فاسد أو جبان.. هذا ما قاله الأسد عن “الهارب” من الوطن
انتشر على منصات التواصل الاجتماعي فيديو يعود للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد يتضمن تصريحات أدلى بها بعد نحو عام على اندلاع الحراك الاحتجاجي عام 2011 ويحاول فيها تعريف “الخائن” الذي يترك بلده في عز الأزمة وهو ما اعتبره كثيرون بأنه بمثابة نبوءة ذاتية تحققت لاحقا.
وتعود تلك التصريحات إلى أغسطس 2012 في مقابلة لبشار الأسد مع قناة تلفزيونية تابعة للنظام، رد فيها على سؤال من المُحاور عن ظاهرة المنشقين عن النظام الذين يهربون خارج البلد، وأصدر فيه حكما عاما على جميع الهاربين من سوريا.
ووصف الرئيس السوري آنذاك الشخص الهارب بأنه إما “فاسد ومرتشي”، أو “جبان هُدد من قبل إرهابين أو جهات أخرى”، أو “شخص لديه طموح ويعتقد أنه يجب أن يحصل على مكاسب أو مزايا او مراتب معينة فلم يحصل عليها فقرر الهروب”. وقال بشكل قاطع: “الشخص الوطني والجيد لا يهرب ولا يفرُّ خارج الوطن”.
هذا الفيديو الذي كان يهدف الأسد من خلاله لترسيخ صورته كقائد متمسك بوطنه، عاد اليوم ليطارد إرثه السياسي. وتداولت وسائل الإعلام المقطع بعد هروبه من سوريا إلى روسيا إثر تقدم المعارضة المسلحة نحو دمشق.
تزامنت تصريحات الأسد السابقة مع تصاعد الأحداث داخل سوريا، إذ تحولت الاحتجاجات الشعبية إلى نزاع مسلح شمل معظم أنحاء البلاد. وبدأ النزوح الجماعي للسوريين مع تزايد أعمال العنف.
ووفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في أيلول 2012، وصل عدد اللاجئين بحلول ذلك العام إلى 230,000 شخص. وأخذ الرقم في الارتفاع بشكل كبير خلال السنوات اللاحقة في نزاع أدى إلى انهيار البنية التحتية في البلاد، مع تعرض المدن الكبرى مثل حلب ودمشق وحمص لدمار هائل جراء القصف الجوي والاشتباكات العنيفة.
وبعد اثني عشر عاماً على تلك التصريحات، بلغ اليوم عدد اللاجئين السوريين المسجلين في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أكثر من 6.8 مليون شخص. بينما نزح حوالي 6.9 مليون آخرين داخل البلاد، وفقاً لتقرير صادر عن المفوضية في حزيران 2023.
هذه الأرقام جعلت الأزمة السورية أسوأ كارثة إنسانية شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية حسب تقرير البنك الدولي الصادر في نيسان 2023. وأشار التقرير إلى أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأن البلاد تعاني من انعدام شبه كامل للأمن الغذائي، حيث يعتمد حوالي 12.1 مليون شخص على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
بين النقد والسخرية
عودة مقطع الفيديو القديم للأسد أثارت موجة من التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي. التعليقات المتداولة تعكس تبايناً بين النقد اللاذع والسخرية من التناقض بين كلماته في الماضي وواقعه الحالي.
أحد التعليقات التي لاقت انتشاراً واسعاً كان على الشكل التالي: “من تحدث عن الوطنية والاستقرار، أصبح اليوم يبحث عن مأوى آمن بعيداً عن وطنه.” فيما قال آخر: “تصريحات الأسد عن الهاربين كانت دائماً سلاحاً إعلامياً، لكنها الآن أصبحت مرآة تعكس هروبه الشخصي.” وعلق آخر: “سبحان الله … وكأنّه كان يتحدّث عن نفسه”
منشورات أخرى سلطت الضوء على الآثار المدمرة لسياسات الأسد، حيث كتب أحد المستخدمين: “13 عاماً من الحرب أرهقت الشعب، والآن يهرب من تسبب في الكارثة تاركاً خلفه وطناً مدمراً”. (الحرة)