بين المطرقة والتعافي… “السندات اللبنانية” عامل الحسم
بين المطرقة والتعافي… “السندات اللبنانية” عامل الحسم
ارتفعت السندات السيادية اللبنانية بنسبة قاربت 100% من أدنى مستوياتها التي وصلت إليها في الأسواق المالية الدولية منذ الانهيار الاقتصادي في عام 2019، حين توقفت الدولة عن سداد ديونها. وتجاوزت أسعار التداول 13 سنتًا لكل دولار، مقارنة بـ6.5 سنت عشية اندلاع المواجهات العسكرية على الحدود الجنوبية. هذا الارتفاع في قيمة السندات اللبنانية “المعلقة” جذب اهتمامًا متزايدًا من قبل مؤسسات استثمارية خارجية، التي ارتكزت في إقبالها على التغييرات السياسية الداخلية التي تلت وقف الحرب، لا سيما التفاعل مع ملف انتخاب رئيس جديد للبلاد، الذي يُنتظر أن يعيد انتظام السلطات.
وفي هذا السياق، أفاد مسؤول مصرفي رفيع بأن المستثمرين يفضلون التريث في زيادة استثماراتهم في السندات اللبنانية إلى حين توافر معطيات موثوقة بشأن خطة الحكومة المستقبلية للتعافي الاقتصادي، التي تتضمن إعادة هيكلة الدين العام. يأتي ذلك في وقت تكفل فيه انهيار العملة الوطنية بزيادة الضغوط على الدين، إذ فقدت الليرة نحو 98% من قيمتها.
تتوقع مؤسسات مالية دولية، مثل وكالة “موديز” وبنك “غولدمان ساكس” ووكالة “بلومبرغ”، أن تتراوح القيمة المستقبلية لهذه السندات بين 25 و35 سنتًا لكل دولار، استنادًا إلى احتمال التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اللبنانية والدائنين المحليين والدوليين. ومن أبرز القضايا المعلقة، تعليق الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب دفع مستحقات “اليوروبوندز” المقررة حتى عام 2037، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 31 مليار دولار، ما أدى إلى تراكم فوائد غير مدفوعة تزيد عن 11 مليار دولار.
ووفقًا للمسؤول المصرفي، يعكس التناقض بين الإقبال الأجنبي على السندات اللبنانية والتباطؤ في التفاوض من قبل الحكومة القائمة حقيقة جديدة في القطاع المالي والمصرفي، حيث يتواصل “التغييب” لخطط الإنقاذ وإعادة هيكلة الدين العام، ما يعوق معالجة المشكلات المالية، وأهمها إيجاد حلول لحقوق المودعين.
وفي ظل هذه المعطيات، تواجه الحكومة خطر رفع المؤسسات الأجنبية لحملات قضائية ضدها في المحاكم الأميركية، وفقًا لما تحدده مواصفات الإصدارات القانونية، خاصة في ما يتعلق بالفوائد التراكمية التي قد تسقط بعد مرور خمس سنوات من تعليق الدفع. هذا، بينما أكدت جمعية المصارف أن المصارف اللبنانية لا يمكنها “التضحية” بحقوقها القانونية، وطالبت الدولة بالتحرك السريع لإيجاد حلول قانونية مبتكرة قبل أن تضطر المصارف إلى اتخاذ خطوات قانونية قد تؤدي إلى تداعيات جسيمة على الاقتصاد الوطني.
وفيما تشير القوانين إلى أن المصارف ستفقد حقوقها في المطالبة بالفوائد إذا لم ترفع الدعاوى القضائية قبل مرور خمس سنوات، تحذر الجمعية من أن التأخير في اتخاذ خطوات قانونية قد يؤدي إلى فقدان حقوق المودعين والمصارف في المطالبة بأصل الدين بعد مرور ست سنوات. وبالتالي، تطالب الجمعية بتعاون وثيق بين المصارف والدولة لإيجاد حلول عملية قبل الوصول إلى نقطة اللا عودة.