هل ستتحرك الجبهة اللبنانية
هل ستتحرك الجبهة اللبنانية
بينما تستعد إسرائيل وتتهيأ لهجوم إيراني محتمل خلا أيام قليلة مقبلة، رداً على قصف قنصليتها في دمشق مطلع نيسان الحالي، وقتل جنرال كبير وستة ضباط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده مستعدة لعدة سيناريوهات في مناطق أخرى بعيدا عن قطاع غزة.
للجواب عن هذا السؤال، رجحت عدة تقييمات استخباراتية غربية أن يأتي الرد إما بشكل مباشر أو عبر الوكلاء، في إشارة إلى الميليشيات والفصائل المسلحة المدعومة إيرانياً سواء في العراق وسوريا، أو لبنان (حزب الله) وصولاً إلى الحوثيين في اليمن.
كما ألمحت مصادر مطلعة إلى أن الرد الانتقامي الإيراني قد يطال مباشرة مواقع عسكرية إسرائيلية أو حكومية في الداخل الإسرائيلي، إلا أنه لن يضرب أهدافاً مدنية.
كذلك توقعت أن يستهدف قنصليات وسفارات إسرائيلية في المنطقة. وقال أحد المصادر إن البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية تستعد بالفعل لضربات محتملة، وتضع خطط طوارئ للإخلاء، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ.
أما بالنسبة لسوريا ولبنان، وفيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتصريحات لقناة “الحدث”، اليوم الخميس، أن دمشق تعارض فكرة الرد عبر أراضيها، انتشرت شائعات في إيران على أن الضربة الانتقامية قد تحصل في هضبة الجولان المحتل من قبل القوات الإسرائيلية منذ عام 67.
في حين أبدى مصدر دبلوماسي إيراني شكوكه بأن يعلم أي شخص، باستثناء قلة قليلة فعلياً، حجم هذا الرد أو مكانه وتوقيته، لكنه أقر في تصريحات لموقع “أمواج” بالشائعات التي يتم تداولها حول احتمال أن يشكل الجولان هدفاً رئيسياً، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأن “الضربة ستكون محدودة ولكن دقيقة”.
بدوره، رأى مصدر إيراني ثانٍ مطلع بشكل جيد على المداولات التي تتم على مستوى المراجع العليا، أن أي عملية في مرتفعات الجولان تنطوي على “خطر أقل للانتقام الإسرائيلي”.
كما شكك بأن يؤدي ضرب الجولان إلى مهاجمة إسرائيل مباشرة لإيران.
ولم تلعب إيران حتى الآن أي “دور مباشر” في الصراع الذي توسع في المنطقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة قبل ما يزيد على ستة أشهر، لكنها دعمت جماعات مسلحة تنفذ هجمات على إسرائيل وعلى مصالح وقواعد أميركية في المنطقة وعلى مسار الشحن في البحر الأحمر.
وتصف تلك الجماعات نفسها بأنها “محور المقاومة” لإسرائيل ولنفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويشمل ذلك المحور حزب الله، والميليشيات العراقية، فضلاً عن السورية والحوثيين أيضاً، الذين قد يحركون الجبهات في مواقع تواجدهم.
فبالنسبة لحزب الله الذي يتمتع بسلطة كبيرة في لبنان، على الرغم من معارضة عدة أحزاب سياسية، فقد أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982 بهدف محاربة القوات الإسرائيلية التي اجتاحت الجنوب اللبناني في ذلك العام.
ويُنظر إلى تلك الجماعة على نطاق واسع على أنها أقوى من الدولة اللبنانية.
وشن حزب الله المدجج بالسلاح هجمات شبه يومية على أهداف إسرائيلية عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل منذ أوائل أكتوبر، مما أدى إلى نشوب أعنف تبادل لإطلاق النار بين الخصمين منذ أن خاضا حربا واسعة النطاق في عام 2006، ما دفع عشرات الآلاف من اللبنانيين إلى الفرار جراء الغارات الإسرائيلية على الحدود.
