سيناريو ترئيس جمال الحجار “النيابات العامة
التوافق السياسي يفعل فعله! تسقط معه الاعتراضات والأحقيّة والنصوص القانونية، وتسلك الاجتهادات، بل الاجتراحات «السياسيّة- القضائيّة» طريقها لضمان حسن سير العمل في المحاكم، وطبعاً انطلاقاً من الحرص والسهر الزائدين على تطبيق الدستور والقوانين المرعيّة الإجراء!
فبعد أخذٍ وردّ بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير العدل هنري خوري، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، وبطبيعة الحال رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رسا خيار المعنيين على إبقاء منصب النائب العام التمييزي من حصّة الطائفة السنيّة، والعمل في موازاة ذلك على إيجاد المخارج «الممكنة» لتعيين قاضٍ سنّي على رأس النيابات العامة في لبنان مع تقدّم اسم القاضي جمال الحجار على غيره للحلول محل القاضي غسان عويدات مع بلوغه السنّ القانونية.
ووسط استبعاد شروع الحكومة راهناً بسلسلة تعيينات للمراكز الأساسيّة الشاغرة، يتّجه الرئيس الأول في دوائر محكمة التمييز القاضي سهيل عبود، انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقه، إلى العمل بموجب مندرجات المادة 28 من قانون القضاء العدلي، و»تولّي الصلاحيات العائدة إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمقتضى المواد: 19، 20 و21 من المرسوم الاشتراعي» نفسه، ليعمد إلى «تكليف قاضٍ من القضاة التابعين له تأمين أعمال القاضي الذي تعذّر عليه القيام بعمله لأيّ سبب».
وتلفت أوساط متابعة إلى أنّ «الفذلكات» لن تقتصر على هذا الحدّ، بل سيعمد عبود وفقاً لما يجيز له القانون، إلى انتداب القاضي الحجار الذي يرأس راهناً غرفة في محكمة التمييز من «تمييز محكمة إلى تمييز نيابة عامة»، باعتبار أنّ النيابة العامة التمييزية تعدّ بمنزلة أو بـ»المستوى عينه» لرئاسة محكمة في دوائر التمييز.
وإذ تغيب التساؤلات عن هذا الإجراء الأولي، إلّا أنّ الإشكاليّة تبقى في الآلية التي ستعتمد لترفيعه إلى منصب نائب عام تمييزي، كما صوابيّة الشروع مجدّداً واتخاذ قرار «انتداب على انتداب»! وذلك، مع تأكيد أوساط حقوقية أنّ انتداب الحجار القانوني من محكمة التمييز إلى النيابة العامة التمييزية لا يضعه في خانة التراتبية بين المحامين العامين، لأنّ الأحقيّة تبقى لانتداب القاضي الأعلى درجة بين المحامين الأصيلين المعينين بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء، والذي يبقى حكماً أقوى من أيّ قرار.
وفي موازاة ذلك، تتوقّف أوساط قضائيّة متابعة عند استبعاد القاضية ندى دكروب عن تولّي هذا المنصب، كونها الأحقّ به قانوناً، بذريعة انتمائها الطائفي والعائلي. وتلفت إلى أنه لا يمكن تجاوز مسيرة الرئيسة دكروب القضائيّة «الممتازة» لكونها ابنة شقيقة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وزوجة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي. وتلفت الأوساط القضائية نفسها، إلى أنه لو رسا الخيار على ترؤس القاضية ندى دكروب النيابات العامة، سيلقى حكماً قبولاً كبيراً بين القضاة، قبل إشارتهم في السياق ذاته إلى أنّ مسوّدَة التشكيلات القضائيّة الأخيرة التي أعدّها وزير العدل هنري خوري لم تكن سوى مناورة «لابتزاز» دكروب باستبعاد القاضي عقيقي عن المحكمة العسكرية، ودفعها إلى عدم الاعتراض على تخطّي أحقيّتها في ترؤس النيابات العامة.
وتلفت الأوساط نفسها، إلى أنّ انتداب القاضي الحجار إلى النيابة العامة التمييزية سيثير إشكاليّة فقدان المجلس العدلي قاضياً أصيلاً، وتالياً النصاب المطلوب لالتئام هيئة المحكمة، قبل أن تستطرد، مؤكدة أنّ ما يحصل في العدلية راهناً «ترقيع بترقيع»، ولن يكون من الصعب على المعنيين اجتراح مخرج إذا وجدوا أنه من غير المناسب تعطيل المجلس العدلي أسوة بغيره من المحاكم.
وفي سياق متّصل، علمت «نداء الوطن» أنّ عدم اكتمال النصاب القانوني المطلوب لالتئام مجلس القضاء الأعلى يوم الخميس المنصرم، حال دون اتخاذ المجلس قراراً بمشروع انتداب ما يقارب 70 قاضياً من خريجي الدورات الأخيرة إلى المحاكم، بعد أن عمد وزير العدل إلى إحالة الأسماء إلى «المجلس» مراعياً الآلية التي تم التوصل إليها بعد مخاضٍ طويل بينه وبين الرئيس الأول سهيل عبود. ووفق معلومات «نداء الوطن»، يتّجه أعضاء «مجلس القضاء الأعلى» بغالبيّتهم إلى الموافقة على الانتدابات رغم تسجيلهم بعض الملاحظات على المشروع، انطلاقاً من حاجة المحاكم إلى اندفاعة هؤلاء القضاة وكفاءتهم.
طوني كرم – نداء الوطن