لبنان المهدّد مع تغيير النظام السوري.. أي خطر قادم
بالنظر الى ما آلت اليه التطورات السياسية في المنطقة، قد يكون التعامل مع الأمر الواقع هو سمة المرحلة الحالية على جميع الصُعد، وبات الترقّب الحذر يحكم المشهد الإقليمي برمته مع المؤشرات الواضحة بقرب توجيه اسرائيل ضربة عسكرية الى إيران وتحديداً قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض حيث تكون ملفات الشرق الأوسط الجديد قد رُتبت على طاولة مكتبه.
أما العنوان العريض الذي يتصدّر قراءة الأحداث المتسارعة في سوريا، بعيداً من الشكوك والملاحظات المبكرة في الحكم على “هيئة تحرير الشام” وقيادة أحمد الشرع والمرحلة الانتقالية التي تولّتها بعد ان ارتدت حلّة الثورة او المعارضة السورية ونزعت لقب “الجولاني” عنها، يتلخص بالافتراض أنه لا شيء أسوأ مما كان عليه الوضع، ولا بدّ للشعب السوري ان يخرج بشكل كامل من ميراث العائلة الأسدية المخلوعة وقطع صلاته وتحالفاته الجيوسياسية.
على المقلب اللبناني، يبدو انعكاس المشهد جلياً مع أطول حدود يملكها مع “الشقيقة” ومتلازمة الجغرافية والتاريخ التي تحكم البلدين، ومما لا شك فيه ان الهاجس الأكبر من التغييرات الحاصلة وامتداد المشكلات التي تبدأ بالنازحين ولا تنتهي عند أزمة المعابر غير الشرعية وتهريب الموارد والبشر، وهي كالتالي:
-برزت عند الساعات الأولى لسقوط دمشق بأيدي المعارضة ظاهرة النزوح المعاكس، حيث ان مغادرة لبنان السوريين النازحين المنفيين والهاربين مما أسموه الحكم الجائر لنظام الاسد، قابله هروب المئات من مؤيديه ورموزه، ومن المتوقع ان تزداد وتيرته في الوقت الحالي بسبب عدم وجود أي رادع من الجانب السوري، حيث لا أمن ولا جيش مع تخوف الكثيرين من ان الفوضى ستزيد من جهة سوريا، ويبقى التعويل على التشدّد الذي يفرضه الجيش اللبناني على الحدود، كما انه لا يمكن اتخاذ إجراءات بحق أشخاص غير مطلوبين في لبنان أو غير مطلوبين بموجب مذكرات دولية، وقد دخل إلى لبنان العشرات منهم بطريقة شرعية وغادروا الى جهات اخرى عبر مطار بيروت، وهو ما يضفي مسألة غاية في التعقيد تتمثّل بحلول ملف “المختبئين” او العابرين من لبنان عوض ملف “النزوح”.
-فتح ملف الموقوفين الإسلاميين الذي بات يشكل ضغطاً على الحكومة، ومطالبات العفو العام والافراج عنهم وما يشكله ذلك من تهديد اجتماعي وأمني خطير.
-مشكلة جديدة – قديمة، تتمثّل بـ “الأصولية” التي يدور الحديث حولها وينطلق مع تغيير وجه الحكم في سوريا، فالبرغم من ان “هيئة تحرير الشام” تبقى الفصيل الأكبر وتشكل العمود الفقري لقوى المعارضة المسلحة، لكن ثمّة فصائل أخرى لديها عقيدة متطرفة “جهادية”، تهدد بالانفلاش والتناحر مع المكوّنات الاخرى مع ما يعنيه ذلك من تأثيرات عابرة للحدود تطال الداخل اللبناني.