انقلاب المشهد واستعادة أجواء اجتياح 1982.. و3 سيناريوهات
لا يبدو وقف النار في الحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان منذ 23 أيلول الماضي متاحا التحقيق في المدى المنظور، على الرغم من الاتصالات اللبنانية والجهود الديبلوماسية الدولية والعربية في هذا المجال.
فقد علمت «الأنباء الكويتية» ان الجانب الإسرائيلي يربط بين وقف النار في غزة ولبنان معا، مشترطا إطلاق حركة «حماس» للأسرى الذين احتجزتهم يوم عملية «طوفان الأقصى»، وبذلك يكون الجانب الإسرائيلي يطرح ما سبق ان رفضه من «حزب الله» في تلازم مسار «جبهة الإسناد» اللبنانية مع غزة، والتي فتحها الحزب منفردا في جنوب لبنان في الثامن من أكتوبر 2023.
ويمسك رئيس مجلس النواب نبيه بري ورقة المفاوضات اللبنانية غير المباشرة مع إسرائيل، عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، في حين يؤازره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي باتصالات واسعة لدعم الموقف الرسمي اللبناني، وتظهير حقيقة الاعتداءات الإسرائيلية في مختلف المناطق اللبنانية.
عسكريا، شمل «حزام النار» الذي تضرب به إسرائيل مناطق واسعة من لبنان، بصورة مكثفة سلسلة تفجيرات في بلدات حدودية جنوبية (دير سريان والعديسة)، وصف صداها عن جدارة بالزلزال، كما حصل فجر أمس بارتدادات سمعت في كل المناطق الساحلية والوسطى في لبنان وصولا إلى البترون.
شراسة المعارك في الميدان الحدودي بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حزب الله»، قابلتها مرونة في المواقف وسط تحركات سياسية ناشطة. وتحدثت معلومات عن تحرك جديد للموفد الأميركي آموس هوكشتاين، تعلق عليه الآمال لتحقيق تقدم ملموس نحو تطبيق القرار 1701، بعدما كان أكد ان المشكلة ليست في القرار بحد ذاته، بل في عدم تطبيقه سواء من قبل لبنان أو إسرائيل.
ووصف سياسي نافذ شغل منصبا حكوميا حساسا وترك بصمة لـ«الأنباء» المرحلة الحالية، بـ«الشبيهة بمرحلة 1982، عندما اجتاحت إسرائيل لبنان ودخلت العاصمة بيروت».
وقال: «مرحلتان متشابهتان للغاية، مع فارق ان المقاومة اللبنانية صامدة، وتعول على عامل الوقت الذي يقف إلى جانبها. في المقابل، تسعى الدول الغربية إلى فرض شروط الاستسلام الإسرائيلية على لبنان، وصولا إلى تسمية مرشح معين لرئاسة الجمهورية، كعنوان اساسي للحل». وأبدى خشيته من اتخاذ الحرب الإسرائيلية أبعادا ديموغرافية، «بالإصرار على تهجير أبناء طائفة معينة من أرضهم وجذورهم..».
وتحدث خبير عسكري لبناني لـ«الأنباء» عن «ثلاثة سيناريوهات» لكلام رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ثم هيئة البث الإسرائيلية عن قرب انتهاء الحرب مع لبنان في غضون اسابيع، فقال: «لو صح هذا ولم يكن من باب المناورة فهو يأتي أولا من ضمن: رد فعل على شراسة المعارك وعدم تحقيق الخرق المطلوب بعد أكثر من شهر، مع ارتفاع حجم الخسائر وتململ في صفوف الجيش المنهك الذي مضى أكثر من عام على خوضه المعارك الصعبة غير الكلاسيكية، ومثل هذه المعارك تنهك الجيوش النظامية.
وثانيا: قد تلجأ إسرائيل فيما لو لم يتحقق الهدف المطلوب من خلال تسوية، إلى حصار ميداني لمنطقة الجنوب وابقائها تحت سيطرة الطيران، ومواصلة سياسة التدمير بعنف كما هو حاصل من خلال الغارات التي تشهدها الضاحية الجنوبية بشكل تصاعدي يوميا.
واخيرا الخيار الثالث، من خلال تغيير «التكتيك» العسكري للخطة عبر التحرك من اتجاه مزارع شبعا شرقا، وعبر الساحل والمنطقة البحرية غربا لتضييق الحصار على القطاع الأوسط مركز ثقل المعارك». وفي إطار التضييق على لبنان قد تلجأ إسرائيل إلى فرض حصار على المطار والمرفأ لمنع وصول المواد الغذائية. وكان أكثر من مسؤول إسرائيلي دعا اللبنانيين إلى تخزين المواد الغذائية.
حياتيا، شهدت بلدة الصرفند الساحلية الجنوبية التي تقع في الضفة الشمالية لجسر القاسمية الفاصل عن صور، نزوحا لنصف عدد سكانها في شكل تدريجي منذ إعلان «حزب الله» فتح جبهة الإسناد في 8 أكتوبر 2023، ثم توسيع إسرائيل حربها في 23 سبتمبر الماضي.
وقال م.علي خليفة رئيس خلية الأزمة في البلدة لـ«الأنباء»: «غادر زهاء 20 ألفا من أهالي البلدة، من أصل 40 ألف مقيم. ونزحت اليها 650 عائلة، بمعدل وصل إلى 4 آلاف شخص. وأمنا إقاماتهم في منازل بعد حصولنا على موافقة أصحابها، اذ لا مراكز إيواء في البلدة».
وأضاف خليفة: «مقومات الصمود متوافرة بمبادرات ذاتية في الصرفند، اذ لدينا زهاء 12 نقطة بيع كبرى للمواد الغذائية، تستمر في تقديم خدماتها، في مقابل إقفال تام للمحال في بقية البلدات المجاورة. وأقر بشعور الناس هنا بنقزة بعد استهداف صور. وعمليا لا أحد يتوجه بسيارته جنوبا (في الضفة الأخرى من القاسمية باتجاه صور)، كذلك لا أحد يقصد بلدتنا من الشمال
ناجي شربل وأحمد عز الدين- الأنباء الكويتية