كما حث العديد من معارضي الحزب على تجنيب البلاد حربا لا ناقة لها فيها ولا جمل، وإدخالها في أتون صراعات كبرى. ودفع كذلك واشنطن وباريس إلى تحذير بيروت من توسع الصراع.
فيما شاركت الإدارة الأميركية أيضا في جهود حثيثة لمنع تفاقم العنف إلى صراع أكبر، لاسيما أن لبنان يعيش إحدى أسوأ أزماته الاقتصادية.
أما في العراق، فقد بدأت ما تعرف بـ”المقاومة الإسلامية في العراق”، التي تضم تحت رايتها جماعات مسلحة شيعية، باستهداف القوات الأميركية في العراق وسوريا منذ أكتوبر، قائلة إنها تهدف بذلك للرد على الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين ومقاومة القوات الأميركية.
لكن تلك الهجمات توقفت بعد أن قتلت ضربة بطائرة مسيرة ثلاثة جنود أميركيين في الأردن في 28 كانون الاول الماضي، ما دفع الولايات المتحدة لشن ضربات جوية مكثفة رداً على أهداف مرتبطة بإيران في سوريا والعراق.
فيما طلب قائد فيلق القدس الإيراني من تلك الجماعات التخفيف من وطأة هجماتها لتجنب وقوع ضربات أميركية على كبار القادة وتدمير بنية تحتية حيوية وأي رد مباشر ضد إيران نفسها، وفق ما نقلت سابقا وكالة رويترز.
غير أن تلك الفصائل عادت وأعلنت في الأول من نيسان الحالي، مسؤوليتها عن هجوم جوي على إيلات في إسرائيل.
ومن بين الجماعات التي استهدفت قوات أميركية في الأشهر القليلة المنصرمة كتائب حزب الله وحركة النجباء، وكلتاهما ترتبط ارتباطا وثيقا بالحرس الثوري. كما تشمل ترسانتهما طائرات مسيرة متفجرة وقذائف وصواريخ باليستية.
لكن الحكومة العراقية تعارض رسمياً أن تكون أراضي البلاد منطلقاً لأي اعتداءات على دول المنطقة، أو القواعد العسكرية الأميركية.
وفي سوريا أيضا نفذت جماعات مسلحة مدعومة إيرانية هجمات على قواعد أميركية على الرغم من أن الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد لم تلعب أي دور مباشر في الصراع الحالي.
إلى ذلك، ومن ضمن الجماعات التي تدور في الفلك الإيراني أو المدعومة من طهران، يطل اسم الحوثيين. فقد أعلنت جماعة الحوثي دخولها في الصراع في 31 أكتوبر بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ صوب إسرائيل، إلا أنها لم تحدث أثراً كبيراً.
كما وسع الحوثيون في نوفمبر الماضي، دورهم من خلال مهاجمة السفن في جنوب البحر الأحمر، قائلين إنهم يستهدفون السفن التابعة لإسرائيليين أو المتجهة إلى موانئ إسرائيلية، لكن بعض السفن المستهدفة لم تكن لها صلات معروفة بإسرائيل.
ودفعت هذه الهجمات الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شن ضربات جوية على أهداف تابعة للحوثيين في اليمن.
كذلك أدت الهجمات الحوثية إلى تعطيل التجارة الدولية عبر أقصر طريق شحن بين أوروبا وآسيا، ودفعت بعض شركات الشحن إلى تغيير مسار سفنها.
وتعتقد الولايات المتحدة أن الحرس الثوري يساعد الحوثيين في التخطيط لشن الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة وتنفيذها.
فيما أكدت مصادر لرويترز في كانون الاول الماضي أن قادة من الحرس الثوري وحزب الله موجودون على الأرض في اليمن للمساعدة في توجيه هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر والإشراف عليها.
بينما نفى الحوثيون مشاركة حزب الله أو إيران في ذلك، كذلك تنفي طهران ضلوعها في هذه الهجمات.
ويبقى السؤال عبر أي من تلك الجبهات قد يأتي الثأر الإيراني لمقتل العميد في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي، ونائبه محمد هادي رحيمي، أو ربما عبر صواريخ ومسيرات مباشرة نحو أهداف إسرائيلية؟!