كيف ستستفيد إسرائيل من سوريا تقريرٌ يكشف
كيف ستستفيد إسرائيل من سوريا تقريرٌ يكشف
اعتبر مقال لمعهد الأمن القومي الإسرائيلي أنّ الوضع الجديد في سوريا يقدم لإسرائيل فرصة للتأثير على الواقع المستقبلي هناك وذلك لصالحها، بما يتجاوز تحقيق هدف الحد من النفوذ الإيراني.
ويلفت التقرير إلى أنَّ الأحداث الدراماتيكية التي تتكشف في سوريا تخلق فرصة سانحة أمام إسرائيل لتعزيز وضعها الأمني من خلال تكثيف الضرر الذي يلحق بإيران ومحور المقاومة التابع لها والسعي إلى تفتيت استمرارية المحور وجعل أي تعافٍ مستقبلي صعباً.
وأضاف: “من وجهة نظر إسرائيل، وعلى النقيض من الحالات السابقة، فإن الأحداث في سوريا مدعومة بسلسلة من التطورات الإيجابية التي ظهرت على مدى العام الماضي. كذلك، توفر هذه التطورات لإسرائيل الفرصة للاستفادة من إنجازاتها ضد محور المقاومة”.
وتابع: “ومع ذلك، فإن مثل هذه الخطوة تتطلب نهجا استباقياً لحماية المصالح الإسرائيلية في المنطقة – بما يتجاوز مجرد إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، وهذا يشمل منع العناصر المتطرفة من الحصول على أسلحة استراتيجية، ووقف نقل الأسلحة، وعرقلة النشاط المناهض لإسرائيل على طول الحدود من خلال السيطرة على العناصر الإيجابية هناك”.
ولفت إلى أنَّ “إعلان المتمردين عن سقوط نظام الأسد بعد 54 عاماً من الحكم يفتح فصلاً جديداً في التاريخ السوري، ومن المرجح أن تدخل سوريا الآن في فترة انتقالية تتسم بعدم الاستقرار وصراعات السلطة، وهو ما قد يؤدي إلى عدة سيناريوهات محتملة: سوريا مجزأة، مع وجود قوى مختلفة تسيطر على مناطق مختلفة وتنخرط في اشتباكات متكرر، اعتماد هيكل اتحادي؛ نشوء نظام جديد في إطار سوري موحد”.
وأكمل: “إن كل من هذه السيناريوهات المحتملة من شأنها أن تشكل ضربة قوية لمحور المقاومة، على الأقل في المستقبل المنظور. فباعتباره عنصراً مركزياً في هذا المحور، كان نظام الأسد يشكل حتى الآن تهديداً استراتيجياً كبيراً لإسرائيل. وكان بناء قوة حزب الله ممكناً من الأراضي السورية. ومع ذلك، وعلى الرغم من ضبط النفس النسبي الذي أظهره الأسد على مدى العام الماضي في خضم الحرب الإسرائيلية على جبهات متعددة، فإنه لم يكن راغباً في قطع تحالفه مع إيران. ونظراً لهذه التطورات، فإن الوضع الحالي قد يمثل فرصة فريدة لإسرائيل لكسر استمرارية محور المقاومة الذي تقوده إيران، بل وحتى إنشاء هيكل بديل داخل سوريا من شأنه أن يضعف المحور بل ويفككه”.
وأضاف: “علاوة على ذلك، فإن الوضع الحالي يقدم لإسرائيل فرصة للتأثير على الواقع المستقبلي في سوريا لصالحها، بما يتجاوز تحقيق هدف الحد من النفوذ الإيراني. ورغم أن المخاوف بشأن غياب سلطة مركزية في سوريا أو الصعود المحتمل لعناصر جهادية متطرفة بالقرب من حدود إسرائيل مبررة، فإن القدرات العسكرية لمختلف الجماعات المتمردة أدنى بكثير من قدرات إيران ووكلائها. وعلاوة على ذلك، فإن الخصم الرئيسي لهؤلاء المتمردين هو محور الأسد وإيران وحزب الله، إلى جانب عوامل داخلية أخرى في سوريا. ونتيجة لهذا، فمن غير المرجح أن تكون إسرائيل هي الأولوية القصوى لهذه الجماعات في المستقبل القريب، على افتراض أن نشاطها الواسع وسيطرتها على المناطق السورية بالقرب من الحدود لن يستمر لفترة طويلة من الزمن”.
وأكمل: “علاوة على ذلك، فإن المتمردين في منطقة الحدود مع إسرائيل لا ينتمون إلى جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية ولا يتماهون معها، بل هم بقايا الجيش السوري الحر والقوات الدرزية”.
وأردف: “ينبغي لإسرائيل أن تتبنى نهجاً استباقياً في سوريا، وذلك في المقام الأول من خلال دعم الجهود الرامية إلى تغيير النظام وتعزيز الاتصال والحوار مع العناصر الإيجابية على الأرض للمساعدة في تأمين مصالح إسرائيل في المنطقة. وفي الوقت نفسه، ينبغي تأجيل المشاركة المباشرة والمساعدة العسكرية الكبيرة للعناصر ذات الصلة والتفكير فيها على أساس التطورات. في المرحلة الأولية، فإن هدف التواصل مع العناصر المؤيدة هو التعبير عن الدعم لها والإشارة إلى أن إسرائيل تراقب الأحداث عن كثب وتشارك في هدف إضعاف محور المقاومة مع تقييم إمكانية تقديم المساعدة مع تطور الظروف”.
وأردف: “في الوقت نفسه، قد تستكشف إسرائيل إمكانية تقديم مساعدات ناعمة، مستوحاة من مبادرة الجيران الطيبين من عام 2016 إلى عام 2018 عندما قدمت إسرائيل المساعدات الطبية والغذائية للسوريين أثناء الحرب الأهلية. ولا تزال الآليات اللازمة وبعض جهات الاتصال الرئيسية متاحة، مما يعني أن إسرائيل لن تحتاج إلى البدء من الصفر. وبالإضافة إلى التعامل مع مختلف اللاعبين في سوريا، ينبغي لإسرائيل الحفاظ على وجود عسكري رادع على طول الحدود ومواصلة الجهود لمنع الوجود الإيراني في المنطقة. وينبغي لإسرائيل أيضا مهاجمة الأهداف العسكرية التي تحتوي على أسلحة استراتيجية يمكن أن تقع في أيدي الجماعات المتطرفة. وفي هذا السياق، ينبغي إعادة تقييم وتجديد استراتيجية الحرب بين الحروب”.
وتابع: “من المرجح أن تستمر التطورات الدرامية في سوريا لبعض الوقت، في حين يظل مستقبل البلاد غير مؤكد. ومن غير الواضح ما إذا كان انهيار نظام الأسد سيؤدي إلى تفتيت سوريا إلى كيانات سياسية منفصلة و/أو مناطق نفوذ أجنبية”.
وختم: “لذلك، ينبغي لإسرائيل أن تتابع التطورات في سوريا بشكل مستمر في ضوء أهدافها الأساسية المتمثلة في الحد بشكل كبير من النفوذ الإيراني في سوريا، ومنع إعادة بناء قدرات حزب الله في لبنان، وحماية حدودها الشمالية من التهديدات. وفي الوقت نفسه، ينبغي لإسرائيل أن تهدف إلى تجنب الانخراط المباشر في الصدامات العسكرية داخل سوريا مع الحفاظ على التنسيق مع حلفائها، وخاصة الولايات المتحدة”.