اخبار محلية

هواء برائحة الموت”: “القاتل الصامت” يفتك باللبنانيين.. هكذا نتنشق المُسرطنات

كشفت مؤخرا دراسة تم إعدادها في الجامعة الأميركية في بيروت أن الاعتماد المفرط على مولّدات الكهرباء الديزل في السنوات الخمس الماضية في لبنان أثّر بشكل كبير على نسب السرطان، حيث سجّلت بورصة الإصابات أرقاماً مرتفعة بالتشخيص الإيجابي بالمرض الخبيث، وتم تسجيل على سبيل المثال نسبة 30 في المئة من الإصابات في العاصمة اللبنانية وحدها.

هذه الدراسة كانت محور تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية وأضاء على أزمة تلوث الهواء جراء استخدام مولدات الكهرباء في لبنان، وتأثيرها على نسب السرطان حيث يؤكد الأطباء ان معدلات التشخيص الإيجابي آخذة في الارتفاع.

وبحسب الصحيفة، يتم تشغيل نحو 8000 مولد ديزل في أحياء لبنان يمكن سماعه وشمه ورؤيته في الشوارع، ولكن أسوأ تأثير له هو الهواء الذي يضطر اللبنانيون لتنشقه.

هذه الدراسة دقت ناقوس الخطر ما يؤكد مدى تأثير البيئة على صحة الإنسان، فلبنان لا يغرق فقط بمشاكله السياسية والإقتصادية والأمنية بل هو غارق منذ سنوات طويلة بمشاكل بيئية من تلوّث الهواء والمياه عدم معالجة مشكلة النفايات والسموم التي تنبعث من دواخين معامل الكهرباء واللائحة تطول وتطول.
 
70 % من الإصابات بسبب العوامل البيئية

الناشطة البيئية ورئيسة جمعية “غايا” غادة حيدر أشارت في حديث لـ “لبنان 24” إلى انه “وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية الذي صدر عام 2020 لفت الى انه يوجد 5 أنواع من الأورام السرطانية التي تُعد الأكثر شيوعا في لبنان وهي: سرطان الثدي، الرئة، البروستات، القولون والمثانة الذي يأتي في المرتبة الأخيرة.”
 
وتضيف حيدر: “بالموازاة، يجمع الأطباء والمتخصصون في مجال الأورام الخبيثة، على ان الأسباب المؤدية للإصابة بالمرض القاتل متشعبة. فقد كشفت الدراسات في هذا السياق، ان العوامل الوراثية تساهم بنسبة تتراوح بين 10 و30% من الإصابات، في حين ان العوامل البيئية والاجتماعية تساهم بنسبة تتراوح بين 70 و90%، إضافة إلى التلوث البيئي والغذائي، علما ان هذين العاملين يرتبطان بقوة بالحالات السرطانية”.  
 
واعتبرت ان “نسبة الإصابة بمرض السرطان ارتفعت مؤخرا بشكل مخيف، ويعود ذلك إلى كثرة مسببات الإصابة به مثل التلوث والغذاء، وازدياد عمليات الكشف المبكّر، كما ان التصريح عن الإصابات بات أكبر”.

التلوث البيئي والسرطان
وعددت حيدر عددا من المشاكل البيئية التي يُعاني منها لبنان والتي تُسبب الإصابة بالمرض القاتل:
 
-المولدات الكهربائية العشوائية المُنتشرة في بيروت والمناطق تُعد سببا رئيسيا للتلوث خاصة وان معظمها غير مستوف للشروط الصحية والبيئية ولا حتى السلامة العامة.
 
-الى جانب تلوث الهواء هناك المكبات العشوائية المنتشرة على امتداد لبنان، ويُقدر عددها نحو 1000 مكب ويعمد البعض فيها الى حرق النفايات وهذا يعني أن الناس تتنشق مواد مسرطنة على الدوام.
 
