“السياسة في خدمة الأمن”… المهلة الفاصلة لن تنتهي من دون حل
على وقع التصعيد المتدرِّج على الجبهة الجنوبية، تنزلق أزمة الشغور من موقعٍ إلى آخر، وتتراكم التحديات على الساحة الداخلية، في ضوء تقدم الضرورة الأمنية على الضرورة السياسية، في ظل وقائع باتت تدقّ جرس الإنذار ممّا قد يحمله القادم من الأيام من مفاجآتٍ غير محسوبة. وفي هذا المجال، رأى المحلِّل السياسي محي الدين شحيمي، إن لبنان “كان في أزمة سياسية وكانت الحلول سياسية، من أزمة شغور بالسلطة التنفيذية ما بين رئاسة الجمهورية والسلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، ثم انسحبت على مراكز كبيرة في الإدارة المدنية، والآن باتت عسكرية، وفي الأجهزة الأمنية، إضافةً إلى الأحداث بعد 7 تشرين الأول الماضي، وتماس الرقعة الجغرافية اللبنانية مع الرقعة الجغرافية لفلسطين المحتلة”.
وجزم المحلِّل شحيمي في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، بأن “السياسة أصبحت في خدمة الأمن، وتفترض مناعةً سياسية داخلية لتوطيد الأمن الذي يساعد على حماية لبنان من خلال انتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة للوصول إلى الإستقرار السياسي”.
وعلى المستوى السياسي، كشف شحيمي، أنه “منذ 7 تشرين الأول الماضي، إنطلق حراك سياسي كبير على الصعيد الدولي، نتج عنه ضغط فاعل عربياً وأوروبياً، لمنع انفجار الساحة اللبنانية، وللحفاظ على الستاتيتكو اللبناني الذي كان قائماً قبل عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة، وبالتالي، الحفاظ على الوضع القائم ضمن قواعد الإشتباك رغم تمدّد رقعة المواجهات والتعامل مع الخروقات من جانب الكيان الإسرائيلي بما يفرضه القرار الدولي 1701″، مشيراً إلى أن ” ضغطٍ مماثل على الكيان الإسرائيلي من الدول الأوروبية ودول المنطقة وواشنطن للإلتزام بالقرار 1701، لأن الجانب اللبناني يقوم بردة فعل على الإعتداءات الإسرائيلية ولا يقوم بأي فعل”.
وعلى هذا المستوى، فإن ما سجّل منذ 3 اسابيع إلى اليوم من اعتداءات على جنوب لبنان، وهو ما تأخذه الأوساط الأوروبية بعين الإعتبار، وفق شحيمي، أكد أن “الكيان الإسرائيلي استهدف باعتداءاته مدنيين وصحافيين، وبات هناك شبه إجماع دولي أن أطرافاً إسرائيلية تريد فتح الصراع على أكثر من جبهة على الحدود المواجهة لفلسطين، ما يجعل العنوان الرئيسي في المشهد اللبناني، تحصين الساحة السياسية الداخلية عبر تنفيذ الإستحقاقات وملء الشغور، ومعيار تداول السلطة، وقد لمس الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان في زيارته الأخيرة، وجود إجماع على ضرورة انتخاب الرئيس سريعاً، كما لمس شبه إجماع على عدم المسّ بقيادة الجيش، وعدم وجود ممانعة للتمديد بسبب عدم إمكانية تعيين قائدٍ جديد للجيش، ما يدلّ على أن الأمن هو الأولوية”.
إذاً، بات من الواضح أن كل شي يحصل يصبّ في خدمة الأمن من أجل تقطيع المرحلة، لأنه بالنهاية، قال شحيمي: “ستحصل تسوية في غزة ولن تدوم الحرب الغاشمة والمذابح الإسرائيلية إلى أبد الآبدين، وفي النهاية سيحصل تقاطع على شيءٍ ما ولكن اليوم، حتى أصحاب العلاقة لا يعرفون أين نقطة التقاطع، وعند الوصول إليها، على اللبنانيين أن يكونوا جسماً واحداً، في ضوء شبه الإجماع على تسريع الإنتخاب والتمديد لقائد الجيش”.
وأمّا عن الطريق إلى تحقيق هذين الهدفين، أوضح شحيمي أن “هذا متروك للحظة الأخيرة”، مشيراً إلى أن “نقاشاً بدأ في نيسان الماضي حول الخيار الرئاسي الثالث، تمخّض عنه البيان الثلاثي للخماسية، وهو انتخاب رئيس غير محسوب على أي طرف، أي رئيس توافقي يحظى بإجماع محلي ودولي، بعدما وافقت غالبية الأطراف المحلية على الخيار 3 ، من المعارضة إلى التيار الوطني الحر وصولاً إلى انفتاح حزب الله، على التفاوض على مقابلٍ يرتضي به”.
وجزم شحيمي، بأن “المهلة الفاصلة عن 10 كانون الثاني المقبل، لن تنتهي من دون حل، ولكن الحل يأتي دائماً في الدقائق الأخيرة، فيما رئاسياً، لا نتائج قبل نهاية الحرب في غزة، بمعنى أن النتيجة مؤجّلة، لكن الطريق معروفة”.