هل يصبح الذهب أداة الادّخار الأولى
ليس غريبا أن يتحول “المعدن الأصفر” إلى ملاذ آمن للادّخار والاستثمار في لبنان بعد كل ما عاشه المدّخر اللبناني من لوعة مع المصارف إبان الأزمة المصرفية التي لا تزال رواسبها تثقل الاقتصاد الوطني.
منذ عام 2020 بدأت أرقام استيراد الذهب ترتفع تدريجا حتى وصلت في العام المنصرم إلى نحو ملياري دولار (مع الأخذ في الاعتبار أن بعض هذه الكمية المستوردة تصاغ في لبنان ليعاد تصديرها، وتاليا فهي ليست موجودة كلها في السوق اللبنانية أو في المنازل).
ثلاثة من أصحاب محال المجوهرات في سوق الذهب الشهيرة في منطقة بربور في العاصمة بيروت أكدوا لـ”النهار” أن الطلب على الذهب لم يتغير كثيرا في الأسابيع الأخيرة، لكنهم لاحظوا أن “زبائن الحرب” يطلبون الذهب غير المصوغ، أي السبائك بمختلف أحجامها والليرات. فهل يمكن أن يحل الذهب محل الدولار ويصبح أداة الادخار الأولى؟
يجيب الخبير في المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي: “إذا كان الادخار على المدى البعيد، فيمكن القول إن الذهب هو أداة الادخار الأولى والأفضل، وقد يتفوق على الدولار. العملة تهترئ على المدى البعيد وربما تفقد قيمتها، بينما الذهب يأخذ منحى تصاعديا على مدار السنين، ولكن إذا كان الادخار على المدى القريب لغرض استهلاكه بعد أشهر أو بضع سنين، فلا يزال الدولار أكثر ضمانا، إذ إن التقلبات في سعر الدولار لا تزال أقل بكثير منها في الذهب”.
ولا ينفي فحيلي أن للمفاجآت في سوق الذهب مكانا، خصوصا أنه معدن طبيعي يُستخرج من أرض بعض الدول في محيط قد يتعرض في أي آن لتغيرات جيوسياسية قد تؤثر سلبا على الذهب، مضيفا أنه “في حال حصول صدمة سلبية في الذهب، تكون وطأتها أشد من أي صدمة في الدولار، مع العلم أن مختربات الذكاء الاصطناعي دخلت سوق المجوهرات عبر صناعة معادن تشبه إلى حد كبير الألماس ويستحيل تمييزها عن الألماس الحقيقي، والخشية أن يحصل الأمر عينه مع الذهب”.
يبقى لرواج الذهب في السوق اللبنانية مخاوف عدة أبرزها التوجس من عمليات تبييض الأموال. اعتماد هذا المعدن أداةً للادخار، لا يُخرج الاقتصاد اللبناني من دائرة “اقتصاد الكاش”، وبذلك تبقى الحاجة إلى قطاع مصرفي حقيقي لا يقتصر دوره على عمليات السحب حصرا، أي أن الحاجة اليوم ماسة إلى معاودة المصارف دورها الأساسي المتمثل في استيعاب أموال الناس.
جاد فقيه – النهار