اليوم، إما لتقطيع الوقت أو لمحاولة فرض متغيرات سياسية لا يمكن للحزب أن يوافق عليها، أو محاولة لوضع إطار سياسي معين لتحضير الأرضية لمرحلة ما بعد وقف النار، وهذا ما سيبحثه هوكشتايتن خلال زيارته إلى بيروت هذا الأسبوع.
أي اضافات على الـ 1701؟
في هذا السياق، تتواصل المداولات والأفكار لطرح الإضافات التي تريدها واشنطن على القرار 1701. وبحسب المعلومات فإن الإضافات ستتناول نقاطاً تفصيلية لتوضيح آلية تطبيق القرار بشكل كامل، وهناك احتمالات عديدة لإصدار هذه الإضافات، أولاً أن تصدر بملحق أو بناء على اتفاق ثلاثي بين أميركا، إسرائيل ولبنان. ثانياً، إعادة إصدار القرار تحت الفصل السابع ولكن ذلك متعذّر جداً بسبب معارضة روسيا والصين. ثالثاً اعتماد مبدأ ROLLOVER، أي إعادة قرار قديم إلى الحياة من خلال إعادة إصداره ولكن بناء على مقدّمة شديدة له وتحتوي على بعض التفاصيل الحادّة في الديباجة التي سيتم اعتمادها.
في المقابل، يصرّ الإسرائيليون على رفض تطبيق القرار 1701 ويعتبرونه غير كاف، وهم يطالبون بأن يكون لديهم حرية الحركة ضمن نطاق جغرافي معين في جنوب لبنان، وهو محاكاة لما اقترحه عليهم الأميركيون في محور صلاح الدين، أي فيلاديلفي، إذ طالب الأميركيون الإسرائيليين بالانسحاب من هناك على أن يتمكنوا من العودة عندما يريدون.
حدود نهر الأولي
لا يمكن فصل كل هذه الضغوط السياسية عن الضغط العسكري بتكثيف الغارات أو استمرار العملية البرّية والتي يوجه فيها الجيش الإسرائيلي تحذيرات لسكان الجنوب بضرورة مغادرة منازلهم إلى شمال نهر الأولي. تشير هذه التحذيرات إلى أن تل أبيب تريد لنطاق عملها العسكري والأمني أن يبلغ إلى حدود نهر الأولي، وربما هذا سيكون أحد الشروط التي سيفرضها الإسرائيليون لاحقاً حول إنشاء منطقة خالية من السلاح يشملها القرار 1701 المعدّل لتشمل الأولي بدلاً من الليطاني. يستحضر ذلك الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان في العام 1978 عندما كان هناك اتفاق بين إسرائيل وسوريا برعاية أميركية حول عدم تجاوز الجيش السوري لحدود نهر الأولي الذي يعتبر منطقة عمليات أمنية لإسرائيل، وهو ما أعادت إسرائيل تكريسه عسكرياً في اجتياح العام 1982.
الضغط على ايران
لا يقتصر الضغط الأميركي الإسرائيلي على لبنان فقط، بل يتضح سياقه أكثر فأكثر على إيران، سياسياً من خلال الرسائل التي تنقلها واشنطن في محاولة لدفع طهران إلى تغيير كل سياستها، أو الضغط العسكري من خلال الإصرار الإسرائيلي على توجيه ضربة لطهران بما لا يختلف عن مضمون الفيديو الذي نشره نتنياهو متوجهاً فيه إلى الشعب الإيراني. وهو ضغط مشابه تماماً للأسلوب المعتمد مع لبنان. جزء من الضغوط الأميركية على إيران يشمل الساحة السورية أيضاً، لا سيما أن واشنطن تعلم جيداً رغبة النظام في الانفتاح وتعويم نفسه، وأن روسيا لا تقف إلى جانب إيران في مواجهة إسرائيل، كما أن المساعدات العربية التي يتم تقديمها للأسد تدفعه إلى الابتعاد عن طهران نسبياً، خصوصاً أن أحد الأهداف الإستراتيجية لإسرائيل وأميركا هو قطع طريق الإمداد لحزب الله انطلاقاً من سوريا، كل هذه الضغوط لا بد أن يكون لها انعكاسات سياسية وعسكرية على وضع حزب الله وإيران داخل سوريا لاحقاً.
منير الربيع -المدن