رئيس للجمهورية قبل وقف إطلاق النار
“ليبانون ديبايت” – محمد المدني
إذا سلّمنا جدلاً أن الحل السياسي بين إسرائيل و”حزب الله” أصبح قريباً كما يشاع منذ قدوم المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى المنطقة، ألا يفترض بالسياسيين اللبنانيين الذهاب فوراً إلى تسوية داخلية تعيد إنتاج السلطة بغطاء دولي منعاً لتحول المعركة إلى الداخل؟
إن انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بالتوافق بين اللبنانيين وتشكيل حكومة جديدة تدير البلاد وفق برنامج إصلاحي واضح قبل وقف إطلاق النار، يمنع أي جهة لبنانية من الإستثمار في نتائج الحرب مهما كانت، خصوصاً أن مفهوم الربح والخسارة يختلف بين طرف وآخر، هكذا حصل في حرب تموز 2006 وهكذا سيحصل اليوم.
هدف ذلك هو منع حدوث فتنة طائفية في بلدٍ لا يحتمل هبوب عاصفة طبيعية، فكيف بالأحرى حرباً أهلية تمحي لبنان عن خريطة العالم وتحوّل مجتمعنا إلى مجتمع قاتل! لذلك إن أفضل الطرق هو طريق التوافق خصوصاً أن بعض القوى السياسية رفعت سقف خطابها السياسي بوجه الحزب وراحت إلى المطالبة بنزع سلاح الحزب حتى قبل انتهاء المعارك العسكرية.
والأصحّ في ما يتعلق بسلاح الحزب، أن يتمّ استخدام تعبير “تسليم” السلاح وليس نزعه، والفرق أن التسليم يتمّ برضى الحزب ووفق مشروع وطني، أمّا النزع فيعني استخدام القوة وهو ما يؤدي حكماً إلى حرب أهلية.
إن المرحلة المفصلية التي يعيشها لبنان تطلب من جميع الأفرقاء السياسيين نزع فتيل الحرب الأهلية وخفض التصعيد السياسي والتعاطي مع الملفات الحساسة كالسلاح بدرجة عالية من الوعي والمنطق، فالجميع يعلم أن تسليم سلاح الحزب هو قرار أكبر من لبنان ويحتاج تحقيقه إلى تسوية دولية تتمّ عبر الولايات المتحدة الأميركية وإيران، غير ذلك إن أي معالجة أخرى لملف السلاح ستتسبب بانفجار داخلي لا يقل خطورة عن انفجار العام 1975.
في المقابل، على “حزب الله” أن يدرك أن اليوم التالي بعد الحرب لن يكون كقبلها وهو يجب أن يتوّقع أن تحصل مساءلة كبيرة من كل الفرقاء حول الحرب وأسبابها ونظرية الردع والسلاح والإطار العملاني والسياسي لاحتوائه وعلى الحزب أن يكون منفتحاً على هذا النقاش وأن يتحلّى بالليونة الكافية للتوصل أخيراً إلى استراتجية دفاعية حقيقية تحت إشراف الدولة اللبنانية قد تشكّل وحدها مخرجاً للإنقسام الكبير الذي حصل وسيتفاقم بعد الحرب.