الخروقات الإسرائيلية لوقف النار.. محاولةُ ترسيم بشروط نتنياهو
منذ اللحظة الأولى لإعلان الاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مرغماً على السير بالاتفاق، لأن الولايات المتحدة منعت عن جيشه كميات من الأسلحة بلغت قيمتها 860 مليون دولار وقد أفرجت عنها منذ أيام قليلة.
وقف إطلاق النار وإن اكتمل نصاب اللجنة التي ستراقبه مع تسمية كل فريق لممثله، يبدو هشّاً، يترنّح تحت ضربات الطيران الحربي الإسرائيلي والقصف المدفعي اليومي لعدد من قرى الجنوب، وصولاً إلى صيدا وإقليم التفاح بالإضافة إلى التقدم نحو عدد من القرى التي عجز عن دخولها في المرحلتين الأولى والثانية من العملية البرية واللتين سبقتا وقف إطلاق النار.
العدوان الإسرائيلي تواصل وإن بوتيرة أخف، وشكّلت مهلة الستين يوماً التي منحها الاتفاق للجيش الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي اللبنانية، فرصة للانقضاض على ما تدّعي إسرائيل أنه مخازن أسلحة وبنى تحتية عسكرية لحزب الله، ولولا العملية اليتيمة التي نفذها الحزب مستهدفاً موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية، لاعتقدنا بأن وقف إطلاق النار من جهة واحدة هي جهة حزب الله.
ولكن هل ستؤدي الخروقات الإسرائيلية لوقف النار إلى انهيار الاتفاق واستئناف الحرب؟
يقول خبير عسكري لـ “ليبانون فايلز” إن “الاتفاق دائم وليس مرحلياً وهو ما أكد عليه الرئيس الأميركي جو بايدن، وقد أملته ظروف عديدة، منها انكفاء إيران عن الرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير عليها، ما جعل حزب الله مكشوفاً، ومرغماً على الموافقة على تنفيذ القرار 1701 وكامل بنود
الاتفاق، ثم رئاسة الولايات المتحدة للجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق وعضوية فرنسا في اللجنة بعد اعتراضٍ إسرائيلي، ما شكل إطاراً سياسياً-عسكرياً للحل، وفرنسا ترأس اللجنة الخماسية التي تسعى إلى إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، وتشكيل الحكومة المناسبة لحل الأزمات الكثيرة والقيام بالنهوض والإصلاح، وقد حضر الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، فور الإعلان عن دخول الاتفاق حيّز التنفيذ”.
وتضيف المصادر العسكرية “أن نتنياهو سيحاول القيام بكل ما تمّ نهيه عنه، ونرى جيشه اليوم يتقدّم ويقوم بقضم المزيد من الأراضي والقرى اللبنانية، ما يعني أن اللحظة التي سيطلق فيها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين عملية ترسيم الحدود، سيرفض نتنياهو العودة إلى الخط الأزرق والتخلي عن النقاط المتنازع عليها، علماً أن هذا الخط هو خط إنسحاب وليس خط ترسيم لأن الحدود مرسّمة منذ العام 1949، من هنا يمكن القول “إنسوا تلال كفرشوبا ومزارع شبعا”. كما أن الجيش الإسرائيلي عندما يتجاوز جنوب الليطاني ويقصف الهرمل والبيسارية في قضاء صيدا وقرى في إقليم التفاح، وكأنه يوجه رسالة إلى الجيش اللبناني يقصد بها القول “نحن نعرف أماكن مخازن السلاح التابعة لحزب الله فإن لم تفككها، سنقصفها ولن يردعنا عن ذلك أحد”.
ويختم الخبير العسكري كلامه بأن من أملى على إسرائيل السير بالاتفاق وشكّل لجنة برئاسةٍ أميركية وعضويةٍ فرنسية يتخطى عملها الشأن العسكري إلى السياسي، قادر على أن يفرض عليها استمرار وقف إطلاق النار، بعد انتهاء مهلة الستين يوماً وانتقال السلطة الأميركية من جو بايدن إلى دونالد ترامب، وبعد ذلك علينا أن نترقّب مسار الأمور”.