اخبار محلية

فخامة الرئيس: سمعتُك البارحة اسمعني اليوم

لم ينسحب أي نائب من المجلس مع أنك أصبت معظمهم في الصميم
لن نكتب أعمق وأدقّ من الذي أسمعتنا في خطاب القسم، لذا سنحاول أن نستعيض بالأسلوب علّنا نُصيب الهدف. فخامة الرئيس العماد جوزاف عون: أشعرتنا بالأمس بفخر انتمائنا للبنان، ونقَلتَنا بدقائق من المَحاور إلى الوطن. كنا نحلم بنصف خطابك، ببعضٍ منهُ بعبارات اشتقنا لسماعها. كنا ننتظر نصف بشير، وبعضاً من الشهابية. وكنا سنرضى يا فخامتنا ونقول: هذه البداية ومع الأيام سيقول أكثر ويفعل أكثر”.

لكنك سمرتنا أمام الشاشات نصفّق، نقفز، ننتشي بشخصِك بشخصيّتِك وبتشخيصكَ للعلّة  اللبنانية مع وصف الدواء. كنتَ البشير، ولم تكن نصفه. وكنت فؤاد شهاب، ولم تكن بعضاً منه. فمن لم يصفّق لك هابَك ولم تطاوعه رجلاه على مغادرة قاعة مجلس النواب، وأنت تنادي بالسلاح الشرعي الوحيد وبمحاربة الفساد وبمكافحة المخدرات وباستقلالية القضاء وبفصل السلطات وبإعادة أموال المودعين وبتحرير  لبنان من سياسة المحاور وبالعلاقات النديّة مع الجيران وغير الجيران وباحترام حرية الإعلام وبتقوية القوى الأمنية وباستعادة هيبة الدولة وبمنع البؤر الأمنية…

لم ينسحب أي نائب من المجلس، مع أنك أصبت معظمهم في الصميم.

لكَ يا فخامة الرئيس من أبرز الفخامات السابقين، كفّ الياس سركيس وعقل فؤاد شهاب وقلب بشير الجميّل ورؤية كميل شمعون وضمير شارل حلو. ومعكَ سنختبر اتفاق الطائف من دون وصايات شقيقة وإملاءات صديقة. ستكون الرئيس الذي سيحدد أي لبنان نريد. فإما نبني معاً لبنان الجديد وإما نبحث عن الفدرالية المنقذة. معك، سنعرف قيمة ما تبقى من صلاحيات للرئاسة وما إذا كان المرض بالنصوص أم بالنفوس. ومعك، سنعرف ما إذا كانت الطائفية سياسية أم وراثية، وما إذا كان الاستقواء بالخارج علّة أم ظرفاً طارئاً.

فخامة الرئيس: أمامك تحديات وآمالنا كبيرة ومعلّقة بك. أنت اليوم الوحيد الممسك بورقة وجودنا كمسيحيين أولاً، وكأقلية في منطقتنا ثانياً، وكهُويّة لبنانية ثالثاً. فنحن طُعنّا من الطامعين والمعتدين، لكنّنا أيضاً طَعنّا صدورنا بخناجر الحقد الذي ورثناه عن غير قصد، وتبنيناه من دون أن نسجّل تبنّيه في سجلات وجودنا.

أنت اليوم مسؤول عن أحلام أطفالنا، عن حقوق كل شيعيّ خائف على وجوده وعلى بيته المفتوت أمام ناظريه. ومسؤول عن كل سنّي ضاع مع ضياع زعامته وتشتت خياراته .وعن كلّ درزيّ مأزوم بعد سقوط نظام الرئيس السوري الهارب بشار الأسد، وكل درزيّ خائف من هيمنة الطوائف الكبيرة. ومسؤول عن صورة كرسيّ الرئاسة الأولى والتي فقدت هيبتها مع استشهاد البشير، وكلها أمل باستعادة الهيبة في عهدك.

أنت مسؤول يا فخامة الرئيس عن إحقاق العدالة في تفجير مرفأ بيروت ونعرف جميعنا أنك لو لم تذكر الحادثة في خطاب قسمك، لكنك لن ترضى إلا بمعرفة الحقيقة لإراحة الأمهات والآباء.

فخامة الرئيس: كنتَ في الجيش أرزة لم تنحنِ مرة رغم عواصف السياسة القوية. فصمدت أمام تسونامي من أوصلوك وحاولوا الاستثمار في نزاهتك. ومن ثمّ صمدت في وجه إعصار ثورة 17 تشرين. ووقفت شامخاً أمام إغراءات من حاولوا التدخل في المدرسة الحربية وتشكيلات الضباط. وكنت الحلّ في تنفيذ القرارات الدولية لمصلحة لبنان من دون إدخال الجيش في متاهات السياسة ونجحت.

اليوم أنت الرئيس بـ “التعريف” والكلمة لك. لم يوصلك إلى القصر إلا جينات الكرامة التي نشأت عليها وستورثها لملايين اللبنانيين، فبالله عليك لا تخذلنا لأن أعناقنا مشدودة على حبل خطاب قسمك.

رامي نعيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com