اخبار دولية

الضغوط العسكرية والمالية تهدد الاقتصاد الاسرائيلي بالركود

تواجه إسرائيل أزمة اقتصادية حادة تتفاقم مع استمرار الحروب على عدة جبهات، ما يضع اقتصادها في وضع صعب للغاية ويهدد بإحداث حالة من الركود. وتأتي هذه الأعباء الاقتصادية في ظل الصراعات المستمرة في غزة وجنوب  لبنان، بالاضافة إلى التوترات الاقليمية مع إيران، وهو ما يزيد الضغوط على الاقتصاد ويجبر الحكومة على تنفيذ تعديلات جذرية في السياسات المالية.

توقعات النمو الاقتصادي

وتشير أحدث توقعات بنك “جيه بي مورغان” إلى تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي، بحيث خفض البنك توقعاته للنمو لعام 2024 إلى 0.5 في المئة وللعام التالي إلى 3.3 في المئة كما تم تعديل معدلات النمو للربعين الثالث والرابع من العام 2024 لتتراوح بين 2 و2.5 في المئة، ما يعكس التأثير الواضح للوضع الأمني ​​المعقد على الأداء الاقتصادي العام.

وبالمقارنة التاريخية، تشير التوقعات إلى أن إسرائيل قد تواجه ركوداً اقتصادياً طويل الأمد مماثلاً لما شهدته البلاد بعد حرب عام 1973، وهو ما يعني أن الأثر الاقتصادي الناتج عن هذه الحروب قد يمتد لسنوات عديدة، وهو ما يزيد من تعقيد عملية التعافي.

زيادة الضرائب وتقليص الإنفاق

وفي هذا السياق، تعمل الحكومة على ضبط الإنفاق العام وزيادة الايرادات الضريبية لضمان التمويل الكافي للنفقات العسكرية المتزايدة. وتمت الموافقة على موازنة جديدة تتضمن زيادة الضرائب بمقدار 9 مليارات دولار، بالاضافة إلى خفض الإنفاق على قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية. وتتضمن الموازنة أيضاً خطة تقشف شاملة تتضمن خفض الإنفاق وزيادة ضريبية إضافية قدرها 37 مليار شيكل (ما يعادل 9.9 مليارات دولار) بهدف سد الفجوة المتزايدة بين الايرادات والنفقات المتزايدة، مع استمرار الحرب في غزة لأكثر من 13 شهراً وتصاعد التوترات على الحدود الشمالية مع لبنان.

ومن المتوقع أن تتجاوز التكلفة الاجمالية للصراعات العسكرية 67 مليار دولار بحلول العام 2025، وهو ما يعادل نحو 12 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. ويثير هذا مخاوف بشأن النمو الاقتصادي، الذي من المتوقع أن يهبط إلى 1 في المئة فقط وربما أقل، مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي السابقة البالغة 3.4 في المئة. وشهد الاستثمار الأجنبي المباشر أيضاً انخفاضاً كبيراً بنسبة 29 في المئة، ما يهدد استقرار قطاع التكنولوجيا، أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الاسرائيلي.

عبء ضريبي في 2025

وبحلول العام 2025، يُتوقع أن يتحمل الاسرائيليون عبئاً ضريبياً أكبر في ظل تقليص الخدمات الحكومية الأساسية. وسيتم خفض ميزانيات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية بصورة كبيرة، إلى جانب التخفيضات في ميزانيات بعض الفئات الاجتماعية. ومع ذلك، فقد تم تخصيص أموال لدعم الفئات الأكثر تضرراً من الأزمة من خلال زيادة مساهمات التأمين الوطني.

وتعتمد خطة الحكومة لخفض عجز الموازنة إلى 4.3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي إلى حد كبير على افتراض أن الصراعات العسكرية ستنتهي بحلول نهاية العام 2024، وهو ما يعتبره العديد من خبراء الاقتصاد متفائلاً للغاية في ظل حالة عدم الاستقرار المستمرة. وعلى الرغم من التغييرات الضريبية الأخيرة، فإنها لم تخفف الضغوط على المواطنين، بحيث ألغي بعض الاعفاءات الضريبية المتعلقة بأدوات الادخار، في حين تقلصت الاعانات الاجتماعية المقترحة لكبار السن وذوي الإعاقة. 

تحديات إعداد الموازنة

وكانت تحديات إعداد موازنة العام 2025 هائلة، خصوصاً وأن البلاد منخرطة في حرب مكلفة تستنزف الموارد منذ أكثر من عام. ومع الزيادة الهائلة في الإنفاق العسكري، تباطأ الاقتصاد بصورة كبيرة بسبب نقص القوى العاملة، وانخفاض الاستثمارات، والأزمة في العديد من القطاعات الاقتصادية. وقد تسببت تكاليف الحرب وغياب عشرات الآلاف من جنود الاحتياط عن الخدمة في غزة ولبنان، بالاضافة إلى غياب آلاف العمال الفلسطينيين والأجانب لأسباب أمنية، في إلحاق الضرر بقطاعات رئيسية مثل التكنولوجيا والبناء والزراعة.

وتخضع الموازنة حالياً للمراجعة في الكنيست، ومن المتوقع الموافقة عليها في كانون الثاني. ويجب أن تقر نهائياً بحلول نهاية آذار 2025 لتجنب إجراء انتخابات مبكرة. وأكد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن “الهدف الرئيسي لموازنة 2025 هو الحفاظ على أمن الدولة وتحقيق النصر على الجبهات كافة، مع الحفاظ على صمود الاقتصاد الاسرائيلي”.

وعلى صعيد التصنيف الائتماني، خفضت وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى تصنيف إسرائيل هذا العام بسبب المخاوف من أن الحرب قد تستمر إلى العام المقبل، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع المالي، بحيث لا توفر الموازنة الحالية حلاً للأزمة المستمرة، وخصوصاً في ظل حالة عدم اليقين المحيطة بموعد انتهاء الصراع وبدء إعادة الإعمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com