الكشف عن “رسالة أخيرة” من خامنئي إلى نصر الله
أثار الاختراق الإسرائيلي الكبير لأعلى الطبقات الحكومية بطهران، قلقاً لدى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، ما جعله يفقد الثقة بكامل محيطه.
وكشف تقرير لموقع “نيوز18” الإخباري، أن خامنئي أرسل القائد الكبير في الحرس الثوري، عباس نيلفوروشان، لتحذير أمين عام حزب الله حسن نصرالله، بضرورة مغادرة لبنان. ولكن غارة جوية إسرائيلية قتلت الرجلين معاً، قبل أن يتسنى إجلاؤهما.
وكشفت 3 مصادر إيرانية أن توجيهات خامنئي لنصرالله، جاءت قبل أيام قليلة من اغتياله، مما أثار مخاوف في طهران بشأن احتمال حدوث تسلل إسرائيلي بين صفوف القيادة العليا في إيران.
أوضحت المصادر أنه في أعقاب واقعة تفجير أجهزة اتصال لحزب الله في 17 أيلول الماضي مباشرة، أرسل خامنئي رسالة مع مبعوث يطلب فيه من الأمين العام لحزب الله المغادرة إلى إيران. وأشار إلى تقارير استخباراتية عن عملاء لإسرائيل داخل حزب الله، أنها تخطط لقتله.
وقال المسؤول لوكالة رويترز إن “المبعوث كان القائد الكبير في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفروشان، الذي كان مع نصرالله في مخبئه، عندما استهدفته قنابل إسرائيلية، وقُتل معه”.
وقال مسؤول إيراني كبير إن خامنئي، وهو في مكان شديد التأمين في إيران منذ يوم السبت الماضي، هو الذي أمر بإطلاق ما يقرب من 200 صاروخ على إسرائيل، الثلاثاء الماضي. وأعلن الحرس الثوري في بيان أن الهجوم كان رداً على مقتل نصرالله ونيلفروشان.
وحسب التقرير، برزت مخاوف إيران بشأن سلامة خامنئي وفقدان الثقة، سواء داخل حزب الله أو المؤسسة الإيرانية أو فيما بينهما، وكشفت المصادر أن هذا الوضع من شأنه أن يعقد الأداء الفعال للحركات المسلحة المتحالفة مع إيران.
كما تصعب هذه الفوضى أيضاً، اختيار حزب الله لزعيم جديد، خوفاً من أن يؤدي التسلل المستمر إلى تعريض الخليفة للخطر، حسب ما ذكرت 4 مصادر لبنانية.
وقال ماجنوس رانستورب، الخبير في شؤون حزب الله في جامعة الدفاع السويدية، عن الأضرار العميقة التي لحقت بحزب الله، التي قللت من قدرة إيران على ضرب حدود إسرائيل: “في الأساس، خسرت إيران أكبر استثمار لديها خلال العقود الماضية”.
وأضاف أن “فقدان حزب الله لقدراته العسكرية وكوادره القيادية، قد يدفع إيران نحو نوع الهجمات ضد السفارات الإسرائيلية والموظفين في الخارج، التي كانت تشارك فيها بشكل متكرر، قبل ظهور قواتها بالوكالة”.
من جهته، قال مستشار عسكري سابق، كان موثوقاً به لدى خامنئي: “هز هذا الهجوم إيران حتى النخاع. كما أنه يظهر كيف أن إيران مخترقة بعمق” مضيفاً “لم يقتلوا نصر الله فحسب، بل قتلوا نيلفوروشان”.
في سياق متصل، قال مسؤول إيراني كبير ثان إن “مقتل نصرالله دفع السلطات الإيرانية إلى إجراء تحقيق شامل، في احتمال وجود تسللات (جواسيس) داخل صفوف إيران نفسها، من الحرس الثوري إلى كبار المسؤولين الأمنيين”.
وأوضح المسؤول أن “التحقيقات تركز بشكل خاص على أولئك الذين يسافرون إلى الخارج، أو لديهم أقارب يعيشون خارج إيران”.
وأشار إلى أن طهران بدأت تشك في بعض أفراد الحرس الذين كانوا يسافرون إلى لبنان. مضيفاً أن “المخاوف أثيرت عندما بدأ أحد هؤلاء الأفراد يسأل عن مكان تواجد نصرالله، وخاصة عن المدة التي سيبقى فيها في أماكن محددة”، لافتاً إلى أن الشخص اعتقل مع عدة أشخاص آخرين، بعد إثارة حالة من الذعر في دوائر الاستخبارات الإيرانية. دون أن يحدد هوية المشتبه به أو أقاربه.
وذكر أحد المسؤولين أن اغتيال نصرالله أدى إلى نشر عدم الثقة بين طهران وحزب الله، وداخل الحزب أيضاً، وأضاف أن “الثقة التي كانت تربط كل شيء، قد اختفت”. وأوضح مصدر مقرب من المؤسسة الإيرانية، أن “المرشد الأعلى لم يعد يثق بأحد”.
وحسب التقرير، كانت أجراس الإنذار قد دقت بالفعل داخل طهران وحزب الله، بشأن احتمال تسلل الموساد بعد مقتل قائد حزب الله فؤاد شكر في تموز الماضي، واغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران.
وقال أحد المسؤولين إن “دعوة خامنئي لنصرالله للانتقال إلى إيران، جاءت بعد أن انفجرت آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التي يستخدمها الحزب، في هجمات إسرائيلية يومي 17 و18 أيلول الماضي. وأضاف أن “نصر الله كان واثقاً من أمنه، ويثق في دائرته الداخلية تماماً، على الرغم من المخاوف الجدية التي أبدتها طهران، بشأن المتسللين المحتملين داخل صفوف الحزب”.
وحسب المسؤول، حاول خامنئي مرة ثانية، حيث نقل رسالة أخرى عبر نيلفوروشان إلى نصرالله الأسبوع الماضي، وحثه على مغادرة لبنان والانتقال إلى إيران كمكان أكثر أماناً. إلا أن نصر الله رفض وأصر على البقاء في لبنان.
ومنع الهجوم الإسرائيلي، والخوف من المزيد من الهجمات على حزب الله، الجماعة المدعومة من إيران من تنظيم جنازة على مستوى البلاد، لنصرالله.
وقال مصدر في حزب الله: “لا أحد يستطيع أن يأذن بإقامة جنازة في هذه الظروف”، مشيراً إلى أنه تم دفن عدد من القادة الذين قتلوا الأسبوع الماضي بشكل سري، الإثنين الماضي، مع وجود خطط لإقامة مراسم مناسبة عندما ينتهي الصراع.
وقالت 4 مصادر لبنانية إن “حزب الله يدرس خيار الحصول على فتوى دينية، لدفن نصرالله مؤقتاً، وإقامة جنازة رسمية عندما تسمح الظروف بذلك”. وأوضحت أن حزب الله امتنع عن تعيين خليفة لنصرالله رسمياً، ربما لتجنب جعل بديله هدفاً لعملية اغتيال إسرائيلية.
وقال أحد المصادر: “إن تعيين أمين عام جديد قد يكون خطيراً، إذا ما أقدمت إسرائيل على اغتياله مباشرة بعد توليه المنصب. ولا يمكن للجماعة أن تخاطر بمزيد من الفوضى، من خلال تعيين شخص ما ثم ترى مقتله”.