“دعوات عربية للأسد بمغادرة سوريا”… والرد الأردني يأتي قاسيًا
في تقرير جديد نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، كشفت مصادر أمنية سوريّة وعربية عن تطورات مثيرة تتعلق بمستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، بعد تصاعد التهديدات من المعارضة السورية وتقدمها نحو مناطق حيوية في البلاد.
وقالت المصادر إن الأسد لا يزال موجودًا في سوريا، إلا أن الأحداث الأخيرة تشير إلى تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية عليه.
وفي الأسبوع الماضي، غادرت زوجة الرئيس السوري أسماء الأسد وأولاده إلى روسيا، بينما سافر أصهاره إلى الإمارات العربية المتحدة. هذه التحركات تزامنت مع تزايد التوترات في سوريا، حيث تكثف المعارضة السورية هجماتها في عدة مناطق استراتيجية.
تقول المصادر الأمنية إن العديد من المسؤولين العرب، من بينهم مصريون وأردنيون، دعوا الأسد إلى مغادرة سوريا وتشكيل حكومة في المنفى، في محاولة لتجنب انهيار النظام. وبالرغم من هذه المناشدات، نفت السفارة الأردنية في واشنطن بشكل قاطع هذه التقارير، مشيرة إلى أن هذا الادعاء لا أساس له من الصحة.
وفي بيان قوي صادر عن السفارة الأردنية، أكدت أنه “لم يتم التواصل معنا من قبل صحيفة وال ستريت جورنال للتحقق من هذه المزاعم”. وأضاف البيان أن “الإدعاء بأن المسؤولين الأردنيين حثوا الرئيس الأسد على مغادرة سوريا هو ادعاء عار تمامًا عن الصحة وغير صحيح”. كما استنكرت السفارة نشر هذه المعلومات دون التحقق اللازم، معتبرة أن الصحيفة قد انتهكت المعايير الصحفية.
بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، فقد بدأ عدد من الدول العربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر، يشعرون بقلق متزايد إزاء انهيار نظام الأسد. هذا القلق يزداد بسبب التأثيرات المحتملة على استقرار المنطقة بشكل عام.
في الوقت نفسه، يشير التقرير إلى أن الأسد قد طلب مرارًا من تركيا التدخل لوقف تقدم المتمردين، بينما كان يسعى للحصول على أسلحة ودعم استخباراتي من دول مثل الإمارات ومصر والأردن والعراق. لكن حتى الآن، لم يتلق أي دعم ملموس من هذه الدول، وفقًا للمسؤولين السوريين والعرب.
على الجانب الآخر، كشف مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن “سقوط دمشق أصبح الآن أكثر احتمالًا من أي وقت مضى”، مشيرًا إلى أن الوضع العسكري للنظام السوري أصبح أكثر هشاشة مما كان عليه في السابق.
في تطور جديد على الأرض، أعلنت فصائل المعارضة السورية، السبت، عن سيطرتها على مدينة درعا الواقعة جنوب البلاد. وقالت المصادر المعارضة إنه تم التوصل إلى اتفاق مع الجيش النظامي من أجل انسحاب القوات السورية بشكل منظم، مما يتيح للمعارضة السيطرة على المدينة التي تعتبر رمزًا للثورة السورية التي بدأت في عام 2011. وأضافت المصادر أن العديد من المسؤولين العسكريين والأمنيين البارزين في المدينة قد تم تأمين ممر آمن لهم إلى العاصمة دمشق كجزء من الاتفاق.
يأتي هذا التقدم الميداني بعد ساعات من إعلان المعارضة عن وصول مقاتليها إلى حدود مدينة حمص في وسط سوريا، مؤكدين أنهم بصدد توجيه “النداء الأخير” للقوات السورية للانشقاق عن نظام الأسد. ويعتبر هذا التطور مؤشرًا خطيرًا على انهيار سلطة النظام السوري في بعض من أهم معاقله، ما يزيد من التعقيد في المشهد السوري المتأزم.
لطالما كان الجنوب السوري، وخاصة مدينة درعا، نقطة انطلاق للاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري في عام 2011، التي تحولت لاحقًا إلى صراع مسلح مستمر. ورغم الجهود الدولية لتحقيق تسوية سياسية، ظل النظام السوري، تحت قيادة الأسد، يتشبث بالسلطة بدعم من حلفائه الرئيسيين مثل إيران وحزب الله الروسي. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا ملحوظًا في ميزان القوى، حيث باتت المعارضة السورية تتقدم تدريجيًا في مناطق الجنوب والوسط، في وقت تتعرض فيه دمشق لضغوط متزايدة.
ومع تقدم الفصائل المعارضة في العديد من المناطق السورية، وتزايد الضغط الإقليمي والدولي، يبدو أن مستقبل الأسد على المحك. في حال تواصلت الانتصارات الميدانية للمعارضة وتداعيات ذلك على الشرعية الدولية للنظام، فقد تجد سوريا نفسها في مفترق طرق تاريخي. ورغم أن الأسد لم يظهر أي مؤشر على التراجع أو المغادرة، إلا أن التحولات الحالية قد تفتح المجال أمام خيارات جديدة.