اخبار محلية

إسرائيل تتوعّد لبنان بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء

مع بدء العد العكسي لانقضاء مهلة الستين يوماً المنصوص عنها في اتفاق وقف إطلاق النار المُبرَم في 27 تشرين الثاني المنصرم بين إسرائيل والحكومة  اللبنانية، ومِن ورائها “حزب الله”، والتي تفرض أن ينسحب بعدها الجيش الإسرائيلي من الجنوب، مقابل إلقاء الحزب سلاحه بدءاً من الجنوب وبسط الجيش  اللبناني سلطته هناك بمؤازرة قوات “اليونيفيل”، لا يبدو أن الطريق التي رسمها الاتفاق ستكون مفروشة بالورود، فتل أبيب جاهرت وبلا أي وجل بأنها قد تُبقِي على ما أسمتها “تلال حاكِمة” في جنوب لبنان، وأنه بالنسبة إليها لن تركن إلى مهلة الستين يوماً، بل إلى انسحاب الحزب الفعلي من الجنوب وإلى نزع بناه التحتية وانتشار الجيش اللبناني. وإن لم يتحقق كل ذلك، فلن تخرج جيشها من لبنان، بل منحت نفسها حق مهاجمة أي رقعة فيه تشتمّ منها رائحة تحركات عسكرية لـ”حزب الله”، متوعّدةً لبنان بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

وفي هذا السياق، نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن إدارة بايدن تعارض نية نتنياهو إبقاء قوات في جنوب لبنان، إلّا أن الأخير يُعوّل على موافقة إدارة ترامب على البقاء في لبنان، خصوصاً بعد استخدام الرئيس الأميركي المُنتخب أخيراً “لغة نارية” بتلويحه بفتح أبواب الجحيم في الشرق الأوسط إن لم يتمّ إطلاق الرهائن الإسرائيليين في غزة قبل دخوله البيت الأبيض. وبهكذا موقف متصلّب من ترامب، تتسلّل الطمأنينة إلى قلب نتنياهو، الباحث عن مواصلة الحروب في لبنان وغزة على السواء، بغية الحفاظ على كرسيه الحكومي.

هل يتكرّر مشهد 7 أكتوبر في الشمال؟
ليس خافياً على أحد، أن الدولة العبرية بعد “زلزال 7 أكتوبر” وما تركه من مخاوف وجودية في الوجدان الإسرائيلي الجماعي، لن تكون كما قبله، فهي رغم أنها تركت قطاع غزة “أثراً بعد عين”، إلّا أنها تُبقي على احتلالها له حتى الآن، وهي تنظر إلى جنوب لبنان بالنظرة عينها، فهي لن تبارحه إلّا بعد تيقّنها من إبعاد خطر “حزب الله” بالكامل عن حدودها، كي لا يتكرّر مشهد 7 أكتوبر المرعب في خاصرتها الشمالية هذه المرّة. بيد أن الضغوط على كلا الجانبَين اللبناني والإسرائيلي للمضي في وقف نار دائم، ستشتدّ في الأيام المقبلة. ففي لبنان، أصبح هناك رأس للجمهورية وعد في خطاب القسم بحصر السلاح بيد الدولة، وبذلك ستُرغَم إسرائيل على التعاطي مع لبنان كدولة كاملة المواصفات، وليس مع حزب متفلّت من أي ضوابط، ولن يبقى لها ذرائع للبقاء في الجنوب، شريطة أن يُحكِم الجيش اللبناني قبضته على كامل ترابه.

خرَجَ من الحرب مثخناً بالجراح
الصحافة العبرية رسمت بمعظمها صورة قاتمة لمصير الاتفاق، فالمؤرخ الإسرائيلي إيال زيسر اعتبر في “يسرائيل هيوم” أن المرحلة الأولى من الاتفاق لم تكن اختباراً لإسرائيل، بل كانت اختباراً للحكومة والجيش اللبنانيَين. وسأل: “هل في إمكانهما أو هل يرغبان أصلاً بالدخول في مواجهة مع “حزب الله”، وأن يفرضا عليه التقيّد بشروط الاتفاق؟ الجواب واضح، هما لا يُريدان، وغير مؤهّلَين للوقوف في وجهه، وبالتالي سيسمحان له بفعل ما يشاء”. وأضاف زيسر أن “الحزب” تلقّى ضربة قاسية خلال الحرب لكن لم يتمّ القضاء عليه، لأن إسرائيل وافقت على وقف النار، وأعطته حبلاً للنجاة، يُمكّنه من الصمود. ورأى المؤرخ الإسرائيلي أنه في اللحظة التي يدرك فيها “الحزب” أن وقف النار أصبح ثابتاً، سيرفع رأسه مجدّداً ليستأنف ترميم قدراته.

الكاتب في “يسرائيل هيوم” أيضاً يهودا بالنغا، اعتبر أنه إذا اعتقد الإسرائيليون أن “حزب الله” ركع وخضع ويتوسّل من أجل البقاء على قيد الحياة، فليست هذه هي الصورة عندما ننظر إلى الشمال، مضيفاً أن الحزب يستفز الجيش الإسرائيلي ويحاول ترميم قوّته، وما زال يرى نفسه المُدافع عن  لبنان، وإن لم تتقيّد إسرائيل بوقف النار كما يقول، فإن الحزب سيردّ.

الباحثة في “معهد دراسات الأمن القومي” أورنا مزراحي، قرأت في انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، انتصاراً كبيراً للمعسكر المعارض لـ”حزب الله” في لبنان، ورأت في الأمر ضعفاً للتنظيم في المنظومة السياسية  اللبنانية. وقالت إن “الحزب” الذي خرج من الحرب مثخناً بالجراح، اضطُّر للقبول بانتخاب عون بعدما خسر الغالبية البرلمانية وقدرته على فرض مرشحه للرئاسة كما كان يفعل قبل الحرب، ولذلك لن يتجرّأ على الذهاب بعيداً في مهاجمة إسرائيل من الآن فصاعداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com