اصطفافات لبنانية جديدة في مرحلة ما بعد الأسد
تتكثّف المشاورات المحلية والخارجية مع اقتراب ٩ كانون الثاني الموعد المضروب للجلسة الانتخابية التي يُراد لها أن تخرج بالدخان الأبيض بعد أكثر من سنتين من الفراغ الرئاسي والمراوحة القاتلة، وما أنتجته من تعطيل متعمّد للإصلاحات السياسية والاقتصادية والمالية وهي منطلق ورشة استعادة التعافي.
ويبدو جليا أن المواكبة الخارجية للاستحقاق الرئاسي تساوي وربما تفوق التحضيرات المحلية، بالنظر إلى الرغبة الدولية في منع تمدّد الحرائق المحيطة بلبنان إليه، وفي توظيف الزخم الناتج من التغيّرات الحاصلة، وتحديدا التغيّر السوري، لإحداث الاختراق اللبناني اللازم بغية وقف الاستنزاف الحاصل وبدء مرحلة سياسية جديدة منقطعة كليا عن الماضي.
يأتي في هذا السياق الانخراط الأميركي والفرنسي في الملف اللبناني، مع إدخال تركيا على خط المعالجات، وهو أمر مستجدّ لكنه حتمي نتيجة الدور الذي حجزته لنفسها في سوريا ما بعد بشار الأسد.
وباتت المشاورات الثلاثية الفرنسية- الأميركية- التركية المتوقعة هذا الأسبوع في باريس محطة أساسية تُرتقب نتائجها لبنانياً، ولو أن الملف السوري سيكون في طليعة اهتمام العواصم الثلاث بالنظر إلى تأثيراته التي تتمدد حكما إلى دول الجوار. بهذا المعنى، يحضر الاستحقاق الرئاسي بندا متقدما في جدول أعمال تلك المشاورات، جنبا إلى جنب مع أزمة النازحين بشقيها القديم والمستجد.
وسيكون هذا الموضوع في أولويات الرئيس العتيد الذي يُفترض أن يستفيد من الزخم التركي لمعالجة تلك الأزمة من أجل أن تكون عودة النازحين السوريين جزءا من حراك أنقرة.
أما محليا، فتتسارع وتيرة المشاورات الرئاسية، مع لحظ حراك سنيّ لافت شكلا ومضمونا في اتجاه ترتيب كتلة نيابية وازنة تترك بصماتها في جلسة ٩ كانون الثاني. ولا يمكن فصل هذا المسعى عن التطورات المحيطة في ظل وجود نية داخلية وخارجية لإعادة ترتيب المشهد السياسي اللبناني والتوازنات المرتبطة به بما يواكب التغيرات السورية.
ويُلاحظ أن الحراك السياسي يشمل أيضا تركيبة الحكم لا الرئيس وحده، مع انتعاشة سياسية سنيّة مرتبطة حكما بتلك التغيرات. وتعمل قوى سنية عدة على توحيد الرؤية بحيث يقدّم الاصطفاف النيابي السني المتوقع ورقة عمل واحدة تتناول رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، هوية ودورا، مع ترقّب موقف كل من الرياض وأنقرة من هذا الحراك السُني.