-المواد الكيميائية والتي تتضمن البلاستيك، ويعتبر هذا الأمر من أبرز مسببات الإصابة بمرض السرطان، ويجهل كثيرون هذا العامل البسيط وفداحته، بدءا من استخدام زجاجات المياه واكواب البلاستيك، وخاصة تلك التي تتعرّض لحرارة مرتفعة أو أشعة الشمس، بحيث ان المواد الموجودة داخل البلاستيك والتي تؤدي الى الإصابة بالسرطان، تصبح أكثر ضررا خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يشربون القهوة بأكواب بلاستيكية او وضعها في “الميكروويف” بهدف إعادة تسخينها.
 
بعض المواد التجميلية وصبغات ومستحضرات العناية بالشعر، تحتوي على مواد مسرطنة وقد أثبتت الدراسات هذه الفرضية”.
 

 
-إضافة إلى المواد الكيميائية القائمة في أماكن العمل، مثل محطات البنزين او العاملين بالفحم والموبيليا، فان استنشاق الروائح المتطايرة من الأدوات المستخدمة يحمل مخاطر جسيمة على المدى القريب والبعيد.
 
-الى جانب التلوث البيئي كالدخان المتصاعد من السيارات والمصانع ومولدات الكهرباء المنتشرة بين المنازل.
 
وختمت حيدر بالإشارة إلى ان “بيروت باتت تحتل الرقم 1 في تلوث الهواء على مستوى العواصم العربية، وللأسف لا نشهد أي تحرّك من قبل المعنيين للتقليل من نسب تلوث الهواء فيها”.
 
التلوث البيئي “جريمة العصر”
من جهته، يُشير رئيس “التجمع الطبي الاجتماعي اللبناني” وممثل “الرابطة الطبية الاوروبية الشرق اوسطية الدولية في لبنان” والباحث البرفسور رائف رضا في حديث عبر “لبنان 24” إلى ان “أعداد الإصابات بالسرطان كبيرة في لبنان وبحسب وزارة الصحة هناك نحو 30 ألف حالة ولكن بعد عام 2019 ازدادت الحالات بشكل مُخيف”، مُعتبرا ان “ازدياد هذا العدد الهائل سببه التلوث البيئي بشكل رئيسي”.
 
ولفت إلى “الفلتان الحاصل على صعيد التلوث البيئي والناجم عن دواخين المصانع وحرق النفايات وديزل السيارات وتخزين بعض المواد الغذائية بعبوات بلاستيكية تتفاعل مع مادة الـ phatalate المُسرطنة”.

وقال رضا إن “المواد المُسرطنة او التي تسبب المرض هي المواد الكيميائية والأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية إضافة إلى التلوث البيئي والذي هو جريمة العصر في لبنان”.  
 
وأكد رضا اننا “في لبنان نعيش داخل بيئة ملوثة ولا نعرف ماذا نتنشق”، مُحذرا من ان “التغيير في تركيبة الهواء وتضاعف مادة “الديوكسين” المسرطنة جراء حرق النفايات وإشعال الإطارات ودواخين المصانع تؤدي مع مرور الوقت للإصابة بالسرطان”.  
 
ونبّه إلى ان “أزمة النفايات التي يعاني منها لبنان هي الأخطر، فطمر النفايات يؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية وبالتالي تُصبح المنتجات والمحاصيل الزراعية التي تتغذى بمياه الأنهر ملوثة ولاسيما التلوث الحاصل في نهر الليطاني وبعض مناطق البقاع الغربي، حيث نسبة الإصابات في هذه المناطق مرتفعة بشكل كبير وفي منطقة شكا أيضا حيث يُعاني السكان من دواخين المصانع”.
 
إذا قد يكون العامل الوراثي مسببا في الإصابة بالسرطان ولكن تؤكد كافة الدراسات ان العوامل البيئية وازدياد التلوّث يُساهمان في احتمالية ان يفتك بنا “هيداك المرض” ما يستدعي إيجاد حلول سريعة لمشاكل لبنان البيئية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com