من الميدان إلى السياسة… ربطة العنق تغيّر “صورة” الجولاني
من الميدان إلى السياسة… ربطة العنق تغيّر “صورة” الجولاني
ظهر زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، اليوم الأحد، ببدلة سوداء أنيقة مع ربطة عنق خلال استقباله رئيس حزب “التقدمي الإشتراكي” السابق وليد جنبلاط، في خطوة جديدة تضاف إلى سلسلة تحولات في مظهره السياسي والشخصي. هذه الصورة تمثل آخر حلقات التحول في شخصية الجولاني، الذي بدأ كقائد لجبهة النصرة في عام 2012، حيث كان يرتدي الزي العسكري واللثام، حرصًا على إخفاء هويته في بداية الصراع السوري.
في تلك الفترة، كان الجولاني يشدد على انتمائه لمنهج تنظيم “القاعدة” ويظهر في الغالب بلباس عسكري، بينما كانت جبهة النصرة تتخذ موقفًا متشددًا ضد النظام السوري. في عام 2013، ظهر الجولاني لأول مرة في مقابلة تلفزيونية دون أن يظهر وجهه، حيث كانت الصورة تُلتقط من الخلف وهو متشح بالوشاح الأسود.
لكن التحول الأبرز جاء في عام 2016، عندما أعلنت جبهة النصرة فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى “جبهة فتح الشام”. وفي تلك الفترة، تخلى الجولاني عن غموضه، حيث ظهر لأول مرة أمام الكاميرا بلباس عسكري، لحية طويلة، وعمامة بيضاء. كما أجرى لاحقًا مقابلة وهو يرتدي ملابس مدنية، وأعلن رفضه تصنيفه كإرهابي.
عام 2017، مع تأسيس “حكومة الإنقاذ السورية” بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على إدلب، بدأ الجولاني في الظهور بشكل متزايد في الأنشطة العامة وفي شوارع المدينة. تخلّى عن اللباس العسكري وبدأ يظهر كقائد سياسي يسعى لإدارة المناطق التي تسيطر عليها الهيئة، متبنيًا خطابًا أكثر اعتدالًا.
في السنوات الأخيرة، شهد خطاب الجولاني تحولًا جذريًا نحو الاعتدال، حيث تحدث عن ضرورة التعايش بين المكونات السورية وأهمية بناء هوية سورية جديدة تتجاوز الانقسامات الطائفية. ومع اقتراب سقوط نظام بشار الأسد، بدأ الجولاني يظهر في مناسبات عامة وهو يرتدي ملابس عادية دون غطاء رأس، في خطوة نحو تبييض صورته.
في أحدث ظهور له، ظهر الجولاني مرتديًا بدلة سوداء وربطة عنق خضراء، أثناء استقباله جنبلاط، ما يُعد تأكيدًا آخر على التحولات في مواقفه السياسية، ورغبته في تغيير صورة الهيئة أمام المجتمع الدولي والسوريين. هذه التحولات تشير إلى محاولة الجولاني التخلص من التصنيفات الإرهابية وتحقيق نوع من الاعتراف الدولي.
الباحث في مركز سينتشري إنترناشونال، آرون لوند، أكد أن هيئة تحرير الشام والجولاني قد تغيّرا بشكل ملحوظ، رغم أن نهجهم لا يزال يتسم بالتشدد إلى حد ما. وأشار لوند إلى أن “حملة العلاقات العامة” التي يقوم بها الجولاني تدل على تغييرات حقيقية مقارنة بالنهج المتشدد الذي كانت تتبناه الجماعات مثل “القاعدة” و”داعش”.
وبدوره، قال الخبير في الشأن السوري ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، أن “الجولاني أكثر ذكاءً من الأسد، فهو غير أدواته، وغير مظهره العام، وأقام تحالفات جديدة، وأطلق رسالته المتوددة للأقليات”.