شائعات وأخبار كاذبة وعمليات ابتزاز لسياسيين ومؤثرين… إبحثوا عن الوحدة 8200
“ليبانون ديبايت”
يكاد لا يمر يمرّ يوم من دون تسجيل توتر أوإشكالٍ في الشارع أو تسويق معلومات وأخبار كاذبة على مواقع التواصل الإجتماعي، على خلفية الحرب والنزوح والإنقسام السياسي، ما يؤدي إلى “تسميم الأجواء” ورفع منسوب التحريض والحملات، مهددةً معادلة الإستقرار في لحظةٍ مصيرية، ما يطرح علامات استفهام حول التوقيت والأهداف. ويلاحظ الإستشاري في ديمومة الإعلام والمحلل داوود ابراهيم، أنه وفق الأدلة والمعلومات فإن مصدر الكثير من الشائعات هو العدو الإسرائيلي، الذي يستفيد من منصات مواقع التواصل الإجتماعي، والكل يعرف دور بعض الوحدات التابعة للجيش الإسرائيلي ولاسيما الوحدة ٨٢٠٠، التي تنشط في المجال التكنولوجي والحرب السيبرانية، وبثّ الشائعات واللعب على وتر الغرائز والعصبيات.
وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، يكشف المحلل ابراهيم، عن معلومات موثّقة، كشفت عن استعانة الإحتلال ببعض المواطنين العرب ممن قدموا إلى فلسطين المحتلة للعمل في الترويج لصورة إسرائيل القوية والتحريض الطائفي والفتنة بين مكونات الشعوب العربية.
وفي هذا المجال يكشف ابراهيم عن حساباتٍ وهمية على منصة “إكس” أو “فايسبوك” تحمل اسماً وصورة توحي بانتماء أصحابها إلى توجهات سياسية أو دينية مهمتها نشر الإشاعات أو التحريض أو التكفير أو الترويج للروح الإستسلامية أو افتعال مشاكل وشتم الآخرين. في محاولة لإشعال الجبهة الإفتراضية والحدّ من التضامن العربي حوّل قضية فلسطين وتصوير هذه القضية على أنها مصدر خلاف، علماً أن الأمر لا يقتصر على العلاقات بين الدول بل يصل إلى خلق التوترات الداخلية، مثلما شاهدنا أخيراً في أكثر من مناسبة، إنتشار إشاعات عن مواجهات بين النازحين وأبناء القرى في المناطق المختلفة، وبمجرد أن تنتشر الإشاعة تقوم وسائل الإعلام عن جهل أو طمعاً بتفاعل أو ضمن توجيه سياسي محدد، بنشر هذه الأخبار المضللة، ما يمكن أن يتسبّب بتوترات حقيقية.
وعن الإرتدادات على المجتمع خلال وحتى بعد الحرب، يقول ابراهيم إنه “إذا رصدنا هذه الحملات التحريضية والشائعات وطريقة انتشارها وتناقلها، نتبيّن أهدافاً خبيثة من ورائها، وهي تعزيز الإنقسام وتعميق هوة الخلاف بين مكونات الوطن”.
وهنا يحمّل ابراهيم المسؤولية، لبعض “المؤثرين أو الوجوه المعروفة، انطلاقاً من سوء التقدير أو بسبب تموضع حزبي طائفي وعصبيات سياسية، لكن الأخطر، هو عمليات ابتزاز في أوروبا حصلت بنتيجة تجسس الموساد على عدد من المسؤولين الأوروبيين بما أدى إلى تبنّيهم مواقف غير موافقين عليها، فماذا لو كان بعض المؤثرين في لبنان أو العالم العربي وقعوا فعلاً ضحايا لعمليات ابتزاز تطالبهم بالترويج لشائعات أو لتبنّي مواقف داعمة للإحتلال والترويج له وانتقاد أي عمل مقاوم، وبالتالي ومع جمع هذه العناصر معاً، فإن كل ما نشهده قد يكون له خلفيات وفق مخطط جهنمي خبيث، ولا بدّ من العودة إلى التاريخ لتبيان كل ما قامت به إسرائيل في هذا المجال من ألاعيب وخداع وابتزاز لتحقيق غاياتها”.
وحول مواجهة الشائعات، يؤكد ابراهيم إنها مسؤولية القوى الأمنية والوزارات المعنية إضافة إلى منصات التحقق من الأخبار الكاذبة والخبراء في هذا المجال، كما المجلس الوطني للإعلام ووزارة الإعلام، متسائلاً: “هل ما يجوز لإسرائيل أن تقوم به في مجال حجب الأخبار ومنعها من النشر لا يمكن العمل وفقه في لبنان مثلاً؟ طالما هناك الكثيرون من المعجبين بالديمقراطيات الغربية فربما علينا أن نعتمد بعض أساليب الغرب. فإن كان ممنوعاً انتقاد إسرائيل بحجة معاداة السامية في أعرق الديمقراطيات الغربية، بالتالي يمكن لنا وضع مفاهيم موحدة ومحددة ننطلق منها لتأطير حرية التعبير وفق النموذج الغربي، فإن كان انتقاد إسرائيل غير ممكن في الغرب، يمكن مثلا أن نخرج بميثاق يقول إن تبنّي رواية إسرائيل للأحداث غير ممكن أو مقبول في لبنان، ومقابل تهمة معاداة السامية للدفاع عن إسرائيل يصبح لدينا مفهوم أن التغاضي عن ارتكابات إسرائيل هو معاداة للإنسانية، هكذا هي ديمقراطية الغرب، فعلينا إذً لنكون ديمقراطيين، أن نضع معاييرنا لما هو مسموح ولما هو ممنوع”.
في المقابل، يركز ابراهيم على أهمية إحباط رهان العدو على انقسام الجبهة الداخلية اللبنانية وتضعضعها، عبر تحصين الجبهة وتعزيز الوحدة الوطنية، عبر تحديد من هو العدو الحقيقي وأطماعه واهدافه، لأنه “إن لم نستطع تحقيق هذا نكون قد خسرنا فعلاً”.
وعليه، يرى ابراهيم أنه لا بدّ من العمل على خلق رأي عام عابر للطوائف والأحزاب، يعي جيداً من هو العدو وما هي أطماعه ويتصدى للرواية الإسرائيلية.