اخبار محلية

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من الجنوب السوري وضمّها إلى الكيان الإسرائيلي والسيطرة الكاملة على موقع جبل الشيخ الاستراتيجي، فإنّ رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو يراه “فرصة لا تتكرّر إطلاقاً في لبنان” بعد ضرب البنية العسكرية لـ”الحزب” واغتيال أمينه العامّ السيّد حسن نصرالله ومعظم قياداته وسقوط حليفه في دمشق. بهذا المعنى بات القرار 1701 بمنزلة “بضاعة” دولية منتهية الصلاحية سبقتها الأحداث ولا تُلزِم إسرائيل بأيّ شيء. الأدقّ، تحوّلت “آليّته التنفيذية” إلى اتّفاق عار بالنسبة للبنان وصّفه البعض باتّفاق 17 أيار آخر، لكن بمباركة شيعية – سنّيّة- مارونية!

تعمّ حالة من الإحباط الكبير في صفوف القوى العسكرية للجيش اللبناني المنتشرة في جنوب الليطاني بسبب المماطلة الإسرائيلية حيال ترجمة بنود الاتّفاق وبدء تنفيذ الانتشار وفق الجدول المتّفق عليه، ووقوف “الشرعية” مكتوفة اليدين أمام الانتهاكات الإسرائيلية المهينة والفاضحة للاتّفاق.

ظهرت بوادر هذه المماطلة بشكل واضح في الاجتماع الثاني الذي عقدته الأربعاء الماضي لجنة الإشراف لمراقبة وقف إطلاق النار في الناقورة “المحتلّة” التي تتعرّض منازلها في أحيائها الداخلية يومياً للجرف، إضافة إلى الاستباحة الكاملة للأجواء اللبنانية بالطائرات الإسرائيلية التجسّسيّة، واستكمال قصف شريط من البلدات الجنوبية بالمسيّرات. يكفي القول إنّه، باستثناء بلدة الخيام، لم يدخل الجيش أيّ قرية حدودية محتلّة حتى يوم أمس، بما في ذلك العديسة والطيبة. كما أنّ تلّة الحمامص في بلدة الخيام نفسها لا تزال تحت سيطرة الإسرائيليين.

كبرى المفارقات السياسية أنّ مروّجي وصول “رئيس للجمهورية قادر على تنفيذ وقف إطلاق النار” يتعامون عن واقع أنّ إسرائيل لن تلجمها “هيبة” أيّ رئيس قد تنتجه جلسة التاسع من كانون الثاني أو أيّ جلسة أخرى، وأنّ الفرصة التي “لن تتكرّر” ستبيح لها، على “أقلّ من مهلها” من دون الالتزام حتّى بمهلة الـ 60 يوماً، تسليم الشرعية اللبنانية والحكومة، المُبارِكة لاتّفاق وقف إطلاق النار، جنوباً أشبه بخيال صحراء منزوع مقوّمات الحياة وليس فقط السلاح، وأنّ كلّ هذا الشرّ الإسرائيلي، والتنكيل اليومي بالاتّفاق، والاستثمار العلني والوقح لتداعيات سقوط نظام بشار من الجنوب السوري إلى جنوب الليطاني وشماله، كلّ ذلك يحصل برعاية واشنطن و”الفرقة”، من دون فارق بين الإدارتين الراحلة والآتية.

يبدو “الكارت بلانش” المعطى دوليّاً لإسرائيل أشبه بحبل يلفّ على عنق أيّ رئيس مقبل إذا لم يتمّ وقف إسرائيل عند حدّها وفق دبلوماسية التسويات الكبيرة في المنطقة، فيما ممارساتها في المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا، وتوغّلها في الجنوب السوري، واحتلالها المستمرّ لقرى الشريط الحدودي جنوب لبنان ووصولها إلى مسافة 12 كلم فاصلة عن معبر المصنع، تشي بأنّ مخطّطها في المنطقة، بعد الأحداث التاريخية التي لَفحت المنطقة، لا يردعه الجالس على كرسيّ بعبدا.

برأي مصادر مطّلعة تحدّثت لـ “أساس”، “التسوية الرئاسية المقبلة قد تفتح، بحسب هويّة الرئيس، الطريق أمام إعادة التعافي المالي والاقتصادي، وفتح الحنفية لإعادة الإعمار، وتحقيق العودة التدريجية للسوريين إلى بلدهم، لكن مع إبقاء الجنوب محيّداً، وجعل الإسرائيلي وصيّاً على مصير السلاح، وهو ما يتيح تكريس الاحتلال الإسرائيلي للشريط الحدودي بجزء منه والاستباحة الثابتة للأجواء اللبنانية بهدف يتخطّى شطب “الحزب” عسكرياً من المعادلة نحو فرض التطبيع في المنطقة، بما في ذلك لبنان”.

تتساءل المصادر: “ما الذي يمكن للرئيس المقبل أن يَفعله بعد الزلزال السوري، تحديداً قائد سابق للجيش، أكثر ممّا يفعله اليوم الرئيس برّي و”الحزب” والحكومة والأميركيون والفرنسيون واليونيفيل والأمم المتحدة ولجنة الإشراف؟”.

أمّا الحكومة، معقل السلطة التنفيذية وصاحبة القرار على المؤسّسة العسكرية، فتتفرّج، كما الجيش، من دون قدرة حتّى على “تشغيل” علاقاتها العامّة مع اليونيفيل أو الأمم المتحدة أو الأميركيين أو الفرنسيين أو ضابط في “لجنة الإشراف” للسماح لأهالي فقيد بعمر الـ 90 عاماً بدفنه في مسقط رأسه بالجنوب.

وفق وسائل الإعلام التابعة لحركة أمل و”الحزب” “لم يقدّم الجانب الإسرائيلي أيّ تعهّد في اجتماع الناقورة بالتوقّف عن الخروقات والتوغّل في البلدات أو القيام بتفجيرات، لافتاً إلى أنّه سيدرس الطلبات اللبنانية في هذا الشأن”. في السياق نفسه، تؤكد معلومات “أساس” بأنّ الجانب اللبناني تبلّغ من الاميركيين والفرنسيين بأنّهم يضغطون على إسرائيل لوقف خروقاتها لكنها لا تستجيب!

ملاك عقيل – اساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com